الفساد في العراق اصبح علم يدرس للأجيال المقبلة

الفساد في العراق اصبح علم يدرس للأجيال المقبلة
د . خالد القره غولي
النظرية النسبية التي قدمها أينشتاين ( 1879 – 1955 ) العالم الفيزيائي اليهودي الذي ولد في ألمانيا وتوفي في أمريكا إلى العالم بين عامي 1905و 1906 لم يكن هو مكتشفها أساسا بل طور العمل بها لأن العالم الإيطالي غاليلو هو من قدم للعالم النظرية النسبية العامة في عام ( 1636 ) الفرق بين الاثنين أن غاليلو اعتبرته الكنيسة الكاثوليكية من أتباع السحر والهرطقة وحكم عليه بالإقامة الجبرية في بيته حتى وفاته .. بينما أعتبر أينشتاين مؤسس العلم الحديث وبخاصة بعد العمل في تفاصيل النظرية عام 1920 وحصوله على جائزة نوبل في الفيزياء.. والفساد في العراق علم متكامل إكتشفه أولا علماء وضعوا النظرية النسبية العامة للفساد مثل غاليلو ( مع الفروقات الأخلاقية طبعا!).. هؤلاء رضخوا لعقوبات وقوانين الدولة العراقية الحديثة منذ تأسيسها في عام 1921وحتى عام 2003 منهم من سرق دينارا واحدا وحكم عليه بالسجن عشر سنوات ومنهم من غش في دواء أو بضاعة فاسدة أو أساء للناس في تعامله معهم فنال حقه إما بالسجن أو الفصل من الوظيفة أو التعزير.. أما العملاء والخونة والجواسيس ومن يحاول أن يفتح أبواب العراق وحدوده الآمنة لأي قوة أو بلد أو جار فمصيره معروف !بعد عام 2003 طور علماء الفساد في العراق النظرية النسبية العامة للفساد وقلبوا المنطق ووضعوا ملاحق لنظريتهم وقوانين وتعديلات.. ففي العراق فقط(وهو أمر لا يمكن حدوثه حتى في الخيال ) يتباهى ويفتخر رئيس أحد الكتل السياسية المعروفة جدا، أنه كان عميلا لخمسة عشر مخابرات دولة أجنبية! وآخرون ينشرون صورهم في وسائل الإعلام وبلا خجل وهم يرتدون ملابس عسكرية للقتال إلى جانب دولة معادية ضد أبناء شعبهم وطائفتهم بحجج مضحكة .. هذه الوقاحة على سبيل المثال ناتجة عن فلسفة عميقة التوغل في تغيير بعض الأساسيات العقائدية البديهية للإنسان بشكل عام .. إذ كيف يمكن لإنسان عاقل مثلا أن يقتل أمه أو يكره إبنه أو يحاول تجويع أقربائه ؟! هؤلاء علماء تمكنوا من تغيير النظريات العلمية الهادفة إلى توحيد جهود الشعوب والأمم لمكافحة الفساد أينما وجد .. غاليلو أقام في بيته ولم يخرج ولم يذكره أحد إلا بعد قرون .. بينما يذكر العالم أن أينشتاين غير التسلسل التاريخي للعلوم وقرب البشرية من يوم القيامة رغم نواياه السليمة التي إستغلها العاملون في الجانب السلبي من العقل وأغرقوا العالم بالأسلحة النووية والهيدروجينية والنيوترونية .. أما في العراق فقد تجاوز العراقيون النظر إلى علماء الفساد القدماء وبدأوا بالإطلاع يوميا إن لم يكن في كل ساعة على علماء فساد نسبيين أذكى من أينشتاين.. فكيف يمكننا أن نصدق أن مسؤولا أو وزيرا أو سياسيا أو سفيرا أو قائدا عسكريا أو أمنيا يرتكب خطأ أو انتهاكا للقانون أو اتخذ موقفا معاديا للشعب العراقي لم يحاسبه أحد ولم يعرض أصلا على محاكم أو سلطات قانونية كي يتم التأكد من ولائه وأمانته وإخلاصه لشعبنا الصابر .. مئات العملاء والجواسيس ممن كان سببا في دخول قوات الإحتلال الداعشي إلى العراق وتحويل نصف العراقيين إلى نازحين يخرج علينا ضاحكا مبتسما من على شاشات التلفزيون لأنه يمثل كتلة حزبية أو سياسية .. بل وصل الأمر إلى قيام فراعنة وقياصرة في سرقة أموال العراقيين بالظهور مدافعين عن حقوق الشعب في مؤتمر صحفي ضم عددا من كبار قطاع الطرق السابقين واللصوص والمزورين .. العراقيون بدأت خيوط اليأس تتسلل إلى قلوبهم وهم يتفرجون على ولاة أمورهم يتصارعون ويتقافزون فوق كراسي السلطة بينما ينتظر أكثر من أربعة ملايين عراقي متناثرين في المخيمات من يمد يد العون لهم.. وملايين العراقيين أصبح الفقر والبطالة والعوز والمرض ملازما لكل دقيقة من حياتهم.. الكل يشتكي وينتظر من ينقذهم من حالهم ثم يتفاجأ العراقيون المساكين بمؤتمر صحفي كبير ومهم وخطير جدا !
ما هذا الخراب ؟ ما هذا الفساد والسخرية والاستهزاء بعقولنا؟ لا جواب .. إذ لا يجوز الاعتراض على أبرز علماء النظرية النسبية في خراب العراق وضياع مستقبله ، عليه فإن الفساد في العراق تحول من جريمة يعاقب عليها القانون ويعترض على مرتكبيها أفراد المجتمع ، إلى نظرية علمية ودراسة نظرية وتطبيقات عملية لها .. نتائجها إذلال العراقيين وزيادة معاناتهم وتقطيع أوصال وحدتهم وإلا ما هو التفسير المقنع الواحد لتكاثر الفاسدين في بلدنا وتسلقهم إلى السلطة من جدران الفساد! ولله الأمر

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here