صلاح الدين تطرح سيناريوهات مختلفة عن مجزرة الفرحاتية وتتبادل الاتهامات مع أوساط الحشد

بغداد/ تميم الحسن

فتحت جريمة الفرحاتية في صلاح الدين، باب الاتهامات المتبادلة بين القوى السياسية عن المتسبب بالحادث. كما ظهرت مطالبات بسحب الحشد الشعبي من صلاح الدين واستبدالهم بآخرين من أبناء المناطق.

ووعد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، عوائل الضحايا خلال زيارته امس لموقع الحادث، بـ”تحقيق العدالة” و”اعتقال الفاعلين”. يأتي ذلك فيما باشرت محكمة تحقيق بلد، أمس الاحد، بإجراء التحقيق بجريمة خطف وقتل عدد من المواطنين ومنتسبين في الحشد العشائري في منطقة الفرحاتية التابعة لقضاء بلد.

وأوضح مجلس القضاء الأعلى في بيان أن “محكمة تحقيق بلد المختصة بقضايا مكافحة الإرهاب باشرت إجراء التحقيق الأصولي بخصوص جريمة خطف وقتل عدد من المواطنين إضافة إلى جريمة قتل أحد منتسبي الحشد الشعبي والتي سبقت تلك الجريمة التي حصلت في منطقة الفرحاتية التابعة لقضاء بلد في محافظة صلاح الدين” بحسب ما نقلت “وكالة الأنباء العراقية”. وعقب الحادث الذي ذهب ضحيته 8 اشخاص تمت تصفيتهم برصاص في منطقتي الرأس والصدر، قال اللواء يحيى رسول الناطق باسم رئيس الوزراء الكاظمي “لن نتوانى عن القيام بعمل عسكري لمسك متسببي جريمة بلد”.

رد فعل

ووفق مصادر مطلعة في صلاح الدين، اكدت ان الحادث كان يبدو “رد فعل” على هجوم تعرض له اللواء 41 في الحشد الشعبي (عصائب اهل الحق) في منطقة قريبة من الفرحاتية.

وهاجم عناصر يعتقد انهم تابعون لـداعش قبل يوم من مجزرة الفرحاتية اللواء في ناحية سيد غريب التابعة لقضاء بلد، بالرصاص مما ادى الى مقتل المنتسب في اللواء عقيل الكناني.

واضاف المصدر الذي تحدث لـ(المدى): “رد لواء الحشد على مصادر النيران، واشتبك مع العناصر المهاجمة، قبل ان يختفون في مناطق زراعية كثيفة بالمزروعات”. في نفس ليلة الجمعة الماضية، هاجمت قوة بأزياء عسكرية يعتقد انها تابعة للواء 41 قرية الرفيعات، واختطفت 12 شخصًا من اهالي القرية، اثنين منهم ضمن الحشد العشائري.

ويؤكد المصدر، ان القوة المهاجمة “اقتحمت المنازل واقتادت المختطفين الى جهة مجهولة، قبل ان يعثر على 8 منهم في صباح السبت وهم جثث في المبزل القريب من القرية وهم مقيدي الأيدي الى الوراء ومقتولين برصاص في منطقتي الرأس والصدر وعليهم آثار تعذيب”. ويتولى اللواء 41، بحسب المصدر، حماية منطقتي الفرحاتية وسيد غريب، فيما أكد أن 4 من المختطفين مازالوا مجهولي المصير.

وعقب الحادث، أعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، احالة القوات الماسكة للارض في قضاء بلد الى “التحقيق”، وجاء ذلك خلال اجتماع طارئ للمجلس الوزاري للأمن الوطني، وهي خلية تضم عددا من الوزارات والتشكيلات الامنية.

وبحسب المصدر، هناك 10 تشكيلات امنية في المحافظة منها 5 قيادات عمليات: قيادة عمليات سامراء، قيادة عمليات سرايا السلام، عمليات صلاح الدين، عمليات صلاح الدين للحشد الشعبي، مقر مسيطر لعمليات كركوك.

بالاضافة الى مقر للامن الوطني لصلاح الدين، مقر أمن وطني سامراء، مديرية الاستخبارات، الى جانب الشرطة والمخابرات. وفي مساء يوم السبت الماضي، تعرضت نقاط امنية تابعة للواء 41 نفسه الى هجوم ثان بالرصاص في منطقة سيد غريب ايضا، ما ادى الى اصابة 5 منتسبين من الحشد الشعبي، توفي احدهم بعد ذلك خلال نقله الى مستشفى بلد. ووفق المصدر المطلع في صلاح الدين، انه في الساعة الـ8 من مساء السبت ايضا، “منعت قطعات من الجيش والشرطة، دخول اللواء مرة اخرى الى قرية الرفيعات، دون حدوث اشتباكات كما جاء في بعض التسريبات”. وكانت خلية الإعلام الامني، التابعة للحكومة، قد نفت حدوث الاشتباكات. وقالت الخلية في بيان في مساء السبت: “ننفي ما تداولته بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، عن حصول صدامات بين القوات الامنية وقوة أخرى من الحشد الشعبي في قضاء بلد بمحافظة صلاح الدين”.

بين عوائل الضحايا

وأطلع الكاظمي بحسب بيان صدر عقب زيارته امس، عوائل ضحايا حادثة الفرحاتية، على “التحقيقات الأولية في الجريمة النكراء وحيثياتها، ووجّه بالمتابعة الدقيقة لكل تفاصيلها”.

وأضاف في البيان إن “رسالتنا لمواطني صلاح الدين بأن الدولة ستحميهم، وأن عقيدة القوات المسلحة تلتف حول الولاء للوطن والقانون، لا للأفراد أو المسميات الأخرى”.

وبيّن أن “الإرهاب وأفعاله الإجرامية لا ينتظره إلا القانون والقصاص، ولا مكان لعودته تحت أي صورة أو مسمى”.

كما شدد على “ابتعاد القادة الأمنيين عن الانجرار نحو أي شأن سياسي، وأن الخوف يجب أن لا يكون حاضرًا، وأن لا نستبق الأحكام والقرارات قبل إتمام التحقيقات”. ورافق الكاظمي خلال الزيارة، وزيرا الدفاع جمعة عناد، والداخلية عثمان الغانمي، ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض.

بدوره اكد شعلان الكريم وهو نائب سابق عن صلاح الدين، ان “هناك قطعات أمنية غير منضبطة داخل الحشد الشعبي ويجب إبعادها عن المحافظة”.

وشاركت عدد من فصائل الحشد الشعبي ابرزها عصائب اهل الحق، في عمليات تحرير المحافظة في 2015 من قبضة داعش، وبقيت حتى الآن في مهمات لحماية بعض المناطق.

إخراج الحشد

ويقول الشعلان وهو زعيم لاحد اكبر العشائر في صلاح الدين لـ(المدى) ان “الحل الوحيد لعدم تكرار تلك الجرائم، هو انسحاب الحشد وتعويضه آخرين من أبناء المناطق”. هذا الحل سبق ان طرح، بحسب الشعلان، اذ تمت مفاتحة رئيسي الوزراء السابقين حيدر العبادي، وعادل عبد المهدي بنفس القضية، دون الحصول على إجابات.

ويؤكد الشعلان ان عملية تطويع ابناء صلاح الدين تتم بـ”ترتيبات سياسية”، وبحسب “العلاقات مع رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض”.

ويتابع النائب السابق: “فشلت في تعويض 9 شهداء في فوج عشائري في مكيشيفة قتلوا على يد داعش، بينما مقرب من الفياض حصل على 350 عنصرا في الضلوعية، طلبهم بعدي”!.

ويعتبر الشعلان، أن تكرار الهجمات على أبناء تلك المناطق، يدفعهم الى الهجرة خارج البلاد. فيما كان عدد من النواب طالبوا في وقت سابق، بتطبيق اتفاقية مشابهة لـ”سنجار” التي كشف عنها قبل نحو اسبوع، لاعادة النازحين وسحب “القوات الدخيلة”. وأصدر نواب محافظة صلاح الدين وحكومتها المحلية، مساء السبت، بيانًا، بشأن “مجزرة” الفرحاتية، طالبوا من خلاله الحكومة باتخاذ موقف حازم لكشف خيوط الجريمة. وطالب نواب المحافظة، في بيان، “بإخراج جميع القوات المسلحة التي ترتبط بالأحزاب أو الجماعات المسلحة من المحافظة”.

واضاف البيان إن “تكرار هذه الجرائم تحت ظل السلاح المنفلت يتطلب من الحكومة موقفًا صارمًا وحقيقيًا، وأصبح من غير المقبول وجود جماعات مسلحة تصادر القرار الأمني وتمنع القوات الأمنية بجميع صنوفها من القيام بواجبها في حماية أمن المواطنين”.

أبواق الطائفية !

الى ذلك اتهم محمد البلداوي، النائب عن كتلة صادقون التابعة لحركة عصائب أهل الحق في صلاح الدين، “رجال الطائفية والفتنة” في المحافظة، بالتصعيد في حادثة الفرحاتية لإخراج الحشد الشعبي. واكد البلداوي، ان “داعش هو وراء تلك الجريمة التي تسببت باستشهاد منتسب في الحشد واصابة 4 آخرين في هجومين منفصلين في نفس يوم حادث الفرحاتية”. واشار النائب الى ان هناك عشرات الحوادث التي ذهب ضحيتها “مخاتير” وضباط رفيعين في جنوب سامراء، وعناصر من الحشد العشائري “لم يتهم بها الحشد الشعبي”. واعتبر البلداوي ان التصعيد الآن وراءه “ابواق الفتنة والطائفية بسبب قرب الانتخابات لازاحة الحشد من المناطق والتلاعب بنتائج الاقتراع والصناديق، خصوصا ان الحشد يمسك بعض المناطق الفارغة من السكان والتي قد تستغل في عمليات التزوير”.

واشار النائب الى بعض تلك الشخصيات التي وصفها بـ”أبواق الطائفية”، كانت قد تدخلت في وقت سابق لـ”الافراج عن بعض المتهمين بعمليات القتل التي جرت في جنوب سامراء، رغم وجود اعترافات”. ويؤكد البلداوي ان خروج الحشد من تلك المناطق “سيعيد الارهاب مرة اخرى”، مشيرا الى ان “اعداد الحشد العشائري مساوية لاعداد الحشد في صلاح الدين”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here