كواليس محاولة هروب جميل الشمري المتّهم بـ مجزرة الناصرية

كشف مسؤول عسكري كواليس محاولة هروب المتهم الأول بـ”مجزرة الناصرية”، التي ذهب ضحيتها عشرات المتظاهرين في تشرين الثاني الماضي، الفريق جميل الشمري إلى خارج البلاد، بعد ورود معلومات عن قرب محاكمته ومحاسبته على الجرائم التي ارتكبت خلال قيادته القوات الأمنية في ذي قار.

وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء، أحمد ملا طلال، في تغريدة على تويتر، إن “القائد العام للقوات المسلحة، مصطفى الكاظمي، وجه بإصدار قرار منع سفر بحق الفريق جميل الشمري، لتورطه بقضايا قتل المتظاهرين في الناصرية”، وأضاف طلال في تغريدته، أنه “جاء ذلك على خلفية منحه إجازة وهمية للعلاج خارج العراق”.

وكانت الحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي قد أقالت الشمري من منصبه نهاية تشرين الثاني 2019، على خلفية مقتل أكثر من 50 متظاهراً وإصابة عشرات آخرين بإطلاق نار على متظاهرين في مدينة الناصرية، ولكنها لم تقدمه للمحاكمة. واكتفت الحكومة الحالية بإحالته على “إمرة” وزارة الدفاع، وهي بمثابة الاحتياط للجيش، من دون أية إجراءات لمحاسبته.

وحسبما خلص تقرير أعدته وكالة رويترز، العام الماضي، فإن عبد المهدي عندما قرأ سبب مقتل الكثير من الناس في الناصرية، أو ما اصطلح على تسميته في وسائل الإعلام العراقية بـ”مجزرة الناصرية”، أدرك أنه ارتكب خطأ فادحا.

تمثل هذا الخطأ في “الشمري” الذي أمرت السلطة القضائية العراقية بالقبض عليه فورا “لكونه متهما في الشكاوى المقامة ضده”. وهذه الشكاوى تتلخص في قتل المتظاهرين بمدينة الناصرية بمحافظة ذي قار، جنوبي البلاد، في كانون الأول/ديسمبر الماضي.

وأصدر القضاء العراقي مذكرة قبض ومنع من السفر بحق رئيس خلية الأزمة السابق في ذي قار الفريق جميل الشمري، على خلفية اتهامات له بالمسؤولية عن مقتل المتظاهرين في الناصرية.

وتضمن أمر السلطة القضائية حينها منع الشمري من السفر، إلا أنه وبعد مرور ما يقرب من عام على الواقعة، تبين أن الشمري لم يقبض عليه ولم يمنع من السفر. ونشرت وسائل إعلام عراقية، هذا الأسبوع، وثيقة قالت إنها صادرة من وزارة الدفاع وتظهر بها موافقة وزير الدفاع جمعة عناد على منح الشمري إجازة سفر لخارج العراق.

وتمنح الوثيقة المزعومة، التي لم يتسن لموقع الحرة التأكد من صحتها، للشمري إجازة لمدة 30 يوما، بغرض العلاج خارج العراق.

وتزامن ذلك مع إصدار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قرارا بمنع الشمري من السفر، الأمر الذي أثار سخرية المغردين العراقيين.

ووقعت “المجزرة” في تشرين الثاني الماضي أثناء تولي الشمري قيادة عمليات قمع المحتجين في الناصرية الذي أمر وحدات النخبة من قوات الرد السريع بإطلاق النار على المتظاهرين العزل.

وقال الناشط المدني عمار الحلفي إن “الشمري هرب خارج العراق ويتواجد حاليا في تركيا”، داعيا الحكومة وأجهزتها الأمنية لتقديم إثبات بعدم صحة هروبه وتسليمه للقضاء.

وبحسب معلومات الحلفي، فإن الشمري حصل على إجازة يوم 11 سبتمبر الحالي، وتابع الناشط قائلا: “على الكاظمي إثبات مصداقيته عندما تحدث عن محاسبة القتلة بتسليم الشمري للقضاء”.

وغرد الصحفي العراقي، عامر إبراهيم، نقلا عن مسؤول في مكتب القائد العام للقوات المسلحة، قائلا: “هناك أدلة ووثائق وصلت إلى القضاء العسكري تؤكد وتثبت تورط الفريق جميل الشمري المباشر، بعمليات قتل وقمع المتظاهرين في الناصرية، وبعد وصول تلك الأدلة، حاول الهرب إلى خارج العراق نحو تركيا، ومن هناك إلى دولة أخرى”.

فيما قال المحلل السياسي العراقي، إياد العنبر: “بعد أن تم منح الفريق جميل الشمري إجازة للسفر والعلاج، تذكرت الحكومة بأنه متورط بقتل المتظاهرين”.

وكانت محكمة محافظة واسط حكمت، أواخر العام، بإعدام ضابط أدانته بقتل المتظاهرين في المحافظة، ليكون أول حكم بالإعدام يصدر ضد ضباط في أجهزة الأمن العراقية بتهم قتل المحتجين منذ اندلاع مظاهرات تشرين الاول/أكتوبر الماضي.

وفي حزيران الماضي، أعلن نائب محافظ ذي قار، حازم الكناني، إصدار محكمة استئناف ذي قار أمراً بتجديد أمر القبض بحق الشمري، ومنعه من السفر، ومصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة.

وقال مسؤول عسكري، إن “الفريق جميل الشمري، حاول الهروب إلى خارج العراق، من خلال تقديمه إجازة مرضية هدفها العلاج في تركيا، بمساعدة بعض الضباط في وزارة الدفاع، بعد وصول معلومات تؤكد قرب عرضه على القضاء العسكري لغرض محاكمته بالقضية المرفوعة ضده المتعلقة بمقتل وإصابة عشرات المتظاهرين في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار جنوبي العراق”.

وبيّن أن “سفر هكذا رتب عسكرية كبيرة لا يتم إلا بموافقة القائد العام للقوات المسلحة، وبعد وصول طلب الإجازة إلى المكتب العسكري لرئيس الوزراء، دُقِّق فيه، وتبين أنها غير صحيحة، والهدف منها هروب الشمري إلى خارج العراق”.

وأضاف أنه “فُرضَت الإقامة الجبرية على الفريق جميل الشمري في وزارة الدفاع، ومُنع من الخروج منها، إلى حين موعد محاكمته، وجرى إيقاف عدد من الضباط والتحقيق معهم بعد مساعدتهم الشمري بمحاولة الهروب، من خلال تقديم إجازة مرضية وهمية”.

وختم مسؤول في مكتب القائد العام للقوات المسلحة قوله إن “هناك أدلة ووثائق وصلت إلى القضاء العسكري تؤكد وتثبت تورط الفريق جميل الشمري المباشر، بعمليات قتل وقمع المتظاهرين في الناصرية، وبعد وصول تلك الأدلة، حاول الهرب إلى خارج العراق نحو تركيا، ومن هناك إلى دولة اخرى”.

في الشأن، قال النائب عن تحالف “سائرون” مضر الزيرجاوي في تصريح صحافي، إن “خطوة منع سفر واعتقال بحق الفريق جميل الشمري لتورطه بقضايا قتل المتظاهرين في الناصرية خطوة بالاتجاه الصحيح”.

وبين الزيرجاوي أن “الشارع العراقي ومجلس النواب والقوى السياسية تترقب عن كثب محاسبة اللجنة التحقيقية كل القيادات الأمنية التي أعطت أوامر قتل المتظاهرين وعدم التهاون مع أي من القيادات الأمنية”.

وكشف النائب العراقي عن أن “هناك شكاوى عديدة بحق جميل الشمري وعدد من القيادات الأمنية، وعلى القائد العام للقوات المسلحة ووزارتي الداخلية والدفاع منع سفر الضباط خارج العراق ممن وردت أسماؤهم في قتل المتظاهرين”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here