هل كان انتحارا حقيقيا أم قتلا مرتبا بغموض ؟

هل كان انتحارا حقيقيا أم قتلا مرتبا بغموض ؟
بقلم مهدي قاسم
وُجد مدير الشركة الكورية ” بارك شل ” المنفذة لمشروع ميناء الفاو الكبير منتحرا في غرفته ، أو على الأقل هكذا يبدو الوضع للوهلة الأولى ،وهو الأمر الذي أثار ـــ إلى جانب استغراب ـــ عديدا من أسئلة و ظلالا من شكوك وعلامات استفهام حول هذه الفاجعة الفردية المؤسفة ، فيما إذا كان خيار طوعيا وفرديا أم احتمال وجود أيد غريبة خلف عملية الانتحار ، غير إنني أصبح عندي هاجسا يُشير إلى أنه ربما أن ثمة فسادا قد يقف خلف عملية الانتحار هذه ، إذ أنه من الصعب جدا ـــ أن لم يكن مستحيلا ــ أن يُنجز في العراق مشروع استثماري ما دون أن يكون خاليا من لوثة فساد وذلك بسبب تغلغل الفساد وانتشاره الواسع في كل مفاصل الدولة و الحكومة و مؤسساتها المختلفة ، حتى بات هذا الفساد أمرا عاديا و بديهيا في العراق ، بحيث أن إنجاز مشروع استثماري تابع للدولة ونجاحه بدون فساد يُعتبر حالة شاذة في العراق ..
و انطلاقا مما ورد ــ أعلاه ــ و بما أن مشروع تطوير ميناء الفاو الكبير يمتلك وضعا خاصا و حسّاسا ـــ محليا و إقليميا ـــ وخاصة بالنسبة للكويت التي لا تنظر بعين رضا لهذا المشروع الاستثماري الكبير و ذات كلفة مالية كبيرة ــ فربما أن ثمة أطرافا محلية وإقليمية حاولت عبر ضغوط سياسة حينا و من خلال إغراءات مالية كبيرة حينا أخر شراء ذمم بعض المسؤولين والمشرفين على عملية تنفيذ المشروع أو لعب دور ما بهدف تلكؤ وتأخير أو وضع عراقيل وعقبات تحول دون تنفيذ المشروع بالصورة المطلوبة والمنشودة حسب عقد الاتفاق المبرم مع الشركة المذكورة أعلاه ، لذا فمن المحتمل جدا استطاع بعض من هذه الجهات المحلية أو الإقليمية شراء ذمة المدير بمبالغ مغرية قد تبلغ لملايين دولارات ــ مثلما فعلوا في موضوع ميناء خور عبدالله مثلا ــ وذلك بهدف عدم إنجاح المشروع ، و ضمن هذا الافتراض المنطقي ربما يكون خبر الفساد أو الرشوة ـــ في حالة صحة افتراضنا ــ قد وصل إلى المسؤولين الكوريين الكبار في سيئول فأرادوا استدعاء المدير لغرض فتح تحقيق معه ، الأمر الذي دفع بالمدير إلى سبق الأمور بعملية الانتحار ، نقول هذا الافتراض منطلقين من حقيقة كون القوانين الكورية
تعاقب بشدة مظاهر الفساد إلى حد حتى رئيسة جمهورية كوريا الجنوبية السابقة ذاتها قد أدُينت بعقوبة الحبس لسنوات طويلة بسبب تورطها بالفساد من خلال استغلال السلطة ولم يغفر لها منصبها كرئيسة دولة ..
هذا بالنسبة لمسؤولين كوريين فاسدين أما ساستنا الإسلاميين من مؤمنين أطهار و أبرار !! و الذين بعد كشف فسادهم بدون عقاب أو جزاء الذي يستحقونه فنراهم ونشاهدهم يخرجون في برامج سياسية تلفزيونية بعد تقاعدهم السياسي لينددوا بالفساد و يدعوا إلى النزاهة وكأنهم رموز نزاهة واستقامة أنقياء في أوقح استفزاز للشارع العراقي ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here