أسد المدينة والمواجهة الكبرى

يوسف رشيد الزهيري

على مر العصور،اثبت تأريخيا إن الذي يمارس الظلم،يحاول تبرير أفعاله بمختلف التبريرات، ويتمادى في طغيانه انتصاراً لنفسه الأمارة بالسوء، لأن من يقترف الظلم، لا يمانع من اقتراف أي سيئة اخرى في سبيل ظلمه،واستمرار سلطته، ايا كانت تلك السلطة دينية، او اجتماعية، او سياسية وهذا الأمر ينتهي به المطاف الى الضلال عن طريق الحق ، وعدم الاهتداء بهدي الله تعالى، فلا ينفعه دين ولا نصح ولا قيام،

لانه تعدي حدود الله ومارس الانحراف عن الطريق المستقيم،والوقوع في المتاهات.

قال تعالى:(تلك حدود الله فلا تعتدوها، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون)

وان عدم الحكم والالتزام بما أنزل الله تعالى من قبل الحكام،يؤدي الى المجتمع الى التفكك والعصيان والتمرد فإن المجتمع كثيراً ما يريد الالتزام بأحكام الله تعالى، من حيث اقامة العدل والانصاف في المجتمع،لكن الجائرين يمنعونه من ذلك عن طريق تعطيل الأحكام الشرعية وتسليط القوانين الوضعية،والسيطرة على قادة ومراجع الامة التي هي عادة ما تكون سبباً لتقييد الناس وإيجاد الفساد وزرع الخوف والترهيب في قلوب الناس للخضوع لارادة الظالمين، قال تعالى:(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) المائدة: (فأولئك هم الكافرون) المائدة (فأولئك هم الفاسقون) المائدة: ولعل تنوع التعبيرات لاختلاف درجة المخالفات.

إن من أهم أسباب تعطيل حدود الله والانزلاق في مهاوي البغي والضلال هو تسليط الاحزاب السياسية ذات الافكارالمادية والماركسية والعلمانية، التي تحاول فصل المسلمين عن الدين، والتمسك بقيم الكفر والالحاد والتفكك الاجتماعي والتحرر الاخلاقي ، حيث إن تلك الاحزاب تريد أن تطبق ما تعتقده أو ما يلائم مصالحها واهدافها السياسية، بغض النظر عن قيم المجتمع وافكاره والنهج الاسلامي القويم في الايمان والاعتدال والاخلاق فيسير بالانسان أو بالمجتمع بما يضره ولا ينفعه، قال تعالى(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آبائكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون)

وعلى هامش ما ذكر اعلاه خرج القائد والمرجع الكبير، والزعيم الديني والمحررالفكري “السيد محمد محمد صادق الصدر” (رضوان الله عليه) من رحم الظلم والجور والمعاناة الذي كان ينهش في المجتمع من الدكتاتورية القمعية ليقول عبارته الشهيرة” كلا.. كلا.. للباطل” في زمن الخوف والرعب والتصفية والاغتيال وليمارس دوره ومسؤوليته الشرعية في توجيه وارشاد المجتمع، وتصحييح المفاهيم والقيم الاخلاقية وليزرع بذور الشجاعة في قلوب اتباعه ومقلديه حتى نال الشهادة الكبرى، من اجل الحق والفضيلة وصلاح الانسان، وانطلاقا من هذا النهج القويم والمدرسة الصدرية التي غرست في قلوب ابنائها حب الوطن والايمان والفضيلة والشجاعة برز الشيخ (علي الكعبي اسد مدينة الصدر) بعد مقتل واستشهاد السيد محمد الصدر رض لمقارعة ادوات الظلم والاستبداد وتحريك الجماهير الغاضبة تحت” شعار كلا كلا للظالم” والذي انتهجه السيد الصدر كاداة فاعلة في اغلب خطبه الثورية في تحريك ثورة الجماهير، لزرع بذورالقوة والصلابة والجرأة والشجاعة، في قلوبهم وهي تتحدى اعتى الجبابرة الظالمين، وقد نال الشيخ الكعبي في انتفاضته الشهادة الكبرى التي يستحقها بعد صبر ومعاناة في عذاب سجون ودهاليز الظالمين،بعد مقاومته الشرسة ومواجهته الكبرى،بين الحق والباطل، ووقوفه شامخا متحديا ارادة الظلم والجور والطغيان والقوة الهمجية الشرسة التي واجهت الانتفاضة بالحديد والنار والملاحقةالتصفية الجسدية، لقد نال الكعبي شهادة لم ينالها الا اصحاب الامام الحسين عليه ودافعوا بالثبات والصبر والعزيمة لينالوا مرتبة العز والفخر في الدنيا والاخرة .

فالشهداء ليسوا كغيرهم، لهم حال تخصهم يمتازون بها عن الناس جميعاً، وفضلهم معروف، وما أعده الله لهم من منزلة في الدنيا والآخرة تتحدث به آيات القرآن الكريم، وتخبرنا عنه أحاديث نبوية شريفة، مرتبتهم في الجنة في عليين، مع الأنبياء والصديقين وحسن أولئك رفيقا، والناس يموتون ويقبرون وهم في موتهم حتى تقوم الساعة، أما الشهداء فمن ساعة استشهادهم وحتى تقوم الساعة أحياء، يرزقون، أرواحهم في الجنة،

وقدأثبت القرآن للمجاهدين موتاً ظاهراً بقوله: ونفى عنهم الموت الحقيقي بقوله: بل أحياء عند ربهم يرزقون.

والسلام على الشهداء المحسنين الابرار

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here