عندما يتوهم المركوب بالركوب!!

في مجتمعاتنا وهمٌ وخيم مقيم يجني على الكراسي وما حولها , إذ يحسب الجالس على الكرسي بأنه يتمتع بذكاء فريد وقدرات خاصة , ويستطيع أن يخدع القِوى التي وضعته في منصبه , ويتصوّر بأنه يمتطيها لكي يصل إلى ما يريد , وسيترجل عن ظهرها حالما يتمكن من أمره.
ويبدو ساذجا ومغفلا , عندما يرى أنه يمتطي وهو المَطية , والدُمية والأداة التي يتحقق إستخدامها إلى حين , وبعدها يكون في أسوأ مصير.
هذه الحالة السلوكية تتكرر في الواقع العربي وأكلت العديد من الرموز , التي توهمت بأنها تمتطي وهي المَطية.
وهذه التفاعلية الخسرانية ناجمة عن تورطهم بما يتقاطع وما فيهم من القيم والأعراف والأخلاقيات , فيستعر في أعماقهم تأنيب الضمير , فيتحايلون على ما أقدموا عليه , فيخدعون أنفسهم وضميرهم , فيسقطون في فم مفترس خطير.
ومن المعروف أن أية قوة لا يمكنها أن تعطي مجانا , أو تقوم بفعل من أجل أخلاقيات ومُثل وقيم , وإن ما يقودها ويدلها على الفعل هو مصالحها , فأينما تكون المصلحة يكون الفعل , وعندما تجد في الهدف المرغوب مؤهلين لتحقيقه بجهودهم , فأنها تسعى إليهم وتستخدمهم لينجزوا لها المهمة بأقل التكاليف , وبعدها تنقض عليهم وتبيدهم , لأنهم يتحوّلون إلى هدف , فعندما يبدأ الهدف بأكل نفسه فأن حتفه أكيد.
والعجيب في مجتمعاتنا أن فيها من أبنائها الكثير من المستعدين لتعزيز تدمير الهدف المطلوب من قبل القوى الأجنبية , فيُسْتَخدمون ويُمْعِنون بالقسوة على مجتمعاتهم , والقِوى الطامعة فيهم تساعدهم وتمدهم بما يمكِّنهم من الشعب , بقهره وظلمه وتدمير جوهره , وحينما تنضج الحالة ويتم الإنجاز تراهم يتداعون في ويلات الذل والخسران المهين.
حصل هذا في العديد من دولنا , وبتواصل وبتكرار ودون إعتبار , لأن الحرية مصادَرة والإرادة مُستعبدة , والمتمحنون بالكراسي لا يستطيعون غير التنفيذ والسمع والطاعة , ومن يحيد عن صراط الإستعباد تتواكب عليه النوائب والأخطار من حيث لا يحتسب.
وما أكثر المركوبين المتظاهرين بالركوب , وتلك محنة أمة بأبنائها المتوافدين على مزادات الإمتطاء المشين!!
والذين يخدعون أنفسهم وفي غفلتهم يعمهون!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here