أنا أتبع أنا موجود!!

أنا أتبع أنا موجود!!
المجتمعات المتأخرة المحشوة بالمضطربات والمحشورة في أنفاق الويلات والتداعيات , ترفع لافتات مكتوب عليها ” أنا أتبع أنا موجود” , ولا يمكنها أن تتحرر من طاعون التبعية لأي كائن كان , فرد , كرسي قوة , سلطة وما لا يخطر على بال من المسميات والتوصيفات المتبوعة , التي تعني الخضوع التام والإستسلام المطلق لإرادتها مهما كان توجهها وتصورها.
وفي هذه المجتمعات يتم إستغلال الدين وتسخيره لغرض التبعية وتعزيزها , وإقرانها بسلوكيات ذات شحنات عاطفية عالية , تنمّي قدرات شلّ العقل وحجره في أتراس إنفعالية سميكة.
والتبعية تعني التجرد من المسؤولية وإلقاء اللائمة على الآخر المتبوع , الذي يتم تنفيذ تطلعاته بإخلاص وتضحيات مطلقة.
بينما المجتمعات المتقدمة ترفع لافتات ” أنا أفكر أنا موجود” ¸فتراها تفكر بكل شيئ , تسائل عن أي شيئ , وما أكثر المفردات المتداولة في أحاديثها وخطبها وكتبها لعبارة “أنا أفكر” و ” أنا أرى” وفقا لمنظار عقلي منطقي تفكيري فيه معنى السببية ويحاول الإقتراب منها والتعبير عنها.
فالمجتمع المتقدم يكون العقل فيه هو القائد والمتأخر بلا قائد , وإنما الكل يتحرك وفقا لأليات التابع والمتبوع , أو الحائر والتائه والمقطوع عن ذاته وموضوعه ومفردات الحياة ومناهج الصيرورات الحضارية المعاصرة.
ومن أفظع ما يتحقق في المجتمعات المتأخرة المتوحلة بمعتقداتها , أنها تتحول إلى مطية لأدعياء الدين , وخطبهم وتصريحاتهم ووجهات نظرهم التي تسمى فتاوى , فتراهم يتهافتون بإندفاعية وغباء للتعبير عن إرادة هذا الشخص أو ذاك , بعد أن أصبح في خانة المواضع المقدسة , التي تخرجه من بشريته , فنتصوره لا ينطق إلا صوابا وهو الذي لايخطيئ أبدا , والعارف دوما , والذي يترجم إرادة قوة عليا ذات مواصفات متفقة وآليات برمجة رؤوس التابعين والخاضعين , الراقصين وراء الناعقين المستسلمين الخاضعين للآخرين المعززين لسلوكياتهم العجزية , اللازمة لأسرهم وإستعبادهم بإسم الدين وما تبدعه أهواؤهم من الطنون وآيات الإمتلاك المبين!!
فهل لنا أن نتعلم بأن التبعية سلوك خسراني مروّع , ولن تجلب خيرا للشعوب والمجتمعات التي تدين بها , فعندما يتعطل العقل , فلا أمل يُرتجى ولا قدرة على التواصل والرقاء في ميادين الحياة المتنوعة.
فالحياة تصنعها الإرادة الفردية والجماعية الحرة المؤمنة بذاتها وبموضوعها , وتدمرها التبعية وعدم إعمال العقل أمام التحديات , ولسوف يتفكرون!!
د-صادق السامرائي
8\8\2015

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here