ماكرون  والأصولية  الإسلامية  

بمقتضى  كلام الرئيس  الفرنسي  ماكرون   نعيد  معكم  السؤال من جديد  ،  هل حقاً أن الأصولية الإسلامية عاجزة  ؟  ،  وهل   أن  الإسلام  يعيش  بالفعل  أزمة حقيقية  ؟  ،  في مستهل الجواب   نقول    :   نعم   ،  هناك عجز وعجز كبير  في قواعد التفكير والانتاج لدى المسلمين  ،  فلم تعد الاصول الاسلامية   القديمة   قادرة على معايشة الواقع والتأقلم معه   ، ولم تعد منتجات العصور الوسطى  للمسلمين   باستطاعتها   أن  تبني افكارا توافق   ما عليه حركة المجتمعات والدول  ،  والعجز نجده في التفاسير وفي  المعاني   وفي الفقه   وفي الشريعة   وفي عقيدة  المسلمين   ،   التي ما عادت باستطاعتها السير وفقاً   لنظام العلم الجديد ، إذن هناك ثمة حاجة لتغيير هذه الاصول ودفعها بعيدا عن ساحة الحياة ، والإعتماد على  نوع   و نمط من القواعد والأصول  جديد  يتماشى مع الواقع وحركة العلم والمعرفة في عالم  اليوم    . 

ونقول  :   نعم كذلك   ،  ان  الإسلام  في المضمون العقيدي والتشريعي يعيش ازمة بل ازمات ،  تبتدئ  من  طبيعة العلاقة مع الغير ومع المختلف ،  ولا تنتهي  مع الشروحات التاريخية للاسلام  القديم   ،   فتلك الشروحات ومارافقها من اخبار انما كانت تعبر عن لحظة تاريخية معينة ،  لا يجوز بحال اعتبار تلك الشروحات هي الاسلام   ،  أو ان رجال تلك المرحلة هم المسلمون   وحدهم   وهم الصورة   وهم  المثال ، فقد ثبت  بالدليل  و  بما لا يقبل الجدل   :  –   ان مراحل الانحطاط بدأت  بالفعل  من تلك المراحل التاريخية ، ولنقل بدأت  مع ما سمي ببيعة السقيفة وما تلاها من تداعيات ، وحروب محلية واهلية بين جماعة الاسلام انفسهم ،  من الحرب على مانعي الزكاة وصولا الى الحروب في الجمل وصفين ومقتلة كربلاء ، وأستباحة الكعبة وضربها بالمنجنيق  –   . 

الاسلام  المعروض  هو  صورة باهتة لحياة مليئة بكل ماهو قبيح وسيء ، ومما يثير القرف والسخرية هذه الزوبعة وهذا الهراء  من الكلام  الذي   قال به  شيخ الازهر ووافقته عليه  جماعة قطر من مرتزقة الاخوان ،  هؤلاء جميعاً  مغفلون أو مغرر بهم أو انهم يناكفون في المجهول ، فالإرتكاس الاسلامي لم  ينبه عليه  الرئيس  ماكرون   ،   وانما هو تراكم من الاخطاء والممارسات الفاسدة  ،  من عصر الخلفاء والى يومنا هذا ، فكل جماعة فيه تقدم صورة عن هذه السوداوية التي تلف هذا العالم الغبي . 

الاسلام لم يتحرر من مفردات ذلك الزمن التاريخي التعيس   ،  ولهذا لم يتقدم خطوة باتجاه الانسانية  وما تتطلبه   وما توجبه  ،  فهو  لا يؤمن بدولة الانسان  و جماعته  إنما  يعتمدون المكر والحيلة والمخاتلة  في قضاء حوائجهم   والترويج لمخلفات  أرائهم   ، على ظن فاسد منهم ان يتغير الحال وترجع بهم الساعة إلى تلك الحقب المظلمة  ،  ولكم في  ايران مثلا    وكيف  أنها  تجاهر بطريقة المعرفة التي تغمسها بشعارات مسخ لا تنتمي للواقع بصلة  ،  ومنها اشتقت جماعة الاسلام السياسي في طالبان والقاعدة واخيرا داعش هذا المنحى الفاسد . 

ثم يبشر الجهلة بان الإسلام فيه الحل   ،   أو أن الشعوب تترجى طريقة حكمه للمجتمع والدولة ،  ماكرون لم يكن عبثياً  ولم يرد التصادم    ،  بل كان يسعى للإعلان عما يجب ان تتبرء منه الحاضنة المسلمة لهذا الزيف المخادع ،  هو يريد التنبيه ويريد تحفيز العقول لما يمكنها القيام  به ، في ظل عجلة من التقدم غير قابلة للرجوع الى الوراء ،  هو لا يريد  من المسلمين الانعزال والانطواء   ،   بل يريد لهم المشاركة والتعايش ودفع موبقات الماضي التعيس ، وتشريعاته واحكامه فثمة متغير كبير حدث ويحدث  ،  ماكرون دق ناقوس الخطر عن عمد او عن براءة   ،   لكنه فعل ذلك من اجل المصلحة العامة   ،  فهل يستجيب المسلمون  لذلك ويقوموا بعملية نقد واسع وكبير  ؟   ، وتخطي لمراحل الإنكماش والتخلف  ، هذا ما نرجوه مع الرئيس ما كرون .. 

يوسي شيخو 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here