الرؤوس المُبرمجة بالأضاليل!!

رؤوسنا مستلبة ومصادرة العقل والقدرة على التفكير والتمييز والتقييم , وذلك أنها محكومة بالأضاليل المعززة بالطاقات الإنفعالية والسورات العاطفية الحامية الوطيس.
فهذا يحب هذا , وهذا يكره هذا , وهذه المجموعة من الناس تكره هذا وتحب هذا , وهكذا دواليك , فالرؤوس منشطرة ومتخندقة في حالتين متقاطعتين , ولا يمكن لإحداهما أن ترى بغير ما عليها أن ترى وتتصور وتعتقد وتؤمن وتصدق.
فلا يكون الحال مخالفا لرؤيتها الراسخة فيها , ولا التوهم بأن الآخر قد تغير أو أنه يفكر ويمتلك عقلا , فموضوع العقل لا وجود له ولا دور ولا قيمة ولا معنى في دوامة الأضاليل الفاعلة في الرؤوس والنفوس!!
هذا الواقع السلوكي يخيم على الحياة ويقحمها في دوامة الويلات والتداعيات الأليمة القاسية التي تتفاقم وتتوالد منها مشكلات عصية على الحل , لأن العقل لا يمكنه أن يعمل , والعواطف والإنفعالات هي التي تسود وتتأكد.
فأنت تجزم أن فلان الفلاني يرى كذا وهو كذا , ولا تستطيع أن تراه بغير ما ترى أو تتصور عنه , فهو في مواطن إدراكك كما شبّهَ لكَ , وما هو بهو الذي ترى , وإنما هو شيئ آخر وصورة مغايرة لما ترسب في رأسك من الأضاليل والأباطيل.
قد يقول قائل , عمّاذا تتحدث , والجواب أن هذه الظاهرة تشمل كل مناحي الحياة , وتتأكد بوضوح وقسوة في المواضيع الدينية وتستثمر فيها التطلعات الطائفية والمذهبية والفئوية , وتحسبها تجارة ذات مردودات مادية كبيرة ومربحة.
ولهذا تجد ما يعززها ويزيدها قسوة وشدة ودموية , لكي تكون الأضاليل راسخة ومقرونة بطاقات إنفعالية هائلة تمنع العقل من النظر فيها وتمحيصها , فيتحقق الإستعباد والإمتهان ويكسب المتاجرون بها ويتربحون على حساب أرواح ومصير المغرر بهم المستعبدين بالأضاليل.
ويبدو أن الطبع البشري ميّال للقبول بالأكاذيب والدجل ويخشى مواجهة الحقيقة والواقع , لأن في المواجهة جد وإجتهاد وفي تصديق الأكاذيب راحة بال.
فهل نستطيع أن نزعزع أركان الأضاليل؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here