النفاق الألماني ــ والأوروبي بين نافالني و الهاشمي

بقلم مهدي قاسم

لعلنا لا نضيف شيئا جديدا إذا أشرنا إلى النفاق السياسي المقرف الذي اتسمت و تتسم به غالبية الحكومات الأوروبية على الإطلاق ، بخصوص المسألة المتعلقة بحقوق الإنسان في العالم وأحوال المعارضين ، ولا سيما من ناحية الكيل بمكيالين ، واعتبار أحد المعارضين المضطهدين في بلدان العالم شخصا مهما و ذات قيمة ، بينما معارضا ثانيا في بلد آخر بلا قيمة أو عديم أهمية ..

وما الضجيج السياسي المُثار حول عملية تسميم المعارض الروسي نافالني إلا دليلا إضافيا على ما نقول ، مقابل الصمت إزاء عملية قتل أكثر من سبعمائة متظاهرا عراقيا فضلا عن جرح وعوق 25 ألف آخر ..

لأننا الآن إزاء معارض واحد ــ طبعا على أهميته الإنسانية وقيمته الآدامية ــ قد سُمم في ظروف غامضة ، ولكنه على الأقل لم يمت ــ مثلما قُتل سبعمائة متظاهرا عراقيا كما اسلفنا قبل قليل ــ وقد جرت عملية نقله إلى ألمانيا للحصول على رعاية طبية جيدة ، بتواز مع تصريحات نارية وتهديدات اقتصادية عقابية ضد روسيا حتى دون انتظار التأكد من حقيقة تورط بوتين في عملية التسمم أم لا ، بينما في مقابل ذلك وجدنا صمتا عجيبا إزاء عمليات قتل شبه يومية ضد المتظاهرين العراقيين في العام الماضي في غضون العام الحالي أيضا ، طبعا ، زائدا عمليات الخطف والاغتيال والتغييب الأخرى الجارية على قدم و ساق و ركبة أيضا !!..

بل حتى مقتل فتاة مثل الدكتورة ريهام لم تحرك عندهم نخوة إنسانية أو إثارة نزعة ديمقراطية ليبرالية لديهم ، ليحتجوا على عملية اغتيالها مثلما فعلوا ويفعلون في حالة المعارض الروسي نافالني حاليا وبشكل يومي !!..

طبعا يخطأ من يظن أم المواطن الروسي غال جدا ـــ و إلى هذه الدرجة المقلقة عند الحكومات الغربية ــ أو يكون أغلى من المواطن العراقي عندهم ، لا أبدا ، كلما في الأمر أنها عمليات ضغوط سياسية متواصلة على الرئيس الروسي بوتين الذي يرفض أن يكون ” كلبا ” مثل رؤساء حكومات غربية سابقين وحاليين مربوطة الرقاب بحبال سميكة بيد الإدارة الأمريكية تجربها إلى حيث تشاء !..

بل ليس فقط المواطن الروسي أو البيلاروسي ليس غاليا عند هؤلاء إنما حتى المواطن الأوروبي الشرقي هو الآخر ليس غاليا أيضا ، أو ذات قيمة ، لأن ثمة تمييزا مبطنا يمكن تلمسه من هذه الناحية حتى على صعيد نوعية البضائع والسلع المصدرة إلى هناك ، إذ وجد مفتشو و خبراء الأغذية الهنغار بعد فحوصات مختبرية سلعا وبضائع من نفس المصدر والماركة ذات صناعة أوروبية غربية ، ولكنها تختلف من ناحية النوعية ، حيث النوعية الجيدة توزع في الدول الأوروبية الغربية بينما النوعية الثانية الأقل جودة توزع في دول أوروبا الشرقية !!..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here