الا يتشابه الافراط في الحرية والجهل في زمن كوفيد- 19 ؟

الا يتشابه الافراط في الحرية والجهل في زمن كوفيد- 19 ؟
أ.د عبودي جواد حسن \جامعة عجمان \الامارات
الحرية في سياق المسئولية الاجتماعية من الأمور التي تستهويها النفس البشرية ولكن الافراط في ممارسة الحرية في المجتمع امر خطير ومهلك في نهاية المطاف. وهو نتيجة لسوء القيادة في المجتمع التي امتد أسلوب انتخابها لعدة قرون دون تحديث بحيث يؤدي الى صعود شخصيات استبدادية غير متزنة الى قمة القيادة وهي شخصيات لا يهمها شيء سوى مصلحتها كما هو حال الديمقراطيات في الغرب
امن المعقول ان يتجاهل الانسان اساسيات البقاء ويسترشد بأقوال قائد جاهل سطحي التفكير بحيث يحاول جعل إرادة السياسة فوق العلم والعلماء من اجل مصالح ذاتية؟ نعم هذا ما يحث في الغرب في زمن كوفيد 19 حيث يفضل القائد مارب شخصية على سلامة الافراد الذين لا يحبون التنازل عن الافراط في الحرية ويستمتعون بوقتهم ولا يهمهم الاخرين ومستقبل البلاد.
اما الجهل فمن اساسياته التعلق بالظاهر وعدم الايمان بالجوهر والقبول بأقوال القادة وبالخرافات او قد يكون الدافع إرضاء لحاكم او لقديس كما يقول ابو الطيب:
ا غاية الدين ان تحفوا شواربكم يا امة ضحكت من جهلها الامم
ففي بعض قرى وارياف بلدان العالم الثالث و في بداية انتشار كوفيد 19 اعتقد الكثير من الناس ان ابخرة الدخان والبخور والحرمل قادرة على ابادة فيروس حجمة اصغر 10000 مرة من حبة الملح. كما اعتقد هؤلاء ان ابتلاع بصاق بعض الاشخاص الذين ينتسبون الى كبار القديسين والانبياء في ديانتهم يقضي على هذا الفيروس تماما والبعض الاخر التجئ الى العطارين وبائعي الاعشاب للتخلص من اخطار هذه الامراض كما هي العادة في هذه البقاع. كل سبل الجهل هذه لم تنقذ هؤلاء المجهلين من هذا المرض.
والجهل والتجهيل قديم قدم الزمن وقد طوعه الاعلاميون والسياسيون لخدمة اهدافهم وتحقيق غاياتهم فقد نشروا الاشاعات ليصدقها الناس و مثلا على ذلك استغلال تضاريس القمر والادعاء بانها صور لمحبيهم من الساسة والسياسيين الكرزماتين ويجعلون الناس البسطاء يصدقون اشاعتهم ويعرضون استقرار بلدانهم للأخطار والمهالك.
اما ا الحرية المفرطة فهي نوع من أنواع الانانية القاتلة التي تؤدي الى ازهاق الارواح واحداث الاضرار المادية او قد تؤدي الى الاعاقة الجسدية او العقلية او كلاهما ومن امثلة ذلك إصرار فئات من شعوب الغرب على تجنب ارتداء المكامة والتزام بتوصيات العلم والعلماء في التباعد الاجتماعي مثلا. وكل الأديان والمعتقدات تقريبا تدعو الى العقلنة في السلوك في كل الأحوال. ولم يفت ذلك شاعرنا المتنبي عندما قال:
فان قليل الحب بالعقل صالح وان كثير الحب بالجهل فاسد
والحب في قول المتنبي يعني الحرية في السلوك فان زادت عن حدها أصبحت مدمرة وان قلت وارتبطت بالعقل فأنها تجنب المجتمع الشرور
ويتفق تشارلي شابلن الممثل العالمي الشهير في الراي مع المتنبي حيث يقول “الحرية هي أن لا تتعلق بأي إنسان أو حيوان أو مكان أو أي مبدأ, حيث ان التعلق هو جزء من الموت.”

وخلاصة القول الا يتساوى الجهل والتجهيل في مجتمعات العالم الثالث مع الافراط في الحرية السائد في المجتمعات الغربية في التأثيرات السلبية المدمرة للمجتمعات والامبراطوريات في زمن الكوارث العالمية الكبرى كزماننا هذا زمن الكوفيد- 19 الذي اجتاح العالم دون توقف حتى هذه اللحظة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here