المالية النيابية: الموافقة على القروض الجديدة بشروط وأزمة الرواتب تتحملها الحكومة

بغداد/ محمد صباح

تفيد انباء واردة من البرلمان ان الاخير اشترط على الحكومة إرسال كشف ٍعن أموال القرض الأول الذي صوت عليه البرلمان وسحبته الحكومة لمعرفة ابواب صرفه مقابل الموافقة على منحها قرضا جديدا.

وترى اللجنة المالية النيابية الإنفاق الحكومي غير مبرر.

وتتجه الحكومة نحو تقديم مشروع قانونٍ ثانٍ للاقتراض المحلي والخارجي لتتمكن من سداد رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية والمستلزمات الضرورية الأخرى للأشهر الثلاثة المتبقية من السنة المالية.

وتأخرت رواتب الموظفين هذا الشهر بسبب قلة ايرادات النفط.

وذكرت وزارة المالية في بيان حصلت (المدى) على نسخة منه، أنها “تؤكد للمواطنين العمل بكل جد لضمان الوفاء بجميع الالتزامات الحكومية وفي أوقاتها المحددة، وعلى رأس تلك الالتزامات، رواتب موظفي الدولة والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية”.

ويضيف البيان انه “لا يخفى على الرأي العام العراقي أن وزارة المالية تبذل هذه الجهود في ظل ظروف استثنائية وأزمة مالية خارجة عن إرادة الحكومة، تتمثل بالانخفاض الحاد في الواردات النفطية، وجائحة كورونا وآثارها المحلية والدولية، بالشكل الذي فاقم نقص السيولة المتوفرة للدولة، خصوصا مع التوسع غير المخطط له في أعداد الموظفين خلال العام الماضي”.

ويشير البيان إلى أنه “لمعالجة هذا النقص في السيولة المالية، سعت الحكومة العراقية الى استصدار تشريع برلماني يمكنها من الاقتراض داخليا وخارجيا، وقد تم استخدام الأموال المتوفرة عبر الاقتراض الداخلي والبالغة بحدود ١٥ تريليون دينار عراقي حتى نهاية الشهر الماضي لتمويل الرواتب والوفاء بالنفقات الأساسية الاخرى، وخصوصا ما يتعلق منها بالصحة والأمن، بينما اقتصر استخدام القروض الدولية على تمويل المشاريع التنموية”.

وتتابع الوزارة أن “وزارة المالية تقوم في الوقت الحاضر بإعداد خارطة طريق مفصلة لتمويل النفقات الأساسية للأشهر الثلاثة المتبقية من السنة الحالية، سنقوم بعرضها قريبا على مجلس النواب الموقر، وستشمل هذه الخطة زيادة قدرة الوزارة على الاقتراض الداخلي، وستمكننا حال الموافقة عليها من البدء بتأمين الرواتب الحكومية بالكامل”.

وتوضح الوزارة انها “ماضية بالإعداد لمشروع موازنة ٢٠٢١ بالشكل الذي يعالج التحديات المالية والاقتصادية المتراكمة، والتي تثقل كاهل البلاد”، مضيفة ان “الظروف التي يمر بها البلد حاليا تشدد على الحاجة الملحة الى تكاتف القوى السياسية والمجتمعية، والعمل سوية بشكل مسؤول لتحقيق الامن والاستقرار، والمضي بالعراق نحو ما يستحقه شعبه الصابر من ازدهار وتنمية”.

بدوره، يؤكد احمد الصفار، مقرر اللجنة المالية في مجلس النواب في حديث مع (المدى) أن “الحكومة طالبت مجلس النواب بتمرير قانون ثانٍ للاقتراض لتتمكن من دفع مستحقات رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية للأشهر الثلاثة المقبلة”، متسائلا “أين ذهبت أموال قانون الاقتراض المحلي والخارجي؟”.

وكشفت (المدى) في تقرير لها نشرته في التاسع من شهر أيلول الجاري أن الحكومة طلبت من مجلس النواب الموافقة على اقتراضها مبلغ (27) تريليون دينار من البنوك والمصارف المحلية لسد رواتب موظفي الدولة والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية للأشهر الثلاثة المتبقية من السنة المالية.

وسبق لمجلس النواب أن صوت في شهر حزيران الماضي على مشروع قانون الاقتراض المحلي والخارجي لتمويل العجز المالي لعام ٢٠٢٠ ولتأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية حتى نهاية شهر أيلول الحالي، مشترطا على الحكومة تقديم ورقة الإصلاح الاقتصادي لإقرارها.

وحدد قانون الاقتراض المحلي والخارجي سقف الاقتراض الخارجي بـ(5) مليارات دولار، و(15) تريليون دينار من الاقتراض المحلي عن طريق تخويل وزير المالية إصدار حوالات الخزينة والسندات لكن وزارة المالية اقتصرت فقط على الاقتراض المحلي تجنبا لنسبة الفوائد التي تفرضها البنوك والمصارف الدولية.

ويُعقب الصفار على عدم تمكن وزارة المالية من تسديد رواتب موظفي الدولة بالقول إن “إيرادات الدولة النفطية وغير النفطية تصل في حدودها إلى قرابة الأربعة تريليونات دينار شهريا في حين أن حجم الموازنة التشغيلية (رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية) تقدر بـ(7) تريليونات دينار للشهر الواحد”، لافتا إلى أن “هذه الأرقام تكشف عن أن العجز في الموازنة التشغيلية يبلغ ثلاثة تريليونات شهريا، وبالتالي ممكن سدادها من أموال قانون الاقتراض المحلي والمحددة بـ(15) تريليون دينار”.

الى ذلك، يعتقد النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني أن “الأموال التي خصصها قانون الاقتراض المحلي والخارجي المقر تكفي الحكومة لسداد رواتب موظفي الدولة والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية والمستلزمات الضرورية الأخرى مع إضافة مبالغ الإيرادات الشهرية حتى نهاية شهر تشرين الأول المقبل”.

ويؤكد الصفار أن “هناك إنفاقًا غير مبرر يفترض على الوزارة ان تقدم كشفا به إلى مجلس النواب حول صرف اموال الاقتراض المحلي”، موضحا أن “اللجنة المالية النيابية لم توافق على منح اي قرض جديد ما لم ترسل الحكومة الكشوفات عن هذه المصروفات والورقة الاصلاحية”.

وتعهد وزير المالية في وقت سابق بإعداد ورقة الإصلاح أمام مجلس النواب، لكنه اعترف بأن البرنامج الإصلاحي لن يكون سهلا حيث قال “برنامج الإصلاح الاقتصادي بحاجة لوقت طويل لأن الوضع الاقتصادي في العراق يمر بحرج جراء تداعيات سياسات اقتصادية تراكمية سابقة”.

وأضاف الوزير أن الإصلاح بعد إقرار الورقة “بحاجة إلى خمس سنوات” من العمل المتواصل والحثيث.

ومن جهته، يبين النائب ناجي رديس عبد شعبان، العضو الآخر في اللجنة المالية النيابية لـ(المدى) أن “لرؤية الحكومة تجاه إقرار مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2020 تغييرات وتتجه نحو إلغائه بسبب ارتفاع العجز المالي، وعدم تأمين مصادر جديدة للتمويل”، مؤكدا أن “وزارة المالية باتت لا تمتلك الأموال الكافية لسداد رواتب موظفي الدولة العراقية للأشهر الثلاثة المقبلة من السنة الحالية”.

وأعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء، الاسبوع الماضي، سحب مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2020 من مجلس النواب بعد يوم واحد من تسليمه إياه وإرجاعه إلى وزارة المالية لإجراء بعض التعديلات عليه بسبب الاعتراضات على عجز الموازنة الاتحادية لعام 2020 الذي يصل الى 81 تريليون دينار.

ويوضح عبد شعبان أن “وزارة المالية تأخرت كثيرا في توفير الحلول اللازمة لمعالجة أزمة الرواتب للأشهر الثلاثة المقبلة عبر الاقتراض من المصارف المحلية”، مبينا أن “الحكومة سترسل قانونا جديدا للاقتراض للتمكن من حل أزمة الرواتب”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here