الحضارات تنشأ من النصائح الميدانية

الحضارات تنشأ من النصائح الميدانية

د. رابعة العبيدي

يستعين العقل البشري بالثوابت الناجعة، التي سبق أن أثبتت فاعليتها عند التطبيق العملي.. ميدانيا؛ لأن الحضارات تنشأ من إلتزام الشعوب بمقومات التنمية.. فطريا او بقصد أكاديمي مدروس.

الأتيكيت.. اي اللياقة الاجتماعية، يفيض.. حسب فلسفة الفارابي.. من الرب.. العقل الكلي.. المطلق، الى الفرد ذي العقل المحدود.. نسبيا، ومن الفرد ينتشر إجتماعيا، فتقوم الحضارة.

لذلك علينا إلتزام النصائح المقومة لسلوكنا؛ لأن الثقافة نظام حياة الفرد داخل المجموع، ومن هذا الإنتماء تتبلور الدولة.

حين يقال للفرد: “عندما تجد وظيفة ملائمة لطموحك لا تسأل عن الراتب” ذلك يجعله بحارا يخوض غمار تجربة مثالية، في التفاني بحب الناس والوطن، خلاف ما يقول ابو فراس الحمداني: “إذا مت ظمآنا.. فلا نزل القطر”.

وهو قول يتكامل مع تقويم بناء الانسان حضاريا، في معاملاته مع المحيط، إستنادا الى النصيحة بألا يثق بذاكرته: “أكتب كل شئ على الورق” و”لا تبخل بالمديح على أحد” تضافرا مع الدعوة الى الواقعية، في إختيارات الإنسان: “السعر المناسب ليس المكتوب على السلعة بل المناسب لميزانيتك” وهو فهم لتخفيف عبء الرغبة عن حاملها الذي ينوء بطلب كل شيء في الوجود؛ مما يعيدنا الى إكمال دائرة الفارابي في فلسفته التي تربط فيض الرب على الكون، بفيض الفرد على المجتمع: “اذا استعرت شيئاً ثلاث مرات إشتريه” كم نحتاج هذا الشعار في اللياقة الاجتماعية المؤسسة لحضارة الدولة.

وتتوالى مقومات حسن التواصل مع الآخرين حضاريا، من حيث: “قف عندما يدخل شخص أكبر منك” و”عندما يصمت الجميع خجلاً عبر عن رأيك”.

وفي الرياضة الصحية: “امشِ يومياً نصف ساعة” و”لتكن ساعتك مبكرة خمس دقائق عن الوقت الحقيقي” ومن هذا التراكم السلوكي، الذي يعد تراكما معرفيا بالتالي، تنشأ حضارة يوتوبية مثلى.. جنة على الارض، نتكافل فيها، بإتساق ودود: “كن طبيعياً وابتعد عن التصنع، مترفعا عن مناقشة التفاهات؛ كي تترك أثراً طيباً أينما حللت”.

تلك هي الشخصية المتحضرة.. ببساطة!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here