معهد أميركي: الكاظمي يفضل تقويض أجنحة إيران بشكل تدريجي

عقب التهديد الذي وجهه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بإغلاق السفارة الأميركية في بغداد، تدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق إلى مستوى منخفض بشكل صادم بعد أن كانت بأفضل حالاتها عقب زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى واشنطن في آب الماضي.

وأشارت تلك الزيارة إلى تعديل هام في مسار العلاقة بين البلدين، إذ بعثت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب برسالة واضحة أشارت إلى تحولها من التركيز المنفرد على إيران وتنظيم “داعش”، إلى شراكة طبيعية وشاملة مع الحكومة العراقية والشعب العراقي. ومع ذلك، فعلى مدار أسبوع واحد، اتخذت الإدارة الأميركية خطوتين لهما دلالة كبيرة: منح العراق إعفاءً لمدة 60 يوما من العقوبات الأميركية المفروضة على شراء الكهرباء والغاز من إيران (مما يتناقض بشكل حاد مع الإعفاء لمدة 120 يوما الصادر في ايار)، أعقبه التهديد بإغلاق السفارة.

وأشارت كلا الخطوتين إلى استياء الولايات المتحدة من الهجمات المتواصلة على المنشآت والأفراد الأميركيين التي تشنها الفصائل المدعومة من إيران. ويعكس اللجوء المباغت إلى أدوات قسرية بالمقارنة مع الاستقبال الحار لزعيم عراقي قبل اكثر من شهر واحد بقليل. والمفارقة في هذا التحول في السياسة هو أنها تخاطر بإضعاف واستبعاد أول زعيم عراقي تتماشى رؤيته للعراق مع أهداف واشنطن: دولة تشهد إصلاحات على الصعيدين السياسي والاقتصادي، مع دور محدود لإيران. لكن الطرفين يختلفان على الجدول الزمني للقيام بذلك: فالكاظمي يؤمن بإحراز تقدم تدريجي، في حين تريد إدارة ترامب نتائج فورية.

الكاظمي يفضل تحقيق نتيجة مستدامة ـ أي أن تخسر إيران وشبكة السياسيين والميليشيات في صناديق الاقتراع على المدى المتوسط ـ بدلا من خطر اندلاع أعمال عنف على المدى القريب والعودة إلى الحرب الأهلية الطائفية.

لقد أصبحت أنشطة إيران في العراق تحت المجهر أكثر من أي وقت مضى. وستكشف الخطوات التالية التي ستتخذها إدارة ترامب إمكانية مواجهة سلطة الميليشيات. وأدى إنذار الإدارة الأميركية إلى تنشيط النقاش عبر الطيف السياسي العراقي ودفع بعثات دبلوماسية أجنبية أخرى إلى الإعراب عن قلقها بشأن هجمات الفصائل المسلحة. لكن على واشنطن أيضا أن تكون منتبهة إلى عدم تصوير نفسها وكأنها “انسحبت” بشكل انهزامي من العراق.

السعي من أجل “وضع طبيعي” في العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق خلال زيارته للولايات المتحدة، حث الكاظمي الأميركيين على عدم النظر إلى العراق كساحة معركة في الصراع الأميركي ـ الإيراني، بل كمركز إقليمي لعلاقات ذات منفعة متبادلة في جميع أنحاء الدول المجاورة لها. وقد أعد الفريقان الأميركي والعراقي إطار عمل لعلاقة بالحجم الصحيح، يُرسِّخ فيه التعاون المدني ـ وليس العسكري ـ شراكة ستراتيجية مع إقامة روابط في مجالات التجارة والأعمال والثقافة.

واليوم يسلط العراق الضوء على التداعيات الستراتيجية للخطوات التكتيكية. فعلى الرغم من كَوْن الكاظمي أول زعيم عراقي على استعداد لمواجهة هذا النظام الفاسد والمتأصل الذي تستفيد منه إيران، إلا أنه يفضل انتهاج مقاربة تدريجية تتجنب إثارة المواجهة التي يعتقد أنه لا يستطيع الفوز بها حاليا. وقد سبق أن وجّهت الإدارة الأميركية ضربة سياسية مدمّرة ـ ولكن ضد الهدف الخطأ. وسيكون من الأفضل التنسيق عن كثب وحشد الدعم الجماعي المطلوب للكاظمي، خشية أن يعتقد أولئك الذين يظلون على الحياد في العراق وخصوم الكاظمي أن وقف الدعم الأميركي سيقوض فرصه بالنجاح.

عن: معهد واشنطن

بقلم: دانا سترول، بلال وهاب، وباربارا ليف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here