فصائل ( الجهاد ) الأسلامي و فصائل ( الكفاح المسلح ) اليساري

فصائل ( الجهاد ) الأسلامي و فصائل ( الكفاح المسلح ) اليساري

تأريخيآ من الممكن التطرق الى الحركات المسلحة التي ظهرت في التأريخ الأسلامي خصوصآ تلك التي اتخذت مواقف متشددة يطلق عليها في الوقت الحاضر بالمتطرفة و هي كثيرة و متعددة الا ان التنظيم الأبرز من تلك الحركات و الذي يعتبر الأول في التمرد و الخروج على الخلافة و الحكم و اشهار السلاح و العمل على اسقاط الدولة الأسلامية كانوا ( الخوارج ) و هي فرقة رفضت مبدأ التحكيم و رفع المصاحف و وقف القتال في معركة ( صفين ) بين جيش الخلافة ( علي بن ابيطالب ) و جيش التمرد ( معاوية بن ابي سفيان ) و خرجوا من صفوف جيش الخلا فة و هكذا كانت تسميتهم ( بالخوارج ) و كفرت هذه الفرقة كل المسلمين و نادت بقتل المخالفين بأعتبارهم كفارآ و ارتكبت من المذابح و الفظائع الكثير و بشكل عشوائي و ان كان اعضائها من المؤمنين الشديدي التدين .

اعتبر اغلب المؤرخين و علماء الدين المسلمين ان ( القاعدة و داعش ) هما الأمتداد الفكري و العقائدي للخوارج في التشدد و التطرف و المبالغة في عقوبة القتل و عشوائية الأماكن و المواقع المستهدفة و عمليات الأغتيال السياسي و العمليات الأنتحارية و هذا ما دأبت عليه التنظيمات الأسلامية المتشددة في كل دول العالم و هي تستقي تعاليمها من التنظيم المتطرف ( القاعدة ) و ان غالى البعض منها في الأجرام و الوحشية كما فعلت ( داعش ) و كذلك التنظيم الأجرامي الأفريقي ( بوكو حرام ) و صنوه الذي ينشط في الصومال ( حركة الشباب ) و الذي يميز التنظيمات الأسلامية المتطرفة عبر التأريخ هو الأفراط في القسوة و انزال العقوبة القصوى على الشك و الشبهة .

كانت اغلب الحركات الثورية المسلحة في العالم تميل الى الفكر اليساري المتطرف منه و المعتدل و قد شملت عمليات الحركات الثورية اليسارية المسلحة اغلب قارات العالم و ان تركزت بشكل راسخ في قارتي آسيا و امريكا الجنوبية كما كان للقارة الأفريقية نصيب في تلك التنظيمات الثورية و التي كانت منغمسة في الحروب التحررية من الأستعمار و كذلك كان في اوربا تنشط منظمات حرب المدن السرية فكانت منظمة ( بادر – ماينهوف ) الألمانية و كانت ( الألوية الحمراء الأيطالية ) و كذلك ( الجيش الجمهوري الأيرلندي ) و غيرها الا ان الثقل الأكبر كان في حركات الكفاح المسلح ( الماوية ) و التي اتخذت من القارتين الأمريكية الجنوبية و الآسيوية مسرحآ لنشاطاتهاالحربية ضد الطغم العسكرية الحاكمة و كانت الولايات المتحدة الأمريكية الداعم و المساند لتلك الأنظمة الدكتاتورية العسكرية .

أن اتفقنا مع الأفكار اليسارية او اختلفنا فذلك لا يمنع من القول ان كل الحركات اليسارية المسلحة لم تشهر السلاح و تقتل الناس لمجرد الأختلاف الفكري او العقائدي و ان حصلت بعض الأنتهاكات فأنها لم تكن من صلب اهداف تلك الحركات و كما تفعل و تعلن الحركات الأسلامية المتطرفة انما كانت مواجهة الحركات اليسارية دومآ مع القوات الحكومية بعيدآ عن المواطنيين و الأهالي المدنيين و حتى تلك التي كان لها نشاط عملياتي بارز في المدن الأوربية حيث لم تستهدف بالسيارات المفخخة و العبوات الناسفة الا الأهداف الحكومية من شخصيات و دوائر امنية و لم يكن في قاموسها استهداف الناس العزل مهما كانت انتماءآتهم الفكرية .

في ( العراق ) اجتمع الأضداد حيث كان المكان ( المناسب ) للتجربتين المسلحتين اليسارية و الأسلامية حين اعلن الجناح المنشق من ( الحزب الشيوعي العراقي ) الكفاح المسلح مستهدفآ اسقاط نظام حكم ( حزب البعث ) في نهاية الستينيات و بداية السبعينيات و أتخذت فصائل الكفاح المسلح من مناطق الأهوار الجنوبية النائية مركزآ و منطلقآ للعمليات ضد النظام الحاكم و لم يشهد اهالي تلك المناطق أي انتهاكات او تجاوزات بحقهم اقترفتها الفصائل اليسارية المسلحة و كذلك كانت فصائل ( الأنصار ) الشيوعية المسلحة و التي اتخذت من ( كردستان ) مركزآ لعملياتها في بداية الثمانينيات في الهجوم على قوات الحكومة العراقية ( حزب البعث ) و كذلك الحال لم تشهد تلك المناطق انتهاكات او اعتداءآت على الأهالي بل كان جل اهتمام قوات ( الأنصار ) المسلحة هو القوات الحكومية .

حين استولى تنظيم ( القاعدة ) الأسلامي المتطرف على بعض المدن العراقية عقب سقوط النظام السابق بدأت المحاكم الشرعية التابعة لذلك التنظيم بالعمل المثابر في ملاحقة المخالفين عقائديآ او غير المؤمنين بأفكار القاعدة من الناس و المواطنيين المسلمين و عرضت عليهم التوبة و الأعلان عن البراءة من افكاراهم و معتقداتهم او مواجهة العقوبات الصارمة و كذلك خير من غير المسلمين بين اعتناق الأسلام وفق معتقد ( القاعدة ) او دفع ( الجزية ) بشكل ذليل او المغادرة و فرضت قوانين ( القاعدة ) و شرائعها على الناس و اصبح من الواجب الألتزام الصارم بتلك القوانين و الأعراف تحت طائلة العقوبات الشديدة و هكذا كان الخلف ( داعش ) اشد عنفآ و قسوة و وحشية من السلف .

الفرق بين المجموعات المسلحة الأسلامية و بين اليسارية واضح و جلي في اسلوب التعامل و السلوك حيث تعتقد الفصائل الأسلامية الجهادية ان الأنتصار لا يتحقق الا بأسلمة المجتمع و بالقوة الغاشمة و الأجبار القسري ان لم يكن للأقناع من سبيل في جعل الناس يؤمنون بالأسلام و يؤدون فرائضه طوعآ او اجبارآ و كانت الفصائل الأسلامية الجهادية سرعان ما تقيم ( دولة اسلامية ) حسب مفهومها على الأرض التي تستولي عليها مهما كانت صغيرة او نائية في حين ان الحركات اليسارية التي اعتمدت طريق ( الكفاح المسلح ) لم تجبر اهالي المناطق ( المحررة ) التي اتخذت قواعد في مهاجمة العدو لم تجبر اولئك الناس على الأيمان بمعتقداتها و تركت لهم حرية المعتقد ولم تؤسس دولآ ( يسارية ) على الأراضي التي استولت عليها بل كان هدفها هو اسقاط الأنظمة الحاكمة و أقامة البديل ( العادل ) وفق ما توقن و تؤمن به من نظريات و افكار .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here