راضي المترفي
الذكور يشكلون نصف العالم لكن الرجال قلة قياسا لهذا العدد الضخم من الذكور والرجولة مواقف تتوالى من صاحبها حتى تصبح معلما يشار له بالبنان ويكاد العباس بن علي بن أبي طالب ان يكون رجلا متميزا بين رجالات التاريخ على امتداد حقبه وازمنته والعباس ولد في حجر علي بن أبي طالب رجل الإسلام الاول وعدل القرآن وكاشف الغم عن وجه رسول الله .ص. وحامل رايته في حروبه وكانت تضحيته التي لم يصل لها رجل آخر إلا العباس هي مبيته في فراش رسول الله ليلة اجتمعت القبائل على قتله وإنهاء رسالته . والعباس ابن سيد من نطق من اهل الوبر والمدر واعدل من حكم واحزم من قضى بين الناس بالعدل والإنسان الاول في إنسانيته. ولد العباس في هذا الحجر الطاهر فتعلم منه حسن الخلق وجمال الانسانية والإيثار وتعاليم السماء وسارت بأخبار شجاعته الركبان في يوم ( القنطرة ) وهو لايزال غضا يافعا وكان رجل علم وسيف حتى عد من علماء أمة محمد . وكان العباس للحسين كما كان هرون لموسى وكما كان علي لمحمد وكما كان الأشتر لعلي لكنه زاد عنهم بالشهادة بين يدي الحسين في ساحة المعركة وهو قرير العين بما قدم وأوضح العباس عليه السلام انه لم يدافع عن الحسين بموجب القربى أو الإخوة أو أسباب قريبة من هذا انما جاء ولاءه ودفاعه ووقوفه مع الحسين لسبب أعلنه بكل وضوح في طف كربلاء يوم اعلن على رؤوس الأشهاد:
( اني احامي ابدا عن ديني
وعن أمام صادق يقين )
اذا كانت حروب العباس مع علي ليس لأنه والده بل دفاعا عن الدين خلف امام صادق لا يرقى الشك إليه وكررها في كربلاء مع أمامه الحسين دفاعا عن دينه وجاد بنفسه وكان في قضية الإيثار والوفاء نموذج قد لاتجود بمثله الايام بعده إذ وقف مع الإمام الحسين . وفي كل موقف ترك بصمة وفاء ودفاعا عن الدين واطاع أمامه مخلصا وأثره على نفسه في كل المواقف في حضوره وغيابه وليس بعيد مشهد جلوسه على شاطيء النهر وهو الظاميء فيغرف بيده الشريفة ماء ولم يقربه من فمه بل رماه من كفه وقال زاجرا نفسه :
( يا نفس من بعد الحسين هوني
فبعده لا كنت أو تكوني
هذا الحسين شارب المنون
وتشربين بارد المعين )
واظن ان لا يوجد إيثار أبعد من هذا وقد لا يصدر من غير العباس الذي حامى عن دينه خلف امام حق صادق ونال الكرامة في الدنيا والآخرة وكان نموذجا حيا لعلماء أمة محمد . ص. في الدفاع عن الدين وتشخيص الإمام الصادق والصادح بالحق لأتباعه.
سلام على العباس يوم ولد في حجر علي
وسلام على العباس يوم استشهد في حضرة الحسين
وسلام على العباس يوم يبعث حيا في عرصات القيامة حاملا لواء ثورة الحسين .