لابد من إصلاح القضاء و تجديد قيادته وفق معايير استقلالية

لابد من إصلاح القضاء و تجديد قيادته وفق معايير استقلالية

بقلم مهدي قاسم

و مثلما لا يمكن تحقيق إنجازات فعلية وملموسة مثمرة في مجالات التنمية الاقتصادية والبشرية والعلمية والثقافية والروحية بدون إزالة مظاهر الفساد كونها بمثابة عوائق و عراقيل وعقبات أمام هذه التنمية الشاملة ، فكذلك الأمر بالنسبة لجهاز القضاء الذي تأسست وتشكلت إدارته و قيادته في ظروف سياسية مرتبكة ومضطربة ما بعد مرحلة التغيير السياسي ، حيث استغلتها أحزاب فاسدة لتمرير أهدافها وغاياتها للوصول إلى مراكز السلطة ومواقع النفوذ السياسي المؤثِر ، من خلال ممارسة ضغوط سياسية دائمة على جهاز القضاء ليلبي طلبات زعماء هذه الأحزاب وتحقيق طموحاتهم ليس في الوصول إلى مواقع السلطة ومصادر المال إنما البقاء فيها إلى أطول مدة ممكنة ، فضلا عن تبرئة ساحتها من تهم الفساد ، و لهذا السبب كان الشارع العراقي شهود عيان على تبرئة ساحة ساسة متنفذين ووزراء ونواب فاسدين ، حتى بعد كشف ملفات فسادهم و سوقهم إلى المحاكم كمشتبه بهم لصوصا أو متسببين أضرارا مادية كبيرة فادحة بالمال العام وممتلكات الدولة ، والتزام الصمت إزاء ساسة ومسؤولين آخرين متورطين بنفس التهم والجرائم السياسية أو الاقتصادية بينما في حالات أخرى مماثلة كان الشارع العراقي شاهد عيان على صدور أحكام مخففة بحق مسؤولين ومسؤولات بشكل مثير للسخرية والاستهجان في مقابل إصدار إحكام مشددة على سارقي مناديل ورقية و غير ذلك !!..

و عموما ومهما كان الأمر ، فأن الشارع العراقي عنده يقين كامل وقناعة راسخة بفساد الجهاز القضائي، أو بعدم استقلاليته الكاملة ــ على الأقل ، و لهذا السبب فأنه قد فَقَد الثقة به تماما ، وهذه إشكالية كبيرة حقا ، إذ يجب النظر إليها بجدية وأخذها بنظر الاعتبار ، كمهمة ضرورية ، لابد من القيام بها في كل الأحوال ، و ذلك من أجل إصلاح هذا الجهاز المهم والحسّاس نحو جعله جهازا مهنيا مستقلا تماما ــ وبشكل قاطع و حاسم ــ وإبعاده عن كل ضغوط وابتزازات سياسية لأية جهة كانت إبعادا كاملا مطلقا ، سواء كانت ضغوطا حكومية أو حزبية أو دينية أو عشائرية ، فضلا عن القيام بخطوات إصلاح جذرية و شاملة ، إدارية و قانونية ، عبر تعديلات و إضافات تشريعية جديدة تواكب متطلبات العصر سواء على صعيد مكافحة الفساد السياسي والإداري أو من ناحية حماية حقوق الإنسان ومكافحة الجريمة المنظمة المستشرية و الخطرة في العراق بنفس المستوى من خطورة الإرهاب ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here