الأنسانية عطاء غير محدود

الأنسانية عطاء غير محدود

بقلم صبيح الكعبي

اختلطت الأوراق وتكاثفت الغيوم وساد الظلم واختل ميزان العدل بين الأمم وسادت الفوضى وكثر البغي وتسلط الظلم , واطنب المتكبر وخضع الضعيف, فثقلت الموازين وأعدمت الجدوى وضاع الحق وظهر الباطل {بسم الله الرحمن الرحيم ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }, أستفحل الظالم وطغى الظلم وأضحت الإنسانية تعاني وجع سوط القهر وألم طعنات المتسلط, أمام هذا الواقع دعوة للتذكير بالإنسانية محاولين إيقاظها لتكون شمعة يستظل بنورها من لا دليل له وخيمة يتلفع بها المجتمع . لأنها اساس الوجود وعمود البناء وارضية الرخاء . تتمتع بخصائص وصفات، تختلف عن بقيّة أنواع الكائنات الحيّة. عرفها الفلاسفة: (الحياة، والنُّطْق، والموت). ووجهة نظر {كانط }هي ما يُعبِّر عن هدف الأخلاق، ويرى {أوجست كونت} الإنسانيّة مجموع الصفات التي تُكوِّن كائناً اجتماعيا يتطوَّر مع مرور الزمن. ،قال رسول الله صلى الله عليه واله (أَحَبُّ النَّاسِ إلى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، يَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ يَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ يَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا) (رواه الطبراني، وحسنه الألباني } , ولها عدّة طُرُق؛ تشمل جميع المخلوقات البشريّة، و تحمل معاني الإحسان والإيثار، وتتضمّن القوّة الروحيّة، ، و المَحبَّة، والتعاطُف مع الآخرين، والإبداع، وغيرها من الأمور التي تُميِّزه عن غيره من الكائنات، و تجعل منه إنساناً حقيقيّاً، غير تابعاً، أو إنساناً آليّاً خالياً من المشاعر و العواطف . وهي الوجدان , المشاعر , النوازع الداخلية التي تدفعك الى مساعدة , المظلوم , المحتاج, الجائع , المريض , المضطهد , الضعيف , الخائف , شمس تذوى امامها كل الروابط الأخرى , وسلوك راقي , , وأخلاق متجذرة في الضمير , وقيم للتفاعل الإيجابي مع الآخر. وقد أجزل الإنسانية الإمام علي عليه السلام بالقول: «النّاسُ صِنْفانِ إمّا أَخٌ لَكَ في الدِّيْنِ، أو نَظِيرٌ لَكَ في الخَلْقِ». معادلة شملت حقيقة الإنسانية ,على الجميع ان يوظفها في حياته و كيف يتعامل مع الآخرين ضمن مفهومها وجمال منطقها وبعد عمقها , دينيا , قوميا , طائفيا , جغرافيا , أمميا عندها يكون أنسانا حقيقيا بتصرفاته وسلوكه .

ولها نوعان من النَّزْعات هما:-

01 الدينيّة وتُعطي أهميّة للعلم والعمل، وتهتمُّ بالرجوع إلى القرآن الكريم، والأحاديث النبويّة؛ لمعرفة الأحكام الشرعيّة، وتَحصرُ هذه النَّزْعةُ العقلَ الدينيَّ ضمن الوحي، والنصوص المُقدَّسة، مثل: التوراة، أو الإنجيل، أو القرآن، ويكون العقل فيها عقلاً لاهوتيّاً، وهو المُسيطِر على علاقات البشر، ويُبلوِرُ الفتاوى والشرائعَ التي تَحكُمُ المُجتمَعَ، كما تَعتبرُ الإنسانَ كائنٌ مطيعٌ، وتابعٌ، وشاكرٌ لله تعالى، ويُؤمِنُ جميع المُؤلِّفين والمُؤيِّدين لهذه النَّزْعة بأنَّ الله الخالق قد أوصلَ للبشرِ أوامرَه من خلال أنبيائِه، وبواسطة الوحيِ المتلقي والمَنقول، وبالتالي فإنّ المُجتمَعَ مُوجَّهٌ من قِبَل مُمثِّلين لله على الأرض.

02 العَلْمانيّة وقد انتقلت هذه الفلسفة من الإيمان بحقوق الله والتي نادت بها الإنسانيّة الدينيّة، إلى حقوق الإنسان وحده؛ حيث أعلن الفلاسفة أنَّ الله فرضيّة لا لزوم لها، وحلَّت القوانين الوضعيّة من قِبَل البشر محلَّ القوانين المَسيحيّة والقانون الإلهيّ المُقدَّس، وهذه القوانين تتبدَّلُ وتتغيَّرُ حسَب الحاجة، ومن الجدير بالذكر أنَّ هذه التطوُّرات لم تحدثْ إلا عند الغَرْب؛ وذلك نتيجة للحركات التنويريّة، إلّا أنّ هذا لا يعني انتصارَ هذه الفلسفة الإلحاديّة على الفلسفة الدينيّة .

لو عرضنا هذه المفاهيم على واقعنا الحالي ماذا نستنتج ؟؟ قيم اندثرت وإنسانية تبددت , حاضرا تعيسا (والك يالجوي ),لادين يردع , ولاخلق يؤثر , ولاسلوكا يتميز ولاعلمانية تُستحضر إلا ما نزر, أختل الميزان ودَرَسَت المبادئ ورحم الله الشاعر أحمد شوقي عندما يقول {وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ *** فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا} . عودة للعقل وتمحيصا مع النفس والسعي بمشوار الإصلاح والتغيير الحقيقي بعيدا عن الشعارات, ومحاولة ألغاء القوانين الجائرة , محاربة الظلم , أشاعه العدل , المساواة , الصدق , الأمانة , فضح الفاسدين , رد الحقوق لأهلها , رعاية الأيتام مساعدة الأرامل , خلق فرص عمل للعاطلين , كف الأذى عن الآخرين . جوهر الإنسانية مشروط بالوعي والحرية , باعتباره أرقى الروابط التي يجب ان لا يتقدمها أو يطغى عليها أي من الروابط الأخرى , حرية الأنسان في العيش بقدر امتلاكه لجسده وعقله دون أرهاب من الغير, والإنسانية تعني………. عطاءا بلا حدود .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here