الترجمة من منظور الأدباء و الكتاب العرب

الترجمة من منظور الأدباء و الكتاب العرب
ا.د. كاظم خلف العلي
استاذ اللسانيات و الترجمة – كلية الآداب – جامعة البصرة
[email protected]
تعتبر هذه الموضوعة التي أتناول فيها الترجمة من منظور مجموعة من الأدباء و الكتاب العرب مكملة لموضوعة محاضرتي التي ألقيتها في البث المباشر من على صفحة الفيسبوك لأتحاد الأدباء و الكتاب في البصرة بتاريخ 2/7/2020 بعنوان “الترجمة من منظور الأدباء و الكتاب الغربيين و الأوربيين”. و قد بينت في تلك المحاضرة سبب اختياري للأدباء و الكتاب لبيان وجهات نظرهم حول الترجمة لما تتمتع به هذه الشريحة من امكانات و طاقات تمكنهم من التقاط أدق التفاصيل التي تفوتنا لأسباب عديدة و لأن الأدباء يمزجون تلك التفاصيل بالجمال و الخيال و العاطفة الشفيفة من ناحية و لأنهم الأكثر صلة بترجمة النتاج الأدبي من ناحية أخرى. و بناء على ما تقدم، سأقوم باستعراض طائفة من آراء الأدباء و الكتاب العرب حول الترجمة و ملخصا للأفكار الرئيسة و مقدما لمجموعة من التوصيات في نهاية المحاضرة :
1. المفكر الفلسطيني الأمريكي ادوارد سعيد:
يقول إدوارد سعيد في مقالة له بعنوان أدب محاصر (Embargoed Literature) كتبها في 1990متحدثا عن الأدب العربي بالقول : لم يحظ العرب و لغتهم بالاحترام الى حد ما، و بالتالي صاروا مصدرا للخطر و الغموض و الاستغلاق.
و يستطرد سعيد قائلا :قبل ثماني سنوات من فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل في الأدب ، طلب مني ناشر تجاري كبير في نيويورك معروف بآرائه الليبرالية وغير الإقليمية أن أقترح بعض روايات العالم الثالث للترجمة والإدراج في سلسلة يتم التخطيط لها. و كان على رأس القائمة اثنان أو هكذا من أعمال محفوظ ، لم يكن أي منها متداولًا في الولايات المتحدة. صحيح ، كانت هناك بعض الروايات التي كتبها المبدع المصري متاحة في إنجلترا ، لكن هذه لم تحصل قط على دخول إلى الولايات المتحدة ، وحتى في أوروبا لم يعرفها سوى عدد قليل من طلاب اللغة العربية. و بعد عدة أسابيع من تقديم قائمتي ، استفسرت عن الروايات التي تم اختيارها فقط لأعلم أن روايات محفوظ لن تترجم. وعندما سألت لماذا ، تلقيت إجابة تطاردني منذ ذلك الحين. قيل لي إن “المشكلة هي أن اللغة العربية لغة مثيرة للجدل”. ما كان يقصده الناشر بالضبط غامضًا بالنسبة لي – ولكن العرب ولغتهم لم يكونوا محترمين إلى حد ما ، وبالتالي كانت لغتهم خطيرة و غير موثوقة و لا قابلة للتناول ، كانت مسألة واضحة تمامًا بالنسبة لي آنذاك ، وللأسف الآن. من بين جميع الآداب العالمية ، تظل اللغة العربية غير معروفة نسبيًا وغير مقروءة في الغرب ، لأسباب فريدة ، بل رائعة ، في وقت أصبحت فيه الأذواق هنا لغير الأوروبيين أكثر تطورًا من أي وقت مضى ، وأكثر إلحاحًا ، الأدب العربي المعاصر في منعطف مثير للاهتمام بشكل خاص.

2. الشاعر و المترجم المصري رفعت سلام:
لفت انتباه الشاعر والمترجم رفعت سلام، خلال رحلته إلى بعض العواصم الأوروبية، أن أعمال الكاتبة أليفة رفعت هي الأكثر ترجمة في الغرب، لأنها تكتب قصصاً درامية عن وضع المرأة المقهورة والمهمشة، وهي أعمال يرى أنها تكرّس وجهة نظر الغرب عن الشرق المتخلف. وأكّد سلام أن الغرب يتعامل مع الأدب المصري والعربي كوثائق اجتماعية وليس كأدب ناضج. وأضاف صاحب “وردة الفوضى الجميلة” أن “ألف ليلة وليلة ، التي كانت مصدر إلهام لعدد كبير من الكتاب الغربيين، لا تزال حاضرة بقوة في الغرب، وتأتي بعدها رواية أولاد حارتنا لنجيب محفوظ، ثم روايات صنع الله إبراهيم”. ويتعجب سلام من الصخب الذي يُمارسه بعض الكتاب العرب المعاصرين للإيهام بأنهم كتاب عالميون، واصفاً ذلك بـ”التزييف للحقيقة الناصعة التي تقول إنه ليس ثمة تأثير لأدب هؤلاء في الغرب”.

3.الكاتب و المترجم المصري الدكتور محمد عناني :
يستشهد عناني بمقولة هنري وايموت، مترجم الجزء الثاني من رواية الأيام لطه حسين إلى الإنكليزية، التي وصف فيها الأدب العربي قائلاً: “إن هذا أدب غريب ينتمي إلى بلدان متخلفة علمياً وصناعياً واقتصادياً”، ويعتبر أن هذه المقولة هي مفتاح فهم الغرب لآدابنا العربية.
وقال عناني: “الغرب لا يترجمنا، ولا يقدم الأدب العربي المشرق الوضاء إلى القارئ الأوروبي، بل إنه يختار أشياء لا تمثلنا، ويقنعوننا بأن نصدق أن هذا هو الأدب العربي. الغرب يتصور أن الأدب العربي ينحصر في الشعر الجاهلي الذي قدمه بعض المستشرقين، وفي الأدب الشعبي متمثلاً بألف ليلة وليلة التي ترجمت إلى الإنكليزية في القرن التاسع عشر. ولا شك أن الرحالة الأوروبيين الذين زاروا الشرق في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر رسخوا صورة ذهنية متدنية عن الشرق، ولكن ثمة تغيّرات سياسية أدت إلى اهتمام الغرب بترجمتنا ولكنها أيضاً كانت ترجمة موسومة بتلك النظرة الدونية المترسخة في أذهان الغرب عن الشرق الذي يرونه دائماً متخلفاً، وحافلاً بالإرهاب والعنف.

4. الروائية و الأكاديمية المصرية الكندية مي التلمساني:
قالت التلمساني انطلاقا من تجربتها مع مشروع ذاكرة المتوسط الذي ترجم لها روايتها دنيا زاد: “إن النظرة الاستشراقية للأدب العربي ما زالت حاضرة في أذهان الناشرين وفي اختيارات الترجمة. ولو أردنا الدقة وافتراض حسن النوايا، علينا أن نتذكر أن الترجمة تخضع أيضاً لمعايير تسويقية، فالقارئ الأوربي العادي يهتم بالأدب العربي ويشتريه ليتعرف على مجتمعات معيّنة عبر قضايا اجتماعية وسياسية، هي عادةً نفس القضايا المطروحة على الساحة السياسية. هذا القارئ يتوقع أن يضيف الأدب إلى معلوماته المستقاة من نشرات الأخبار شيئاً جديداً، ممتعاً، فكرة أو حكاية تساعده على فهم ما يحدث في الواقع العربي اليومي”. وأضافت: “أما التجريب في الرواية وفي الأدب عامة فلا يهم هذا القارئ بالضرورة، لذا نجد أن الروايات ذات المضمون التشويقي (ومنها روايات نسوية وتاريخية ذات مضمون سياسي أو نضالي) هي التي تحظى بالاهتمام في مجال الترجمة. ولذلك يظل سوق الأدب العربي المترجم محدوداً ولا يتفاعل مع الآداب العالمية على مستوى إنتاج وترسيخ القيمة الأدبية إلا في حدود ضيقة. لذلك نجد أن الأدباء والنقاد والباحثين الأكاديميين في الغرب قلما يتحدثون عن تأثير نجيب محفوظ، وله قراء كثيرون في العالم، على النوع الروائي أو عن دوره في تجديد هذا النوع كما يحدث مثلاً في حالة كتاب مثل بروست وبورخيس وكونديرا و ساراماغو وغيرهم.

5. الكاتب المصري د. حسين محمود:
استعاد استاذ الأدب الإيطالي الدكتور حسين محمود مقولة عميد المستشرقين الراحل فرانشيسكو غابرييلي، مترجم ألف ليلة وليلة الذي كان يمتنع عن ترجمة الأعمال الروائية العربية، وكان يقول: “على العرب أن ينتظروا حتى يظهر من بينهم روائي في قامة تولستوي حتى يمكن ترجمتهم إلى اللغات الأوروبية”. وعلّق محمود: “هذا كان في السبعينيات، وقد تغير الحال الآن، وأثبت العرب تميزهم في فن الرواية”.

6. الناقد المصري رشيد العناني:
ويؤكد الناقد والمترجم د . رشيد العناني أن المترجمين خانوا نجيب محفوظ في ترجماتهم، وبخاصة في نقل الحوار من العربية إلى الإنكليزية، فالأسلوب اللغوي والحوار ضعيفين جدا، فقد قاموا بترجمة الأسماء والأعلام والألفاظ الدينية ترجمة حرفية، أفقدت هذه الترجمة الكثير من قيمة النصوص، وهذا يرجع إلى أن محفوظ غالباً ما كان يستخدم هذه الألفاظ بكثرة وبأكثر من دلالة في صفحة واحدة . ويضيف د . العناني: وهكذا نرى بعض الترجمات لروايات محفوظ عبارة عن ترجمات مشوهة للنص الأصلي، ولم يتعمق المترجمون في فهم دلالات البنية الروائية، وفك شفرات النص المحفوظي الثري، وكان لابد من وجود مركز خاص لأعمال محفوظ تتم فيه مراجعة الأعمال المترجمة، لكن للأسف المسألة أصبحت قريبة للصدفة، فليس هناك عمل ممنهج، أو نمط واضح في التعامل مع روايات أديب نوبل الكبير .

7. الكاتب المصري د. احمد الشيمي:
انتقد د . أحمد الشيمي أستاذ الأدب الإنكليزي في جامعة بني سويف التقصير الفادح في ترجمة محفوظ من قبل مترجمين مصريين، ودراسة ترجماته، التي يرى فيها الكثير من المشكلات في إشارة إلى ترجمة أعمال محفوظ إلى الإنكليزية، التي قامت بها بشكل أساسي الجامعة الأمريكية في القاهرة، وكان أهم مترجميه روجر آلان ودينيس جونسون ديفيز، رائد ترجمة الأدب العربي للإنكليزية، والتي يرى أنها حفلت بمشكلات وأخطاء بسبب صعوبات الترجمة والنقل الصادق للثقافة المختلفة، خاصة ترجمة ثقافة الحارة، التي صورها محفوظ في رواياته، والتي أشار إليها أيضاً المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد، الذي وصفها بأنها ترجمات تجارية، تحفل بالكثير من المشكلات الثقافية. و أشار الشيمي أيضاً إلى مشكلات مماثلة في ترجمات للغات أخرى تم اختزال النصوص في بعضها إلى عدد صفحات لا يتناسب مع الأصل، كما في ترجمة ملحمة الحرافيش إلى العبرية، مستنكراً عدم تصدي أقسام اللغات في الجامعات المصرية لدراسة تلك الترجمات ونقدها .

8. الروائي المصري الدكتور علاء الأسواني:
قال علاء الأسواني منددا بالترجمة المجانية التي قدمها (المركز الاسرائيلي الفلسطيني للأبحاث و الاعلام) “ما يفعله هذا المركز والمترجم هو قرصنة وسرقة وسأرفع شكوى الى الاتحاد الدولي للناشرين”، وأضاف: “موقفي لم يتغير بشان التطبيع مع اسرائيل: انا ارفضه تماما”.

9. الروائي المصري صنع الله ابراهيم:
في حوار له و سؤاله: هل توافق على ترجمة الأدب الإسرائيلي؟ أجاب قائلا: إذا وُجد. ووقتها يصبح السؤال: هل يمكن للعنصريين أن ينتجوا أدباً؟ والإجابة لا. الأدب العالمي غني جداً، لكن من الصعب ملاحقة كل تجلياته، وفي النهاية أضطر إلى صرف النظر عن كل ما هو عنصري ومتخلف.

10. الروائي الكويتي سعود السنعوسي:
فلنقل إنني استفدت، بنسبة ضئيلة، من التعرف على آراء قارئ ينتمي إلى بيئة ثقافية مغايرة تماما، قارئ لا يكاد يعرف عنك شيئا، أو له تصورات مسبقة لا تشبه واقعك، ذلك القارئ الذي لا يشبه القارئ العربي بذائقته وآرائه. ولكن رغم عدد الترجمات التي حظيت بها فإنها لا تشكل أي اختراق حقيقي للمشهد الثقافي الغربي. أتلقى بعض الآراء، وهي محدودة، عن طريق الرسائل الإلكترونية وتقييم القراء في موقع الـ غودريدز أو بالاحتكاك المباشر مع القارئ في الفعاليات والمهرجانات الأدبية العالمية، هي تجربة لا بأس بها ولكنها ليست كما يعتقد البعض أن الترجمة وحدها تحقق انتشارا عالميا، في حين أن الأمر لا يعدو كونه وهما لا علاقة له بالواقع. هناك من الكتاب العرب من حقق انتشارا لا بأس به، ولكن هناك أمر آخر لابد ألا نغفله، وهو ما يتعلق باشتراطات الناشر الغربي، وهو مثل أي ناشر يستند إلى مبدأ ربحي أولا وأخيرا ينتقي من الأعمال ما يغري قارئه، وهذا ما يدفع البعض من الكتاب العرب للكتابة وفق ذائقة مستوردة، لإعادة إصدار هذه الذائقة في نتاج أدبي يحقق رغبة القارئ الغربي وفق تصوراته عن العالم العربي شبه المجهول بالنسبة إليه. وهذا ما يجعلنا نقرأ أعمالا تصور العربي بنمط تفكيره وسلوكه وتفاصيل حياته على الصورة الذي يظهر بها في أفلام هوليوود.

11. الروائي السوري خالد خليفة:
خالد خليفة أشار إلى أن فئة قرائه الغربيين من نوعية محددة أو خاصة جدا: بالتأكيد استفدت من الترجمة ماديا ومعنويا، وتعرفت الى طرق جديدة لدى قراء جدد، ولدي قراء قلائل لكن يوجد قراء حتى لو كان أغلبهم دارسين لتاريخ المنطقة وسياساتها، أي أن قراء كتبي وكتب غيري من الكتاب المترجمين، جزء من وظيفتهم المنزلية، ولا يمكن الحديث عن اختراقات كبيرة في عدد القراء أو الذائقة الغربية، وحتى الآن لم تستطع الترجمة تحقيق ذلك الاختراق الكبير المتمثل في أن تصبح كتبنا جزءا من الإرث الإنساني، لكن أرى أن الوضع في السنوات الأخيرة أصبح افضل بكثير من سنوات العقود الثلاثة الماضية من القرن الماضي. أعتقد بأننا على أعتاب تحقيق اختراق لكنني لست متأكدا من وقت تحقيق هذا الاختراق وأهميته.
12. الروائي اليمني علي المقري
رأى المقري أن هناك عدة جوانب لاستفادته ككاتب من ترجمة كتبه، منها الجانب المادي وإقامة صداقات مع قراء جدد، ويضيف: بهذا المعنى أقول ان لدي قراء، ولا أفرق، طبعا، بين قارئ غربي وآخر شرقي. مع هذا يمكن القول بوجود حضور قرائي نسبي للأدب العربي في اللغات الأخرى، يختلف بين كاتب وآخر. إلاّ أن هذا الحضور، في معظمه، يبقى هزيلا وفي الهامش من الحياة الثقافية العالمية، فهناك كتب عربية قليلة استطاعت أن تطبع أو توزع بالآلاف، إذ ان أكثر الكتب المترجمة تذهب إلى المخازن، ويكتفي الأدباء العرب بالتباهي، فقط، بأن كتبهم مترجمة إلى لغات عالمية. المسألة لها علاقة بالكتابة العربية الحالية ومدى مساحة الحرية فيها إلى جانب التقنيات الفنية التي مازالت في معظمها تقليدية، أو أنها لا تصل أحياناً حتى إلى الفنيات التقليدية المكرّسة في الأدب الحديث، كما أنها لا تستطيع أن تقدم خصوصياتها الفنية إلى قارئ اعتاد على نمط محدد من الأشكال الفنية؛ إضافة إلى أن الناشرين باللغات الأخرى لا يقومون بعمل دعاية ترويجية للكتب العربية المترجمة كتلك التي يقومون بها أثناء تعاملهم مع آداب أخرى.
13. الروائي السوداني أمير تاج السر
أمير تاج السر تحدث عن نجاح بعض الروايات بلغة غربية أكثر من لغة أخرى: حقيقة استفدت كثيرا من الترجمة ليس في كل الروايات ولكن في بعضها، وأعني تلك التي ناقشت مواضيع يعتبرها الناس في أي مكان حيوية، مثل رواية «إيبولا 76» التي نجحت في الترجمة الإنكليزية والفرنسية، وكتب عنها كثير من المقالات، وأيضا «صائد اليرقات» التي ناقشت علاقة المثقف بالسلطة وعلاقة غير الموهوبين بالكتابة. فرغم أنها لم تنجح في اللغة الإنكليزية فانها نجحت بشدة في الإيطالية والبولندية، وحققت مبيعات عالية، و«العطر الفرنسي» التي وصلت للقائمة الطويلة في الجائزة العالمية للأدب المترجم للإنكليزية. طبعا يوجد قارئ هناك، ولكن ليس بحجم قارئ نصي في اللغة الأصل، وشخصيا لا أعتقد أن الكاتب حين يترجم يصبح عالميا، ولكن النص هو الذي يصنع عالميته. لذلك لن نقول ان الترجمة اخترقت الغرب بعد.
14. الروائية الدكتورة ميرال الطحاوي
في سؤال لها عن نظرتها الى الترجمة تقول: بداية دعني اقل إن الترجمة شيء مهم للكاتب ، لكني لا اسمي الترجمة في دور النشر الصغيرة جدا او الخاصة بالجامعات وخصوصا في اوروبا هي ترجمة حقيقية ، وكما هو معروف الترجمة يجب ان تكون مناطة بدور نشر متخصصة ، وقد طلب مني وفي اوقات كثيرة ومن اسماء معروفة تطرح بنفس السلاسل اسماء ادباء كبيرة في الادب العالمي ونشرت لهم مثل سلمان رشدي وماريو فارغاس يوسا واورهان باموك التركي وهي دور نشر متخصصة نشرت لهم مثل دار النشر الالمانية والاسبانية والنرويجية وتعاملت معها ، وهذه الترجمات لرواياتي حققت لي مردودا من القراء في الغرب وكما وفرّت الترجمة الكثير من رسائل الدكتوراه والماجستير في الغرب ، وانا اتساءل ما الذي تقدمه الترجمة للكاتب غير بعض التحقق وعدد من القراء الافتراضيين.
15. الناقد السعودي محمد العباس
بعد مأساة الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، حدثت اندفاعة غربية في المقام الأول للتعرّف على العالم العربي من خلال مروياته، ولذلك نشطت الترجمة لعينات روائية معنية بموضوع الإرهاب، ولمتوالية من الروايات المتعلقة بنشأة الأفكار الجهادية، فيما يشبه التقصي الأنثربولوجي والسوسيولوجي والسيكولوجي لشروط إنتاج الفرد العربي الكاره للغرب، المتأهب لتدمير الحضارة الغربية ومنظومتها القيمية. وبالفعل، وجد الآخر ضالته في روايات ذات خطاب مباشر في هذا الحقل، بمعزل عن حرفية الأداء الروائي، أو هذا هو ما أراده الغربي في طور ما يمكن أن يُسمى «الترجمة الاستعمالية». وهو منحى ليس جديداً بالكامل، إذ تُرجمت روايات فلسطينية في مرحلة من المراحل لتفكيك شخصية المناضل الفلسطيني، كما قرئت من منطلقات سياسية واجتماعية، لا من منازعها الفنية. وبالمقابل، أسهمت بعض دور النشر والمؤسسات الأوروبية في الترجمة الانتقائية الغرضية لبعض الأعمال التي شكلت وقوداً لما عُرف بالربيع العربي، ليعود السؤال من منطلق آخر حول الترجمة كفعل ثقافي أخلاقي.
16. الروائي السوداني الطيب صالح
يقول الروائي السوداني الطيب صالح إن نقص ترجمة الادب العربي عزز من الاحكام المسبقة المتحيزة ضد العرب في الغرب وإن نشر الادب العربي بصورة أكبر في الخارج من شأنه أن يقلل من “الجهل التام” بالمنطقة. لا يحظى الادب العربي بكثير من الاعتراف العالمي لكن صالح يدافع عنه ضد الانتقادات التي تعتبره محدودا وخاضعا لهيمنة الدين. وهو يقول إن الرواية العربية لديها الكثير لتقدمه مثل أدب امريكا اللاتينية الذي قدم مجموعة من الكتاب الذين أشاد بهم العالم في العقود الاخيرة. و أضاف “وصلت الرواية العربية الى مستوى رفيع جدا يمكن مقارنته بأي مستوى اخر في أي مكان بالعالم. و كون أنه ليس معترفا به في الخارج هي أما مسألة تتعلق بالمعايير أو نقص في الحماس للأدب الاجنبي.” ويقول صالح الذي غادر السودان في 1953 للعمل في القسم العربي بهيئة الاذاعة البريطانية إن نقص الادب العربي المترجم عبر عقود لم يساعد في مزيد من الفهم للعالم العربي والاسلامي في أوساط الغرب. وتابع “أصبح العرب والمسلمون هم الاخر (أي) هذا الكم غير المعلوم. يتبنى الناس مثل هذه الافتراضات والاخطاء المريعة بشأن العرب من باب الجهل الشديد. لا أريد أن أقول الحقد. لكنه التجاهل.”
17. المترجم السوداني عادل بابكر
يحدثنا بابكر أيضاً عن تجربته في ترجمة رواية “منسي بطريقة غير مألوفة” فيصفها بأنها كانت “ممتعة للغاية لأن النص مكتوب بلغة سهلة أقرب إلى “الوَنَسَة” (الدردشة)، وهو أسلوب يتناسب مع جو النص وموضوعه. غير أن التحدي تمثل في كيفية الإتيان بنص يحمل شيئاً من ملامح النسج البديع الذي تحدثت عنه آنفاً. وقد وقعت في مواضع كثيرة فريسة للتنازع بين “الترجمة المرسلة” التي تهتم بفحوى النص وصياغته في لغة تناسب طرائق وأساليب التعبير في اللغة الإنكليزية، من دون التقيد الصارم بأساليب التعبير في النص الأصلي، وبين الاجتهاد ليس فقط في نقل أجواء النص ومناخاته بل ومحاولة “توطين” بعض “المحمولات الثقافية” أو إيجاد “محاضن” لها في اللغة الإنكليزية تستوعب النص المترجم يرتاح فيها كأنها سريره، حتى لا يفوت على القارئ شيء من ذلك. وأعتقد أن قارئ هذه الترجمة سيجد شيئاً من هذا ومن ذاك”.
و لدى سؤاله عن مقارنة ترجمة “منسي” بتلك الأعمال، رد قائلاً: “تجربة ترجمة منسي مختلفة تماماً عن ترجماتي السابقة. فترجمة رواية (الجنقو مسامير الأرض) لبركة ساكن كتبت بلغة غارقة في المحلية وتطلبت مني جهداً إضافياً في فك طلاسم هذه اللغة ودلالاتها وأفضل السبل لجلوسها في قالب اللغة الإنكليزية. كما أن نقل أجواء الرواية الموغلة في المحلية كان عملاً شاقاً. أما ترجمة الشعر إلى الإنكليزية فكان تجربة مختلفة تماماً بالطبع لاختلاف طبيعة النصوص ولتنوعها من شاعر إلى آخر. على أن القاسم المشترك بين كل هذه التجارب هي المتعة التي يجدها المترجم في “معاظلة” النصوص و”تخليق” نص موازٍ يحمل شيئاً من ملامح النص الأصلي. وبقدر اقترابه من أجواء النص الأصلي يقاس نجاحه أو فشله”.
18. الروائي اللبناني الياس خوري:

ما هو الفارق بالنسبة لك بين الترجمة العبرية من مؤسسة إسرائيلية وغير إسرائيلية.. هل يعد ذلك تطبيعا؟
 
أنا رئيس تحرير مجلة الدارسات الفلسطينية، ونحن نترجم الكثير من الصحافة والتقارير الإسرائيلية، وهذا ضروري، أما عن الأدب الإسرائيلي، فمن الضروري أن نترجمه، ونقرأه، كي نفهم هذا المجتمع الجاثم على أرضنا، ومن خلال تجربتي الشخصية، فأنا لدى خمسة أعمال تمت ترجمتها إلى العبرية، ولم أوقع عقدا مع أحد.
هل تعتقد أننا فى حاجة إلى ترجمة الأدب العبري إلى العربية.. وكيف ينجو ذلك من فخ التطبيع؟
 
لا نوقع عقودا مع أحد.
بدون أن نحصل على موافقة الناشر؟
– طبعا، هؤلاء نهبوا أرضا كاملة بدون الحصول على موافقة أهله.
19. الروائي حمدي الجزار
قال الروائي حمدي الجزار الفائز بجائزة معرض الكتاب عن رواية “الحريم”، إن إسهام المصريين والعرب فى اللغة والحضارة الإنسانية تدهورت وانعدمت في العمارة والتنسيق المعماري، وإن الجزء المتبقي هو الأدب والفنون، وترجمة الأعمال الأدبية العربية فرض عين على الحكومات والدول العربية لأى نظام سياسي يريد لمصر والعالم العربي وجود داخل الحضارة الإنسانية.
أوضح حمدي الجزار، خلال ندوة بعنوان “ترجمة الأدب العربي… المعوقات والآفاق” ببيت السنارى، ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الأدبي، أن فن الرواية هو الفن الوحيد القادر على وجوده داخل الحضارة الإنسانية، متمثلاً في فن الأديب العالمي نجيب محفوظ، وفى مصر الرواية تحتل المرتبة الأولى للمصريين، وأن القارئ الأوروبي يهتم بالرواية من ناحية التأملات الفكرية، التي يحتاج بها أن يفهم المجتمع العربي.

وأضاف حمدي الجزار، أن الشعر فعل جمالي وتأملي متميز وترجمته إلى لغة أخرى يفقده روعته، مطالبا بوجود دعم قوى لمراكز الترجمة للمساهمة في الحياة الثقافية العامة.

20. الشاعر أحمد الشهاوى:
إننا لابد أن نعترف بأن اللغة العربية لغة عالمية، بمعنى أن الكاتب يجب ألا يكون مصابا بهوس ترجمة أعماله إلى حروف لاتينية، فهناك من يكتب لهدف الترجمة فقط، عندما يكتب لا يكون همه أو هدفه الأساسي هو ترجمة أعماله فور الانتهاء من الكتابة، فنحن نعانى من عدم وجود خطة منظمة لترجمة الأعمال العربية، ولكنها تقوم عل المجاملات والعلاقات الشخصية وهو ما يحول دون ترجمة أعمال أكثر تميزا، وهناك أيضاً أمر سلبى وهو عدم التواصل مع من نقوم بترجمته حتى يترجم لنا أعمالنا، وكأننا نعيش تحت الاستعمار.

و لفت أحمد الشهاوى إلى أنه لا يوجد وكيل عربي لترجمة الأعمال الأدبية، كما أننا يوجد لدينا أساتذة في الأدب ولكن لا يوجد مترجمون للأدب، فلابد من الاهتمام بالمترجم الأدبي، مضيفاً أن هناك لغات شقيقة من اللغة العربية مثل التركية والفارسية، وعندما تبحث عن ترجمات لنا للتركية أو الفارسية فلا تجد لأنهم غير مهتمين بنا، كما أننا ليسنا موجودين في اليابان والصين وإسبانيا، بالإضافة إلى الدول الإفريقية.

21.الروائي المصري ابراهيم الكوني
سؤاله عن شعوره عن ترجمة روايته الورم إلى الألمانية:
شعوري هو شعور إنسان يستطيع أن يرى رسالته وهي تدب على قدمين وتتواصل مع الآخر، مع ثقافة الآخر. أن نسمع صوتنا بلغة أخرى هو بحد ذاته ثراء. هذا يعني أننا نستعير بهذا الصوت هوية أخرى، وهذا بحد ذاته ثراء وفوز بكنوز.
22. الشاعر و الروائي العراقي سنان أنطون
يرى ان الترجمة هي الرئة التي تتنفس بواسطتها الثقافات وتتجدد وتواصل انفتاحها لذلك لا بد من الترجمة. والعصور الاكثر غنى في تاريخ الثقافات هي غالبا تلك التي شهدت اهتماماً جدياً بالترجمة الثقافية وبنقل إنجازات الآخر. لكن الترجمة، شأنها شأن أي ممارسة اخرى، تشترط وجود مؤسسات مختصة ومنظومة ثقافية تعي اهمية الترجمة وكذلك وجود نظام تعليمي وأكاديمي ينتج مترجمين متخصصين او يشحذ موهبتهم ويرعاها ووجود جمعيات تنظم فعاليتهم. وكل هذا لا يتوافر في مجتمعاتنا العربية التي ترزح تحت ألوان من الازمات التي تتفاقم، ومع كل ذلك فهناك جهود فردية رائعة ساهمت وتساهم في إغناء المكتبة العربية بالرغم من غياب الحد الادنى من الدعم، ومن كون الترجمة لا تدر ـ وهذا ينطبق حتى على المجتمعات الغربية ـ دخلا يناسب المجهود الجبار الذي تتطلبه.
انطون يرى ان في مجال ترجمة الشعر، لا بد من التذكير بإسهامات سركون بولص الرائعة وكذلك بسام جحا. يعجبني الشاعر العراقي كاظم جهاد ـ يضيف سنان ـ الذي تابعت ترجماته في الكرمل منذ الثمانينيات والذي اتحفنا برامبو وكذلك بترجمة جاك دريدا، ولا بد من الاشارة الى جهود سامر ابو هواش. يشير سنان ايضا الى التبعات السلبية للترجمات السيئة وخصوصا في الشعر، وإلى الاستسهال الذي يقارب به البعض الترجمة فيتصدى لنصوص صعبة دون ان يكون قد أحاط (او احاطت) بسياقها الثقافي او أتقن اللغة التي يترجم منها. وهذا يؤدي الى اختناق ثقافي نحن في غنى عنه. تعجبني مقولة لدريدا عن ان النص يظل في حداد الى ان يترجم، لكن من الافضل ان تظل بعض النصوص متشحة بالسواد إذا كانت ترجمتها ستشوهها قلباً وقالباً.
23. الشاعر الفلسطيني نصر جميل:
الشاعر الفلسطيني نصر جميل شعث يرى في الترجمة جسراً بين الثقافات، ولها صفة النهر ايضا من حيث هي عملية نقل تصاحبها سيرورة التجدد ونشوة استقبال وملامسة الكتب القادمة إلينا كقوارب محملة بروائح ومقتنيات ومعارف وآداب وتجارب الشعوب المختلفة. هذا النهر التاريخي ـ يقول شعث ـ الذي من جمالياته الحركة واستغراق الزمن، هو رسالة ناجحة ورائعة وسيشار بها الى مترجمين عرب اصحاب مشاريع كبيرة (لا اصحاب مبادرات صحافية ومماحكات دعائية) نقلوا الكثير من الكتب التي أثرت، وما تزال تؤثر، في تكوينات اجيال ممتدة، امثال عبد الرحمن بدوي، عبد الغفار مكاوي اللذين قدما للقارئ العربي نماذج من روائع نوابغ الفكر والأدب الالماني. ومن الراحلين ايضا، ممن ترجموا وقدموا آثاراً مهمة من الأدب والفن الأنكلوسكسوني اذكر الراحل جبرا ابراهيم جبرا. ولعل من أبرز من تذهب إليه الإشارة الآن هو المترجم صالح علماني المتخصص بترجمة الروايات عن الاسبانية. عدا عن اسماء حاضرة ما زلت افضل ان أقرأ ترجماتها الحيّة والعالية الجودة، للكتب الفكرية والشعرية المكتوبة بالفرنسية امثال الشاعر والمترجم العراقي كاظم جهاد، من دون اغفال تراجم لأسماء كثيرة تصلنا من المغرب العربي، وكثيرها يميل الى ترجمة الفكر والفلسفة والتنظيرات الفرنسية. هناك ايضا ترجمات مهمة عن الانكليزية لأعمال أدبية مهمة قدمها المترجم محمد عصفور، وفي ما يخص ترجمة الشعر بمبادرات شخصية او بتكليفات معينة، يظل الأمر قابلاً للتساؤل، سواء تمت الترجمة من لغة اجنبية الى العربية او العكس.
24.القاص العراقي حسن بلاسم
صدرت الترجمة النروجية لمجموعتك القصصية “معرض الجثث” ولاقت أصداء جيدة على مستوى النقد والقراءة، اعتمدت الترجمة النسخ الأصلية من قصصك دون التي تم “تقطيعها وطمسها” في النسخة العربية، كيف تشعر حيال ذلك؟ أن يختلف كتابك المُترجم عن الكتاب في لغته الأصلية؟

– بداية، لا أتابع ما يكتب عن كتبي المترجمة وأترك الأمر للناشر الذي يتابع كل شيء، ويختار النصوص. كل ما أفعلهُ هو أن أرسل لهُ النصوص الأصلية باللغة العربية وأترك الاختيار لهُ. لا أعتمد النسخة الصادرة بالعربية، إذ خضعت مجموعة “مجنون ساحة الحرية” للرقابة. بالنسبة إلى متابعتي للكتب المترجمة، تكون ضمن التواصل بيني وبين المترجم فقط، في حال كان لديه استفسار معين حول النص. بالطبع أنه أمر مؤسف أن تظهر أعمالي في لغتها الأم مختلفة بعض الشيء عن المترجمة، لكن لحسن الحظ أن كتبي صدرت باللغة الأجنبية قبل صدورها بالعربية، ولهذا لم يكن للنسخة العربية تأثير في الترجمات، لأن دور النشر تعتمد النسخة الأصلية. لوقت طويل كانت مشكلتنا مع الناشر العربي الذي يفرض رقابة أخلاقية على الكاتب، لكن كما ألاحظ الآن أن هناك جرأة من عدد من الناشرين في تبني أعمال من شأنها إثارة الجدل.

25. الروائي العراقي أحمد سعداوي:

النظرة الأجنبية كانت ترى أن الآداب الشرقية واعدة وأنها في طريقها للنضوج، حتى حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل للآداب، فقبل هذه اللحظة لم يكن يتم التعامل مع الأدب العربي بجدية، ولكن اليوم الأدب العربي أثبت نفسه مثل أى أدب آخر، بالاعتماد على المعايير، ولا ننسى أيضا كثافة الترجمة اليوم، ولكن يبقى المعيار الأساسي، وهو أن يتقن الكاتب صنعته كروائي، وألا ينسى أنه فى منافسة مع كل أدباء العالم.

26. الكاتب ازراج عمر:
يبدو واضحا أن معظم أنطولوجيات الشعر العربي التي ترجمت إلى اللغات الأجنبية وخاصة الإنكليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والروسية قد تمت على أساس العلاقات العامة وليس على أساس الاستحقاق الإبداعي المختلف والمجدد.  وبمعنى آخر فإن للسياسة دخلا في عملية انتقاء الشعراء حينا وحينا آخر فإن العلاقات الشخصية ونفوذ البلد الأدبي لهما ضلع في تلك العملية، وهو الأمر الذي جعل حضور الشعر العربي في اللغات الأجنبية انتقائيا وغير مؤثر في الوقت نفسه في بانوراما الحساسية الشعرية في الدول الأجنبية التي ترجم إليها.

27. الكاتب الكردي السوري جان دوست
لماذا تكتب بالعربية، وتترجم من العربية إلى الكردية ومن الكردية إلى العربية؟ أهو سفرٌ متسامح بين اللغات، أم ثمة أغراض أخرى تضمرها أثناء التأليف والترجمة؟ هل العربية شريك للكردية كما يقول سليم بركات حقا؟
أكتب بالعربية لأنها جزء من روحي. لا أقول ذلك مجاملة. كيف أهمل لغة المعري مثلا، لغة الشك والريبة والتأمل والفكر؟ لقد نهلت من ينابيع العربية معارف كثيرة وهي صاغتني بمهاراتها العظيمة. بالنسبة للترجمة لا أغراض مضمرة، الترجمة كما أردد دائما تحريرٌ للنصوص من سجون لغاتها الأصلية.
28. الروائية ريم بسيوني
تؤكد ريم بسيوني الروائية والأستاذة بالجامعة الأميركية بالقاهرة أن أغلب الروايات التي تتم ترجمتها من اللغة العربية إلى لغات أوروبية تتعمد كسر تابوهات الجنس والدين والسياسة، متماهية مع صورة نمطية سلبية سائدة هناك عن العرب، وتقول إنها عرضت لذلك فنيا في روايتها “مرشد سياحي”، “فالبطلة روائية وعندما حاولت ترجمة روايتها فشلت محاولتها لأنها تخالف شروطا يضعها الناشر والمترجم وهي تقديم الصورة النمطية والسلبية عنا كعرب، هناك أفكار وصور صارت متجذرة عنا كعرب مفرداتها الإرهاب، التوترات السياسية، التخلف.. إلى آخر تلك الصفات السلبية السائدة عن العرب يبحث عنها الناشر الأوروبي لتسويقها”.
29. اليفة رفعت
في حوار مع اشرف مصطفى توفيق ضمن كتابه اعترافات نساء اديبات:
قلت لها اعتقد انك و د. نوال السعداوي اشهر الكاتبات معرفة في الغرب بخاصة المانيا و انجلترا فهل هناك اتفاق بينكما و بخاصة أنهم يقولون: ان الغرب يترجم لكما لأنكما تلعبان على وتر الجنس في حياة المرأة العربية؟
دعهم يقولون فأنا لست أكثر الكاتبات ترجمة لهن هناك سلوى بكر و لطيفة الزيات و رضوى عاشور و كثيرات. و اعتقد أن هذا السؤال كرر للدكتورة نوال السعداوي و قالت لا نحن مختلفات- و أنا اتفق معها و اوضح ان الجنس في كتاباتي قضية خاصة و انسانية ، اما الجنس في كتابات نوال السعداوي قضية سياسية و مدخل لتحرير المرأة، فأنا اكثر ضعفا و رومانسية و عفوية و صوفية. و لكني رغم اختلافاتنا لا احب من يصفها بالإباحية لأن الصدق في الأدب و التعبير يجب الا يوصف بغير الصدق
30. الكاتبة الجزائرية احلام مستغانمي
– اعمالك ترجمت إلى الإنكليزية باستثناء «الأسود يليق بك»، حدثينا عن علاقتك بالمترجمة نانسي روبرتس، وكيف تم التعاون بينكما؟
– كنت أبحث على الإنترنت عن مترجمة لنصوص شعرية، لأن نصوصي شعرية، كذلك أن تكون حاصلة على جوائز. فالوردة لا تترجم بالوردة حيث يضيع عطرها في الطريق، وللاحتفاظ به علينا ترجمة الإحساس، أي على المترجم إيصال شذا الوردة. كما يلعب اسم دار النشر ومكانتها، دوراً مهماً أيضاً في الترويج للكتاب. واستطاعت نانسي روبرتس التقاط روح نصوصي، ونقلته بجماليته كما قيل لي لأني لا أجيد الإنكليزية.
31. الدكتور انور مغيث
مدير المركز القومي للترجمة في مصر : يجب على وزارة الخارجية أن تضع ميزانية غرضها الترجمة العكسية، بما أن الميزانية المخصصة للمركز من جانب وزارة الثقافة تكفي بالكاد الترجمة من لغات مختلفة إلى العربية.  ويضيف مغيث: “الترجمة مِن العربية إلى لغات أخرى هي ضرورة حتمية، وعلى المؤسسات الرسمية أن تلعب دورها بالدفع نحو تغيير الصورة السلبية عن مصر والعرب. الترجمة هى الوسيط للوصول للأخر، وما يعنينا الآن هو كيف يمكن تحقق ذلك، خاصة في ظل عدم وجود ميزانية بالمركز القومي للترجمة تغطي تكاليف هذا المشروع”.
لكن المركز يلعب في هذا الصدد دوراً مهماً، يتمثل في ترشيح أعمال لتترجمها دور نشر أوروبية من العربية إلى لغات عدة. ويقول مغيث في هذا الصدد: “نحتاج إلى اختراق فكرة المترجم الإستشراقي الذي يأتي من دون دعم منا، خاصة أن ما يتم تقديمه عبر الترجمات الإستشراقية، صورة سلبية عن العرب، باختيارات لأعمال تكرس الصورة النمطية الشائعة عنا كعرب. هدفنا هو تحطيم وكسر تلك الصورة وتغييرها عبر الأدب والإبداع والفكر. يمكننا تكريس لصورة ايجابية عبر دعم ترجمة الإبداع من العربية إلى لغات أخرى”.
ويضيف مغيث: “كخطوة أولى ومبدئية، في هذا الصدد، علينا الاهتمام بترجمة أعمال كبار مفكرينا، مثل طه حسين وجمال حمدان وأحمد أمين وغيرهم، أما عن الكُتَّاب المعاصرين واختياراتهم، فالأمر يمكن أن يتم مِن قِبل لجنة من كبار المثقفين”.
32. الدكتور جابر عصفور:
كان أمرا طبيعيا، نتيجة تدريسي الأدب العربي بلغة إنجليزية، أن أراجع الترجمات الإنكليزية المتاحة للأعمال الروائية المعاصرة في مكتبة هارفارد. ولحسن الحظ، وجدت عددا كبيرا من هذه الترجمات، الأمر الذي أتاح لي حرية الاختيار، وفرصة المقارنة بين مستوى هذه الترجمات. وبقدر ما لاحظت أن الرواية المصرية تأخذ النصيب الأكبر من حركة الترجمة، وذلك لتعدد موضوعاتها وتنوع اهتماماتها وتباين أجيال واتجاهات كتابها وكاتباتها، فضلا عن تفوقها العادي على غيرها من روايات هذا القطر العربي أو ذاك، فقد لاحظت أن حركة الترجمة إلى الإنكليزية لم تفت الأقطار العربية التي يجب ترجمة أعمالها، وسعت في حدود الإمكانات المتاحة للمترجمين والمترجمات إلى تغطية أفكار الأدب العربي كله. وما كان ذلك يمكن أن يتم إلا لمجموعة من العوامل التي أدت إلى تنشيط سوق الترجمة من العربية إلى الإنكليزية. وتشمل هذه العوامل ما حظي به الأدب العربي بوجه عام، والرواية العربية بوجه خاص، من سمعة جيدة نتيجة حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل. صحيح أن سمعة الأدب العربي أو الرواية العربية لا تضارع سمعة الأدب الياباني أو مكانة رواية أمريكا اللاتينية أو حتى روايات أفريقيا السوداء. ولكن مكانة الأدب العربي أخذت في التصاعد، وأصبح بإمكان المرء أن يعثر على روايات عربية لكتاب وكاتبات في المكتبات التي تبيع الروايات الحديثة، وأصبح من المألوف أن ترى اسم حنان الشيخ إلى جانب اسم اليزابيث أليندي، واسم عبدالرحمن منيف غير بعيد عن اسم كادارا، واسم نجيب محفوظ قريبا من اسم كالفينو أو كونديرا.
33. الروائية اللبنانية حنان الشيخ:
فعندما نشرت روايتي الثالثة: «حكاية زهرة»، التي كانت أول رواية لي تتم ترجمتها، كتبوا في فرنسا أن الكاتبة شيعية مسلمة وأنها تعرف المجتمع الشيعي. في البداية لم أهتم، فقد كنت سعيدة جداً أنه تمت ترجمة قصتي ونشرها، خصوصاً أن معهد العالم العربي دعمني أيضاً. كنت المرأة الوحيدة بين عشرة رجال التي تتم ترجمة رواية لها. وحصد الكتاب جوائز ثم تمت ترجمته إلى اللغة الإنكليزية. كان أمراً جديداً بالنسبة لهم أن تكتب فتاة شيعية مسلمة ما كنت أكتبه، ولكن الآن أشعر بالغضب من ذلك وقلت للناشر الفرنسي إنني أريد إزالة هذا الوصف من سيرتي الذاتية. قلت له إنني لا أريده أن يكتب مسلمة أو شيعية أو أي شيء آخر، فقط أريد أن يكتبوا مؤلفة..
34. الروائية العراقية انعام كججي
أوضحت الروائية العراقية انعام كججي صاحبة رواية “طشاري” أن المترجم محمد حربائي انتهى من ترجمة الرواية للفارسية، مؤكدة: “القارئ العربي هو هدفي، والترجمات بالنسبة لي بطاقة تعريف للمجتمع الذي أقيم فيه منذ سنوات طوال”.
35. الروائي السوداني حمور زيادة:
– إلى أي مدى تمكن الأدب العربي من فرض وجوده عالميا؟
– اللغة العربية لا تزال لغة محلية رغم أن 22 دولة تتحدث بها. التقيت كاتبا بريطانيا قبل أيام، وإلى جانبي كاتب مصري وتبادلنا الحديث قليلا وسأل عن كتبنا وتفاجأ أننا نكتب باللغة العربية وأعتقد أنه لو لم يكن مهذبا لقال لنا هل من أديب يكتب بهذه اللغة اليوم؟ فالعالم يتطلع إلى الأدب بلغات مختلفة، ونحن نكتب لبعضنا البعض.
وما يجعلنا نكسر هذا الطوق هي الترجمة، بحيث أعتقد أنها صارت متاحة بشكل كبير لأن العالم يمكنه الإطلاع الآن على كتاباتنا. لكن ربما التساؤل الوحيد هو هل هذا العالم يتوقع أن يقرأ من هذه المنطقة العربية كتابات بشكل معين، أي كتابات عن المرأة والجنس والليالي الشرقية… وهل هو مستعد أن يتقبل النقد الحديث لمشاكلنا أم أنه ما يزال يبحث كتابات من نسق ألف ليلة وليلة؟
36. الكاتب الأردني هشام البستاني:
قال خلال الأمسية “إن مشروع ترجمة المجلة مهم من أجل التعريف بالقصة والكتابة العربية في العالم الناطق بالإنكليزية.. الأدب العربي يبدو غائبا في الولايات المتحدة”. وأضاف أن هناك تجديدا في شكل الكتابة والنوع، والهدف من الترجمة هو تقديم وإبراز الكتابة لجمهور جديد من خلال قصص تمثل التنوع الكبير من حيث البلاد والطرق الكتابية وجنس الكاتب.
37. الدكتورة فريال غزول:
– اذا يكتسب الأدب العربي الكلاسيكي أهمية للقراء المعاصرين في العالم الناطقة باللغة الإنكليزية؟ وكيف يمكنك منع ضياع الفروق الدقيقة في اللغة العربية في الترجمة؟

– فريال غزول: يعتبر الأدب العربي الكلاسيكي واحداً من مجموعة قليلة جداً من الآداب في العالم التي مازالت تُقرأ بعد أكثر من ألف سنة من كتابتها. إذا كنت تتقن  العربية، يمكنك قراءة أبيات مجنون ليلى والتي كتبت في أواخر القرن السابع اليوم في القرن الحادي والعشرين دون مساعدة من القاموس .هناك، بطبيعة الحال، بعض الصور المحددة ثقافيا أو بعض الدلالات التي قد لا تتقاطع مع الثقافات الأخرى. في مثل هذه الحالات نستخدم الملاحظات التفسيرية في نهاية كتابنا وكذلك نشرح في المقدمة جوانب معينة من الثقافة ومسار الشاعر. قدمنا أيضا مختارات من شعر قاسم حداد التي تمتد 40 عاماً، لذلك يمكن للقارئ أن يطلع على مخيلته الخيال وتشهد تطورها.

38. الكاتب حسونة المصباحي:

الحقيقة أن الروائيين العرب لا يعلمون أن الشهرة التي يسعون إليها بعجلة محمومة لن تتحقق لهم بمجرد التطرق إلى قضايا حارقة، بل عليهم أن يبتكروا أساليب جديدة في الكتابة الروائية مثلما فعل كتّاب أميركا الجنوبية المنتسبين إلى موجة ما أصبح يسمى بـ”الواقعية السحرية”، كما عليهم أن يأتوا بما هو غير معهود وغير مسبوق في فن الرواية، أي أن يكونوا خلاّقين لا مقلّدين، من دون ذلك سوف يظلون يراوحون مكانهم، مُتجرّعين الخيبات والنكسات المرّة.

39. الروائية السورية حميده نعنع:

من خلال اقامتي في الغرب ادركت ان هناك فروقا حضارية هائلة, وهناك أحكام مسبقة ذات بعد تاريخي وحضاري وسياسي. هذا الى حد كبير يحكم الاعمال الأدبية التي تترجم الى اللغات الأجنبية, لا أريد أن أقول عنصرية الغرب, ولكن هناك نظرة للعرب مازالت تساندها الكثير من الأحكام المسبقة والتي بدأت منذ العصور الوسطى وحتى الان. واعتقد ــ تقول نعنع ــ انه عندما تترجم أعمال الى حضارة أخرى يجب أن يكون وراء هذا الادب المترجم حضارة ايضا كبيرة تسانده مثل الموسيقى والرسم, وللأسف الشديد هذا غير متوفر في المرحلة الحالية في الحضارة العربية, وبالتالي فالعمل الادبي الذي يترجم للغات أخرى يبدو عاريا ليس له سند حضاري.

40. الكاتب سعد البازعي
أوضح الدكتور سعد البازعي في محاضرته “سيدات القمر الرواية والترجمة” التي نظمها مساء الثلاثاء بيت السرد في جمعية الثقافة والفنون في الدمام بحضور أساتذة الترجمة والكتاب والروائيين، أنه “بعد فوز رواية جوخة الحارثي بالمان بوكر صار سؤال الترجمة أساسيا عند الحديث عن الرواية، وهو وضع متوقع ولكنه غير منصف لعمل غني بذاته، يظلم حين يبدو أن جزءا من أهميته حسب البعض ناتج عن أنه ترجم، أي لو لم يترجم لما فاز بالجائزة البريطانية/العالمية، ولكن في هذا ظلم للعمل، لأنه يصرف النظر عن القيمة الأدبية السردية والثقافية التي يكتسبها العمل بحد ذاته”.
الخلاصات:
1. إن عدم حظوة العرب و لغتهم بالاحترام الى حد ما صيرهم و صير أدبهم مصدرا للخطر و الغموض و الاستغلاق.

2. الأعمال المترجمة تكرّس وجهة نظر الغرب عن الشرق المتخلف. و أن الغرب يتعامل مع الأدب العربي كوثائق اجتماعية وليس كأدب ناضج.

3. نظرة الغرب لا زالت قاصرة لأنه يتصور أن الأدب العربي ينحصر في الشعر الجاهلي الذي قدمه بعض المستشرقين، وفي الأدب الشعبي متمثلاً بألف ليلة وليلة التي ترجمت إلى الإنكليزية في القرن التاسع عشر.

4. سوق الأدب العربي المترجم محدود ولا يتفاعل مع الآداب العالمية على مستوى إنتاج وترسيخ القيمة الأدبية إلا في حدود ضيقة.

5. ليس للعرب قامات أدبية مثل تولستوي و عليهم الانتظار من أجل الترجمة.

6. المترجمون خانوا نجيب محفوظ لأن بعض هذه الترجمات عبارة عن ترجمات مشوهة للنص الأصلي، ولم يتعمق المترجمون في فهم دلالات البنية الروائية، وفك شفرات النص المحفوظي الثري.

7. ترجمات الأدب العربي ترجمات تجارية حافلة بالكثير من المشكلات الثقافية ، و لابد من اشراك المترجمين العرب مع المترجمين الأجانب.

8. مواقف الروائيين العرب بشأن ترجمة اعمالهم إلى العبرية أو ترجمة الأعمال الأدبية الإسرائيلية إلى العربية متباينة بين الرافض لها لعدم تغير مواقفهم السياسية من التطبيع و بين البعض الموافق على الترجمة مع تجنب الوقوع في الفخاخ بعدم توقيع العقود الرسمية مع الجهات الإسرائيلية.

9. ترجمات الأعمال العربية لا تشكل اختراقا حقيقيا للبيئة الثقافية الغربية و لا تشكل لوحدها الطرق الى العالمية.

10. أن وضع الترجمة في السنوات الأخيرة أصبح افضل بكثير من سنوات العقود الثلاثة الماضية من القرن الماضي.

11. المسألة لها علاقة بالكتابة العربية الحالية ومدى مساحة الحرية فيها إلى جانب التقنيات الفنية التي مازالت في معظمها تقليدية.

12. القارئ الأجنبي ليس بحجم القارئ العربي.

13. الترجمة يجب ان تكون مناطة بدور نشر متخصصة و كبيرة.

14. الترجمات الجارية حاليا هي فيما يشبه التقصي الأنثربولوجي والسوسيولوجي والسيكولوجي لشروط إنتاج الفرد العربي الكاره للغرب، المتأهب لتدمير الحضارة الغربية ومنظومتها القيمية.

15. نقص ترجمة الادب العربي عزز من الاحكام المسبقة المتحيزة ضد العرب في الغرب وإن نشر الادب العربي بصورة أكبر في الخارج من شأنه أن يقلل من “الجهل التام” بالمنطقة.

16. ترجمة الأعمال الأدبية العربية فرض عين على الحكومات والدول العربية لأى نظام سياسي يريد لمصر والعالم العربي وجود داخل الحضارة الإنسانية.

17. عدم وجود خطة منظمة لترجمة الأعمال العربية و الترجمات الحالية قائمة على المجاملات والعلاقات الشخصية.

18. قبل استلام نجيب محفوظ لجائزة نوبل لم يكن يتم التعامل مع الأدب العربي بجدية، ولكن اليوم الأدب العربي أثبت نفسه مثل أي أدب آخر.

19. معظم الترجمات التي تمت قد تمت على أساس العلاقات العامة وليس على أساس الاستحقاق الإبداعي المختلف والمجدد.

20. عدم وجود ميزانية مخصصة لدعم الترجمة و المترجمين.

التوصيات:

1. إذا كان بيتر كلارك يتقاطع في كتابه Arabic Literature Unveiled: Problems of Translation الصادر في العام 2000 مع سعيد بقوله أن تطورا مهما صاحب عملية ترجمة الأعمال الأدبية العربية منذ العام 1988 فعلى المؤسسات الثقافية و الأدبية و الأكاديمية العربية بحث اسباب هذا التطور و رفده و تعميقه.

2. الرد المقابل على ترجمة الأعمال التي تكرس وجهة نظر الغرب عن الشرق المتخلف هي بقيام المؤسسات العربية بنقل الأعمال الأدبية التي تعكس الواقع العربي الفعلي لا الوردي و لا المتخلف. و تكون ترجمة الأعمال الناجحة و المؤثرة أولوية أولى.

3. مثلما يرصد الغرب برأي مارسيا لينكس كويلي ميزانيات ضخمة لتكريس هذه الصور النمطية السلبية من العرب و المسلمين علينا من جانبنا أن نرص ميزانيات مقابلة لمواجهة تلك الصور بنقيضاتها من الصور الإيجابية و المشرقة مستثمرين في ذلك جهود المبدعين الغربيين المنصفين اساسا كمفتاح للدخول للعقل الغربي و الأوربي.

4. لدينا في العالم العربي مؤسسات ثقافية و أدبية و اتحادات و جمعيات ثقافية و أدبية و أخرى متخصصة بالترجمة تملك من الخبرات البشرية و المعرفية خزينا هائلا ينبغي الاستفادة منه في رسم خطط ترجمة المنتجات الأدبية و الثقافية بشكل علمي و مدروس.

5. لقد تغير الوضع الأدبي العربي كثيرا من ناحية الجوانب الفنية و المضمونية لمجموعة متميزة من الأدباء و الكتاب العرب و هي جديرة بالترجمة الى لغات العالم المختلفة.

6. إن كان المترجمون خانوا نجيب محفوظ فذلك لأن المترجمين خونة مثلما يقول المثل الإيطالي ، و يمكن تقليل خيانات المترجمين الأجانب للأدب العربي بإشراك المترجمين المحليين مع المترجمين الأجانب لسد الفراغات التي يصعب على المترجم الأجنبي فهمها و التعبير عنها و خصوصا الثقافية منها.

7. على قدر الدور الذي يطلع به مركز الترجمة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة فإن نتاجاته لا تخلو من تبعيتها لسياسة الجامعة و من أخطاء المترجم الأجنبي و هفواته. و السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال هو : لماذا لا تقوم اقسام اللغات و الترجمة في جامعاتنا المختلفة بترجمة الأعمال الأدبية العربية كجزء من برامج الماجستير و الدكتوراه في تلك الجامعات؟

8. الترجمة مثلما يرى العديد من منظري الترجمة لا تخلو من الأبعاد السياسية و الآيديولوجية و هي في كل الأحوال ليست بريئة من حملها لبرامج و اجندات تختلف عن الصورة الرومانسية عن الترجمة بوصفها جسرا للتفاهم بين الأفراد و الشعوب. التطبيع الثقافي جزء لا يتجزأ من التطبيع السياسي و الترجمة قد تكون واحدة من أدوات التطبيع الذي يختلف الأدباء و الكتاب فيما بينهم بشأنه.

9. الانتشار الفاعل و المؤثر لابد أن يكون مقترنا بالبحث و الدراسة عن اسباب قلة تفاعل القارئ الغربي و الأوربي مع الأعمال العربية المترجمة إضافة إلى كثافة الترجمة.

10. لابد من القيام بدراسات تتحرى الاسباب وراء عدم استطاعة الترجمة تحقيق ذلك الاختراق الكبير المتمثل في أن تصبح كتبنا جزءا من الإرث الإنساني.

11. التفكير بمنح مساحة من الحرية أوفر من المساحة الحالية التي يتمتع بها الأدب العربي و قيام الأدباء العرب بتطوير جانب التقنيات الفنية التي مازالت في معظمها تقليدية.

12. رعاية المؤسسات الأدبية و الثقافية العربية للجوائز المخصصة لترجمة الأعمال الأدبية العربية و الإكثار منها و من الندوات و المؤتمرات العربية- الأجنبية التي تتناول ترجمات الأدب العربي.

13. فتح آفاق التعاون مع دور النشر المختلفة ، الصغيرة و الكبيرة و الجامعية، المتخصصة بترجمات الأعمال الأدبية.

14. من الممكن مواجهة الترجمات الاستعمالية و الانتقائية الغرضية بنوع آخر من الترجمات تفرضه المؤسسات الثقافية و الأدبية العربية يكون الأساس فيه هو المنجز الفني و الابداعي.

15. إن من شأن تكثيف ترجمة الأدب العربي إلى لغات العالم المختلفة و خصوصا الإنكليزية و الفرنسية و الألمانية أن يخفف من حدة الأحكام المنحازة ضد العرب و يقلل من جهل الآخر بالعرب و عالمهم.

16. ترجمة الأعمال الأدبية العربية فرض عين على الحكومات العربية لما يمكن أن تقوم به من دور ثقافي و أدبي كبير يعاضد الدور السياسي و يعززه على مستوى الأفراد و الحكومات الأجنبية.

17. الاهتمام بمؤسسات الترجمة الموجودة في العالم العربي و تطوير امكاناتها ماديا و معنويا و الاهتمام بالملاكات العلمية العاملة فيها من مترجمين و غير مترجمين و دعمهم عن طريق توفير الفرص المختلفة لتطوير قدراتهم و امكاناتهم.

18. تعزيز طاقات المؤلفين و الأدباء العرب من خلال زجهم بالدورات التطويرية المهارية و اشراكهم بالمناسبات الثقافية و الأدبية المختلفة لإفادة الآخرين بخبراتهم و استفادتهم شخصيا من خبرات الآخرين .

19. اعتماد لجان خبراء موثوقة غير خاضعة للعلاقات و الأمزجة الشخصية في تحديد الأعمال العربية التي تستحق الترجمة فعليا من أجل تقييد و محاضرة الضائعات من الأعمال المترجمة.

20. تنوير الأدباء و الكتاب العرب برفض اطلاق التسميات و التوصيفات السياسية و الأقلوية و المذهبية من جانب الناشرين الأجانب في تقديم أعمالهم المترجمة للقارئ الغربي و الأوربي.

21. لابد من ان تصاحب عملية ترجمة الأعمال الأدبية العربية فعاليات و نشاطات ثقافية و أدبية داعمة لها على صعيد الفنون و الموسيقى و المعارض الفنية و التاريخية و غيرها بحيث يكون الفعل الترجمي متناغما مع هذه الفعاليات و مكملا لها.

كلمة أخيرة:
لابد لي أخيرا من تقديم الشكر و العرفان لكل من الدكتور عقيل المندلاوي مدير عام دار المأمون للترجمة و النشر و الاستاذ المساعد الدكتور ماجد عبد الحميد الكعبي عميد كلية الآداب بجامعة البصرة و الست نجاح الحمداني مسؤولة العلاقات و الأعلام بدار المأمون على دعم هذه المحاضرة التفاعلية و مباركتهم لها و للتعاون بين الجهتين الثقافية و الأكاديمية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here