أبي ونظرية الفوضى ونظرية الصدفة

أبي ونظرية الفوضى ونظرية الصدفة.

كنت في اتصال هاتفي مع الوالد والوالدة اللذين جعلتهم نظرية الفراشة ( نظرية الفوضى ) ،او نظرية الصدفة من وجهة نظري ، ان يعيشوا في الولايات المتحدة ، وان تجعلني اعيش في قارة استراليا ،وكالعادة بعد السؤال عن الحال والاحوال بدأ والدي بسرد قصة حدثت له عام 1942 وهو في الخامسة من عمره وخلاصتها انه عانى من الم شديد وغير قابل للاحتمال وظل يعاني لمدة اكثر من شهر بعد ان جعل هذا الالم حياة عائلته غيرة مستقرة ومضطربة في النهار وفي الليل ،وهم يسكنون بلدة القوش حيث الطب والتقدم العلمي في العالم بشكل عام والعراق بشكل خاص لم يكن بهذا المستوى الذي نعرفه اليوم في عالمنا الحاضر.، فقد تم ﺇﻓﺘﺘﺎﺡ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺍﻟﻤﺠﻴﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻋﺎﻡ 1900وكانت العمليات الجراحية تتم في ظروف أقل ما يقال عنها إنها قاتلة ، إذ تغيب الظروف الصحية المناسبة وأهمل الأطباء ارتداء القفازات والأقنعة الصحية الواقية. واستخدم الأطباء المخدر الموضعي للمرة الأولى في العام 1922 بعدما أصبح مخدر “نوفوكاين” متوافرًا للاستخدام في الولايات المتحدة، علمًا أن عددًا كبيرًا من العمليات الجراحية كان يتم في تلك الفترة دون أي مخدروكان المريض يربط بالحبال كي لايتحرك من شدة الالم .

فقرر والده (جدي ) ان ياخذه الى الموصل( اول مستشفى تعتمد على كادر متعلم في الموصل تاسست عام 1923 باشراف طبيب انكليزي ومساعدة طبيب او طبيبين عراقيين وعدد قليل من الممرضات ) لعرضه على الطبيب في المستشفى فتم تشخيصه بان هناك حصى كبيرة في الكلى ويحتاج لعملية والوقت كان صيفا وهو غير ملائم لاجراء العمليات لعدم توفر صالات معقمة وكانت غرف العمليات عبارة عن غرفة عادية وسرير عادي ومجموعة مشارط فاخبروهم بان نسبة النجاح 5% فقط . فاضطر والده على الموافقة ونجحت العملية وعاش ابي بعد ان حالفه الحظ . وبعد انتهاء المكالمة بدأت افكر ماذا لو كان قدر ابي ان لاتنجح العملية وماذا كان سوف يحصل بعدها ..؟ وربطه بالاحداث ، فان رحيل ابي حينها كان سيغير تاريخ عائلته بالكامل وسوف يختفي الكثير من البشر ومن ضمنهم كاتب السطور وهكذا ذهبت بتفكيري الى اعمق من ذلك ورجعت الى الوراء لآلاف بل ملايين السنين وكيف ان اجدادنا لو تاخروا دقيقة واحدة في ممارسة الحب مع زوجاتهم لكان تغير شكل التاريخ وشكل العالم وشكل البشر وكل شئ ولم يكن هناك ارسطو او نيوتن او انشتاين او هتلر او حتى الانبياء والديانات كانت اخذت اسماء واشكال مختلفة. ووصلت الى قناعة اننا كبشر والطبيعة من حولنا مانحن الى صنيعة تلاقي وتلاقح ملايين لابل مليارات الصدف لنكون نحن . ولنأخذ مثالا لو ان اي صدفة من مليارات الصدف في حياة سلسلة اجداد صدام حسين وجورج بوش الابن ولانقل قبل مليون سنة لابل قبل اكثر من قرن قليلا فكيف ستكون احداث تاريخ العراق الحديث منذ عام 1968 ولحد الان ،لايمكننا ان نتخيل كيف سوف يكون وضعنا جميعا فهناك مليارات الاحتمالات لانريد الخوض في تفاصيلها ولكن نترك ذلك للقارئ ان يتخيلها كل حسب خياله . ونظرية تاثير الفراشة او نظرية الفوضى هي نظرية فلسفية فيزيائية و تعتبر ثالث أهم نظرية بعد النسبية لآنشتاين والنظرية الكمية (ميكانيكا الكم). فهذه النظرية تحاول أن تكتشف النظام المخفي في عشوائية الكونو تنسب الى عالم الرياضيات ادوارد لويرنتز عام 1963 عندما حاول تطبيق المعادلات الرياضية للتنبوء بالاحوال الجوية فحصل على نتائج متفاوتة ومختلفة وكان السبب في ذلك اهماله بعض الارقام بالمرتبة الخامسة بعد الفارزة 0.00001 ولكن هذا الرقم بالتجارب التراكمية المتكررة سوف يكون لها تاثير هذا من ناحية المعادلات الرياضية وكمثال اقرب انك تستقطع سنتا واحدا من الحساب البنكي لمليارات المشتركين حول العالم كل يوم فانك بعد فترة ليست بالطويلة ستكون ملياديرا . وسميت ايضا بنظرية تاثير الفراشة فان تحريك جناح الفراشة في بقعة معينة قد يكون المسبب (وليس السبب الفعلي) باحداث اعصار في مكان ما. بمعنى اخر فان نظرية تأثير الفراشة تعني ان اي حدث يحدث في كوكبنا الارضي يكون له ردة فعل او ناتج من حدث اصغر منه بكثير وقد لايكون محسوسا وبعض الامثلة التي تؤكد ذلك . الكتاب المقدس للسيد المسيح فان حياته القصيرة وكلماته للتلاميذ كانت جناح الفراشة وتاثيره على ملايين البشر وحياتهم كانت الاعصار . ومثال اخر قيام الحرب العالمية الاولى في الشهر السادس من عام 1914 عندما تعرض ولي عهد النمسا فراند فيرديناند للاغتيال، وذلك عندما أضل سائقه ودخل شارعا بالخطا ليتعرض للاغتيال وأعلنت على إثر ذلك الحدث الحرب العالمية الأولى ومن بعدها الثانية ، فمقتل ولي عهد النمسا هو حركة جناح الفراشة والحربان العالميتان هي الاعصار. والامثلة كثيرة وغير محدودة قد تبدو الأمور من وجهة نظر أرضية وكأنها تحدث بالصدفة،او نتيجة الفوضى او العشوائية ولكن من خلال الكتب السماوية يتبين لنا أن الله متحكم في كل الخليقة، وهو قادر أن يأخذ قوانين الطبيعة التي تبدو عشوائية، وإرادة البشر سواء الأشرار أو الصالحين، ونوايا الشيطان الشريرة ويستخدمها كلها لتحقيق إرادته الكاملة والصالحة (تكوين 50: 20؛ أيوب الأصحاحات 1 و42؛ يوحنا 9: 1-7). كما يوجد وعد للمؤمنين بصورة خاصة بأن يجعل الله كل الأشياء، سواء الجيدة أو السيئة، تعمل معاً للخير للذين يحبونه الذين هم مدعوون حسب قصده (رومية 8: 28)وهكذا نجد الكثير من الايات في سفر الجامعة هي انعكاس للمنظور الشخصي للحياة الارضية بدون وجود الله سفر الجامعة 9: آية(11): “فعدت ورأيت تحت الشمس أن السعي ليس للخفيف ولا الحرب للأقوياء ولا الخبز للحكماء ولا الغنى للفهماء ولا النعمة لذوي المعرفة لأنه الوقت والعرض يلاقيانهم كافة.” آية(12): “لأن الإنسان أيضًا لا يعرف وقته كالأسماك التي تؤخذ بشبكة مهلكة وكالعصافير التي تؤخذ بالشرك كذلك تقتنص بنو البشر في وقت شر إذ يقع عليهم بغتة.” ويقول الاب ديف فليمنج إن الإنجيل يؤكد لنا أن الكون خلق من فوضى، وأن الرب قد اختار الفوضى ليخلق منها الكون، وعلى الرغم من عدم معرفتنا لكيفية هذا الأمر، إلا أننا متيقنون أن الفوضى كانت خطوة مهمة في عملية الخلق. فلنتذكر دائما بان كل عمل خير مهما كان صغيرا او كلمة طيبة لها تاثير على الكون في المستقبل ولذلك علينا جميعا ان نؤمن بقدراتنا وانها قادرة على صنع التغيير.
د. عامر ملوكا

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here