علّة آلمآسي فقدان ألوعيّ ألكونيّ لدى العلماء و النُّخبة!

بقلم ألفيلسوف الكونيّ عزيز الخزرجي

لأنّ أكثر شعوب ألعالم .. و حكوماتها لا يُريدون للحقّ أن يُعملَ به جهلاً – هذا بآلنسبة للشعوب – و تجاهلاً .. بآلنسبة للحكومات و معها آلنّخب .. و بآلنّظر لتَنَمّر ألذّات في آلطرفين .. للبقاء و الظهور و للثّراء و الرّفاه بكل الوسائل الممكنة وعلى حساب الفقراء و حتى إراقة الدّم؛ فإنّ الناس سواءاً كانوا شيعة أو سُنّة أو غيرهم .. واعظين كانوا أو مراجع دِين أو أحزاب؛ لا و لن يتوقفوا عن حرب الحُسين و أصحاب الحسين(ع) و باسم الحُسين و هنا تكمن المصيبة العظمى و ذلك بقتل نهجه ألذي كان يسعى لتطبيق العدالة حتى في شربة ماء و لقمة خبز و لباس و مسكن و راتب و مستوصف بل ما دون ذلك كثيراً .. أو كما قال عليّ(ع):

[… و أعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها (1)، ومعجونة شنئتها كأنما عجنت بريق حية أو قيئها، فقلت أصلة أم زكاة أم صدقة فذلك محرم علينا أهل البيت. فقال لا ذا و لا ذاك ولكنها هدية. فقلت هبلتك الهبول (2)، أَ عَنْ دين الله أتيتني لتخدعني؟ أَ مُختبط أنت أم ذو جنة أم تهجر (3)؟ و الله لو أعطيت الأقاليم ألسّبعة بما تحت أفلاكها على أنْ أعصي الله في نملة أسلبها جِلب شعيرة (4) ما فعلت و إن دُنياكم عندي لَأَهون من ورقة في فم جرادة تقضمها (5) ما لعلي و لنعيم يفنى و لذة لا تبقى. نعوذ بالله من سبات العقل (6) وقبح الزلل وبه نستعين – (ومن دعاء له عليه السلام) اللهم صن وجهي باليسار (7)، و لا تبذل جاهي بالإقتار فأسترزق طالبي رزقك، وأستعطف شرار خلقك، وابتلى بحمد من أعطاني، وأفتتن بذم من منعني، وأنت من وراء ذلك كله ولي الإعطاء والمنع ” إنك على كل شئ قدير](8).

لذلك لم يُساوم الظلم لأجل منصب أو راتب أو مقام .. بل و فوق ذلك قدّم حتى الطفل البريئ و الشّاب اليافع و حتى الشيخ الكبير هدايا للمعشوق لمساندة الفقراء .. لأنّ العدالة الكونيّة كانت من صُلب الثورة التي سبقه إليها والده(ع) يوم خيّره المقرّبون؛ بين حكم الأرض كله أو آلشهادة , بمجرّد المصالحة مع معاوية .. و إمهاله مدّة في بداية الأمر ريثما تنتظم الأمور ليتم القضاء عليه .. لكنه(ع) رفض و إختار الشهادة في المحراب للخلود.

و سيجرّب طلاب الدّنيا مِمّن أشرت لهم في المقطع الأول من هذا المقال؛ كلّ شيء بما فيه حتى إسم الحُسين و قميص الحسين(ع) لإجهاض و محو و واد قضية الحسين لأجل الدّنيا و كما هو القائم اليوم على أرض العراق و في مدينة الحُسين (كربلاء) نفسها!

إن ما جرى يوم عاشوراء و لحدّ هذه اللحظة؛ إنما كان لخنق و تضعيف و تشويه حقيقته(ع)؛ ليستمر الفساد و الفوارق الطبقية و الحقوقية بظلّ العلماء و المراجع و الأحزاب اللاهثة وراء المال و الرواتب وهم يشهدون الظلم للأسف و يسكتون .. لبقاء أبواب دكاكينهم و لافتاتهم مفتوحة لدرّ المليارات من الفاسدين .. و تلك من عجائب الزمن.

أيُّ عالم مجنون هذا الذي نعيشه!؟ تخيّلوا إلى أين وصلت الدّناءة و الخيانة و موت الضمير و عبادة الذات, بعد ما بات الجّميع يتآمر على الحسين(ع) و باسم الحسين(ع)!؟
على حقّ الحُسين(ع) وعلى مطلبه الأساسي الذي لا ينطقون به حتى أهل المنابر – على نهج مراجعهم – كي لا تُخرب مجالسهم و تتعطل دكاكينهم .. لهذا سيستمر التآمر عليك و على قميصك الأسود أيّها الفقير المُعْدَم, ما دُمت لا تعي أصل القصة و سبب الشهادة!

سيستمر إستحمارك بسبب برائتك الإنسانيّة وأعلامك السّلمية المرفوعة لله, لأنك أيّها الفقير قد كتبت عليها إسم الحسين(ع) و لم يعطوك حتى قوت يومك كما فعل المتحاصصون بلا حياء بحيث لم يبق أحداً من الخط الأول و الثاني و حتى الثالث فيهم لم يصبح مليونيراً!؟

و ستستمر المحنة عليك وعلى مجلس عزائك البسيط .. ألذي يشبه مظلوميّة الحُسين(ع), و مظلومية تلك المرأة العجوز – كانت جارتنا في شارع المهدية وسط طهران – و التي لم يحضر عزائها حتى سيّد المنطقة و شيخها لكونها كانت فقيرة و لا تملك (آلتّمن و القيمة و الفواكه) فحضر ثلاثة أشخاص فقط, فواساها صاحب الزمان و أمه فاطمة(ع) بحضورهما لذلك المجلس حتى شهد جارها عند رؤية الحادثة في المنام بأن العزاء الوحيد الذي قبله الله تعالى هو عزاء تلك العجوزة و من حضر!؟

و فوق هذا كلّه و لتتعقّد المآسي أكثر .. قال (آلجّهلاء) أخيراً و بلا حياء:

أنّ الحسن و الحُسين(عليهما السلام) شاركا بظل قيادة ألخليفة (عمر) في فتح بلاد فارس بينما أبوهم و هو فارس الفرسان و بطل العرب و العجم؛ لم يخرج و لم يشارك حتى في غزوة أو في حربٍ واحدة بظّله, فكيف يمكن أن يرسل إبناهُ للقتال و يقعد هو في البيت!؟

و هذا أخطر ما إطلعت عليه بعد إيراده في الطبعات الأخيرة لتأريخ الطبري و غيره, إنّها محاولات بائسة لتشويه العدالة كمحاولات معاوية و يزيد و آل مروان و آل عباس و آل عثمان!؟

أ لم يغروا سمرة بن جندب لتزوير الحقائق القرآنية بتنسيب آية (الولاية) لعبد الرحمن بن ملجم وآية (الكفار) لعلي بن أبي طالب حاشاه؟

إن علّة ألعلل في إستمرار المآسي وآلمظــالم تكمن في فقدان الوعي الكونيّ لدى النُّخبة ناهيك عن مَنْ يليهم من الكُتّاب والمثقفين!
لهذا عليكم بآلفلسفة الكونيّة .. ففيـها النّـجاة و إلا فإنكم مع كل لحظة و ساعة و يوم يمرّ؛ تزيدون قلب صاحب الزمان ألماً و حرقة.
و لمعرفة حقيقة ثورة الحسين(ع) و علّة العلل في حدوثها عليكم و كما نعلن لكم كلّ سنة؛ دراسة و وعي كتابنا الموسوم بـ:
[مأساة الحسين(ع) بين جفاء الشّيعة و جهل السُّنة] على الرابط التالي:
https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D9%85%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%8A-%D9%86-%D8%B9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%AC%D9%81%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B4-%D9%8A%D8%B9%D9%87-%D9%88-%D8%AC%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86-%D9%87-pdf

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الملفوفة نوع من الحلواء أهداها إليه الأشعث بن قيس. وشنئتها أي كرهتها. والصلة العطية.
(2) هبلتك – بكسر الباء – ثكلتك والهبول – بفتح الهاء – المرأة لا يعيش لها ولد. عن دين الله متعلق بتخدعني.
(3) أمختبط في رأسك فاختل نظام إدراكك، أم أصابك جنون، أم تهجر أي تهذو بما لا معنى له.
(4) جِلب الشعيرة بكسر الجيم – قشرتها. و أصل الجِلب غطاء الرحل فتجوز في إطلاقه على غطاء الحبة.
(5) قضمت الدابة الشعير – من باب علم -: كسرته بأطراف أسنانها.
(6) سبات العقل نومه. والزلل: السقوط في الخطأ.
(7) صيانة الوجه حفظه من التعرض للسؤال. وبذل الجاه: إسقاط المنزلة من القلوب. واليسار: الغنى. والإقتار: الفقر. وقوله: فأسترزق ترتيب على البذل.
(8) نهج البلاغة – خطب الأمام عليّ(ع) – ج2 الصفحة 218.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here