لا فرق بين أنظمة الحكم العربية إن كانت علمانية أو إسلامية، جمهورية أو ملكية أو..؟

لا فرق بين أنظمة الحكم العربية إن كانت علمانية أو إسلامية، جمهورية أو ملكية أو..؟

محمد مندلاوي

إلى المتباكين على العهد الملكي البائد. دعونا نعود إلى الوراء قليلاً ونلقي نظرة على أيام حكم النظام الملكي العميل، الذي قاد الكيان العراقي بين أعوام 1921- 1958، لنرى هل يختلف في دمويته وجرائمه البشعة عن الأنظمة العربية الأخرى التي خلفته في العراق؟.
أولاً: إن رأس النظام الملكي المدعو فيصل الأول شخص غير سوي، لقد غدر بوالده الشريف حسين بن علي ملك الحجاز عندما طعنه من الخلف بخنجر مسموم واتفق بدون علمه مع البريطانيين كي يصبح مطية لهم، ومن ثم قبل بالإنجليزي توماس إدوارد لورنس المعروف بلورنس العرب – الابن غير الشرعي- مستشاراً خاصاً له؟! وبعده جاء به الإنجليز بعد أن طردته القوات الفرنسية من سوريا شر طردة، لكن بخديعة إنجليزية معهودة إلا وهي استفتاء مزور زعموا أنه نال رضا الشعب في العراق -لا ندري أي شعب!- ونصبوه ملكاً على الكيان العراقي الذي استحدثته وزارة المستعمرات البريطانية في مؤتمر قاهرة المنعقد بين 12-23 آذار 1921 برئاسة ونستون تشرشل وزير المستعمرات البريطاني آنذاك.
ثانياً: منذ اللحظة الأولى لجلوس سليل العائلة…؟ على عرش الكيان العراقي المستحدث من قبل (الكفار) بدأ بتنفيذ سياسته العنصرية المقيتة ضد الشعب الكوردي وضد جزء من وطنه إلا وهو جنوب كوردستان حين اقنع فيصل البريطانيين على احتلال جنوب كوردستان وإلحاقه قسرياً بالكيان العراقي، وتحقق له ما أراد، ومن ثم قام بمساعدة الجيش البريطاني وطيرانه بشن هجمات وحشية على مدن وقرى كوردستان التي طالبت شعبها بدولته الوطنية أسوة بدول العالم، ورفض الشعب الكوردي رفضاً قاطعاً أن يكون وطنه جزءاً من الكيان الكارتوني المسمى عراق. وبعد الإلحاق القسري، لم يلتزم النظام الملكي العميل بتطبيق تعهداته لعصبة الأمم حول حقوق الكورد القومية والوطنية.
ثالثاً: قام النظام الملكي عام 1946 بمجزرة كاورباغي – الأصح هو گاورباخي، بالگي وليس بالكي، أن الكورد يقولون لغير المسلم أو تحديداً لمن يسمون كفاراً گاور، وباخي أو باغي يعني بالكوردية بستان ودمج الكلمتين معاً على الطريقة الكوردية يعني بستان الكافر- ضد عمال شركة النفط، وذلك في جنوب كوردستان، تحديداً في مدينة كركوك أيام حكم رئيس الوزراء أرشد العمري؟. الجريمة الأشنع التي قام بها النظام الملكي المجرم قيامه بإعدام ضباط الكورد الأربعة، الذين التحقوا بجمهورية كوردستان (إيران) عام 1945 وبعد انهيار الجمهورية الفتية على يد جيش الشاه محمد رضا وبمساعدة مباشرة من أمريكا وبريطانيا له، وبتحريض غير علني من تركيا الطورانية تم احتلال أراضي الجمهورية مجدداً من قبل إيران وعليه انسحب ملا مصطفى البارزاني ومقاتليه إلى الجبال، وعاد من عاد من الكورد إلى جنوب كوردستان، وبقي من بقي مع البارزاني الذي أكمل مسيرته التاريخية مع مقاتليه إلى الاتحاد السوفيتي لاجئاً، كان من ضمن العائدين إلى جنوب كوردستان المحتل من قبل العراق آنذاك الشيخ أحمد شقيق البارزاني الأكبر، وهكذا الضباط الأربعة الذين لم ينصاعوا لنصيحة قائدهم ملا مصطفى البارزاني الذي قال لهم لا تعودون إلى العراق لأن حكامه أناس قساة لا يرحمون الكورد، إلا أنهم أصروا على العودة وهم كل من: 1- عزت عبد العزيز 2- مصطفى خوشناو 3- خير الله عبد لكريم 4- محمد محمود قدسي. بعد عودتهم مباشرة اعتقلوا وحكموا محاكمة صورية ومن ثم نفذ بهم حكم الإعدام في يوم 19 حزيران 1947. وحكم أيضاً على شيخ أحمد البارزاني بالإعدام، إلا أنه خفض فيما بعد إلى المؤبد وبقي في السجن حتى انقلاب تموز 1958. للعلم، لقد أعدم هؤلاء الضباط الكورد إبان حكم رئيس وزراء الشيعي صالح جبر، الذي كان أيضاً رئيس حزب الأمة الاشتراكي؟. من النكات والكلام الاستهزائي الذي ألفه العرب والكوردي عن صالح جبر ولا يزال عالقاً في الذاكرة هتاف الجماهير المشهور إبان الوثبة عام 1948 الذي رددناه نحن فيما بعد: نوري السعيد القندرة وصالح جبر قيطانها. للعلم، إن نوري السعيد كان من سكنة محلة “تەپە کورد = Tapa Kwrd” التي كانت تقع قرب منطقة الفضل في الرصافة في بعداد. الجريمة الأخرى التي يبين مدى سفالة النظام الملكي حين قامت الشرطة الملكية المجرمة عام 1956 بإطلاق النار على نعش، على تابوت ملك (محمود الأول) واخترق رصاصات عديدة نعشه الشريف.
رابعاً: أمر الوصي عبد الإله بإعدام الضباط الجيش العراقي الأربعة وتعليقهم أمام وزارة الدفاع وإهانة جثة أحدهم وهو صلاح الدين الصباغ من قبل امرأة…، والضباط -العقداء- هم كل من: 1- صلاح الدين الصباغ 2- كامل شبيب 3- فهمي سعيد 4- محمود سلمان. تهموا بأنهم دعموا رشيد عالي الگيلاني للإطاحة بالحكومة عام 1941. واعتبر الجيش العراقي إعدام هؤلاء وتعليقهم على أعواد المشانق أمام وزارة الدفاع إهانة كبيرة له لا يغتفر إلا بالمثل، فعليه أقسموا على الانتقام لهم، وحين سنحت لهم الفرصة في صبيحة 14 تموز 1958 قاموا بانقلابهم على النظام الملكي وفعلوا بعبد الإله والعائلة المالكة المستوردة من الحجاز ونوري السعيد أشنع وأفظع ما فعله عبد الإله بالضباط الذين لقبوا بالمربع الذهبي وبالقيادات الشيوعية. الشيء العجيب، لقد شاهدت الأميرة بديعة كريمة آخر ملك الحجاز علي بن الحسين وبنت أخ فيصل الأول وهي تبكي وتقول: لماذا قتلوا أخي وهو لم يفعل شيء. هل حقاً لم تفعلوا شيئاً!! إلا تعرفين يا أميرة أن جريمتكم الأولى أنكم قبلتم أن تأتوا من بلد آخر وأرض أخرى لحكم كيان آخر لا تمت بكم بأية صلة؟؟. أضف لهذا، لقد قمت بأعمال إجرامية يوازي جرائم صدام حسين وحزب البعث الذي جاء بعدكم إلى السلطة بانقلاب مشبوه قاده المجرم أحمد حسن البكر. يا سيدة، لو عدلتم ربما عدل الذين جاءوا من بعدكم؟.
خامساً: قانون الجنسية العراقية لعام 1924 الوحيد في العالم طلب من المواطن أن يثبت عثمانيته حتى يكون عراقياً!! مع أن وجود الإيراني في ميسوبوتاميا يسبق الوجود العثماني التركي بآلاف السنين إلا أن القانون المذكور لم يشر له بأية مادة؟؟!!. ثم، قانون رقم 62 لسنة 1933 الذي ذيل بمرسوم ملكي وبموافقة المجلسين الأعيان والنواب؟ لإسقاط الجنسية العراقية عن العراقيين، وعند نشره في جريدة الوقائع العراقية عام 1950خصوا به بادئ ذي بدء اليهود العراقيين، الذين وجدوا على أرض وادي الرافدين قبل مجيء العرب إليه من جزيرتهم الجرداء، غير ذي زرع،؟؟. لا ننسى بعد هذا القانون العنصري المجحف شن الرعاع الهمج في بغداد وبعض المدن الأخرى هجوماً وحشياً على بيوت ومحلات اليهود قتلوهم ونهبوا ممتلكاتهم، وسميت تلك المجزرة والنهب لليهود المسالمين بالفرهود – سمعت إن دولة إسرائيل تحضر لائحة تطالب فيها بتعويضات مادية بمئات المليارات الدولارات من (الدول) التي أجرمت بحق اليهود ونهبت أموالهم وممتلكاتهم كإيران والسعودية والعراق والبحرين ومصر – حقاً ستبقى تلك الجريمة الشنعاء لطخة عار على جبين النظام الملكي العميل وتحديداً على جبين العائلة المالكة التي سكتت عن هذه الجريمة البشعة. وسار بعد هذا المرسوم العنصري الأنظمة العروبية المتعاقبة على دست الحكم في العراق، كنظام حزب البعث المجرم الذي اسقط عام 1980 الجنسية العراقية عن نصف مليون كوردي فيلي وأبعدهم إلى إيران وقتل الآلاف من شبابهم في معتقل نقرة السلمان واستولى على أموالهم و ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة. وأسقط عام 1994 الجنسية العراقية عن بعض الفطاحل، وفي مقدمتهم شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري، و الشاعر عبد الوهاب البياتي وغيرهما كثر.
سادساً: بناء سجن نقرة السلمان في صحراء السماوة من قبل الإنجليز في عشرينات القرن الماضي، في العهد الملكي. لقد سجن فيه الكاتب والمؤرخ الكوردي محمد جميل روزبياني. وفي زمن حكم حزب البعث المجرم بنا بجانبه سجناً أكبر من السجن القديم، وصار سجناً خاصاً للمعتقلين الكورد الفيليين والسوران والبهدينان، وتم تصفيتهم فيها جسدياً بدم بارد.
7- إعدام الشيوعيين في معتقلات النظام الملكي. لقد تم إعدام القيادات الشيوعية وهم محكومون بتهم الانتماء للشيوعية لكنهم حين عرفوا أن هؤلاء منهم سكرتير وقادة الحزب الشيوعي تم محاكمتهم مجدداً وأصدروا ضدهم أحكاماً بالموت ليس لشيء سوى أنهم ينتمون للحزب الشيوعي العراقي وكانوا كالتالي: 1- يوسف سلمان يوسف (فهد) 2- زكي بسيم 3- حسين محمد الشبيبي 4- يهودا صديق. لم يكتف النظام الحاقد بإعدامهم شنقاً بل علقوا جثثهم على أعواد المشانق في شوارع بغداد لكي يرهبوا بها الجماهير. وفي عام 1949 تم إعدام القيادي الآخر والمسئول الأول في الحزب الشيوعي العراقي ساسون دلال. إن هذه الفعل الهمجي فتح الباب أمام الأنظمة العروبية المتعاقبة التي أعادت هذه المسرحية وعلقت جثث المعدومين في ساحة التحرير في وسط بغداد على أعواد المشانق.
عزيزي القارئ الكريم،كان هذا غيض من فيض مما ارتكبه النظام الملكي العميل المستورد من الحجاز من جرائم بشعة ضد الأبرياء. بعد كل هذا الذي قاموا به من جرائم نكراء يريد المتباكي على العهد الملكي من الجماهير المنتفضة في صبيحة الرابع عشر من تموز لا تنتقم من الذين نكلوا بقتلاهم وأهانوهم وهم أموات؟؟!!.

30 09 2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here