الحرب الأهلية الثانية

حيدر الصراف

الحرب الأهلية الثانية

بعد ان تأكدت و تيقنت الأحزاب الدينية الحاكمة من فشلها في الأنتخابات القادمة عندما تنتزع مخالبها الثلاث التهديد و الترغيب و التزوير و بعد ان اجهزت الثورة الشعبية ( تظاهرات تشرين ) على ما كانت تراهن عليه تلك الأحزاب من بقايا تأييد في الأوساط ( الشيعية ) في محافظات الوسط و الجنوب و التي كانت ساحاتها هي الميادين الأثيرة التي اتخذ منها ( ثوار تشرين ) جبهات المواجهة مع هذه الأحزاب و ميليشياتها و التي قتلت من المتظاهرين المئات و جرحت الالاف و مازال العديد من المختطفين مجهول المصير و هم يقبعون ( ان كانوا احياء ) في زنازين و سجون هذه الأحزاب و التي مازالت ( تتمتع ) بنفاق قل نظيره فهذه الأحزاب ( تؤيد ) مطالب المتظاهرين المشروعة في العلن و تعطي الأوامر لميليشياتها و مسلحيها بقتلهم و خطفهم في السر و الخفاء .

افتعال الأزمات و اختلاق المشاكل مع السياسيين في اقليم ( كردستان ) و التربص بهم و اصطياد الكلمات و الهفوات هنا و هناك للنيل منهم يؤكد ان هناك خطة مبيتة لتأزيم العلاقة مع الكرد و دفعهم الى الأنفصال و اعلان دولتهم المنشودة و ان لم يتحقق ذلك ابعادهم عن الساحة السياسية العراقية ثأرآ من موقف القيادة الكردية الرافض لأنسحاب القوات الأمريكية و هم يؤكدون ( السياسيون الكرد ) على ابقاء القاعدة العسكرية الأمريكية قرب ( اربيل ) ضمانة في امن الأقليم و سلامة اراضيه و مواطنيه من الهجوم الأرهابي المحتمل و كذلك في حماية الأقليم من الهجمات المتوقعة من جانب ايران و الأجتياح التركي المتكرر بذريعة وجود حزب العمال الكردستاني .

كذلك فأن افتعال أزمة متوقعة و محتملة جدآ مع المحافظات الغربية ( السنية ) فهذه المحافطات اعلنت و بشكل واضح انها مع التواجد الأمريكي و الذي يشكل ضمان أمن سكان هذه المحافظات من الأنتهاكات التي يتعرضون لها خصوصآ و ان العديد من فصائل الحشد الشعبي تتواجد في هذه المحافظات و ينظر مواطنوا تلك المحافظات بعين الشك و الريبة و الخوف من هذه الفصائل و هم يطالبون بسحب تلك الفصائل من مناطقهم و اخلائها من السلاح المنفلت و هم متمسكون بوجود القاعدة الأمريكية ( عين الأسد ) في الأنبار و من هنا كان العداء الشديد و التوتر هو السائد في العلاقة بين الفصائل الولائية و هذه المحافظات .

بعد ان فشلت محاولات التقسيم التي اعقبت تلك الحرب الأهلية الطائفية الدموية في العراق و التي عولت عليها كثيرآ الأحزاب الدينية الطائفية و حين فشلت تلك المحاولة القت باللوم على امريكا و اتهمتها بالوقوف وراء محاولة تقسيم العراق و الأصح ان تلك الأحزاب الدينية الحاكمة هي من وراء مشروع التقسيم الطائفي و الذي رفعت حينها شعار ( مظلومية الشيعة ) و الذي يعني ان ( السنة ) هم كطائفة وراء اضطهاد الشيعة و هذا المنطق بعيد كل البعد عن الحقيقة انما هي محاولة في اشعال الحرب الطائفية وصولآ الى تقسيم العراق الى ثلاث دول كردية و سنية و شيعية و الأخيرة سوف تلتحق مستقبلآ بالجمهورية الأسلامية و هذا لم يحدث .

تعمدت الأحزاب الدينية و فصائلها المسلحة تحت عنوان ( الحشد الشعبي ) او فصائل ( المقاومة ) الى خلط الأوراق و اختلاق النزاعات بعد ان تأكدت ان حظوظها في الفوز في الأنتخابات القادمة يقارب الصفر و ان الفشل لامحالة هو حليفها و ان ابواب القصر الحكومي قد فتحت و لكن هذه المرة للمغادرة و هذا يعني ان كل الأمتيازات و المنافع و كل السرقات و الأتوات قد انتهت و هذا ما يبين ان قادة تلك الأحزاب و فصائلها المسلحة اصبحوا بدون غطاء شرعي او قانوني ما يسمح بمساألتهم و محاسبتهم عن الخروقات و الأنتهاكات و الجرائم التي ارتكبوها و حين ذلك قررت تلك الأحزاب بهدم المعبد على من فيه ( علي و على اعدائي ) .

الحرب الأهلية الجديدة بدأت بوادرها تلوح بعد التصعيد الخطير الذي اقدمت عليه الفصائل المسلحة في العداء السافر على اقليم ( كردستان ) و كذلك على المحافظات الغربية ( السنية ) في بوادر حملة تهدف الى تقسيم العراق من جديد بعد ان فشلت ( ايران ) و احزابها الطائفية من تقسيم العراق في تلك الحرب الأهلية و حينها القت تلك الأحزاب و من ورائها ايران باللأئمة على امريكا بأتهمها بتأجيج الأحتقان الطائفي في البلاد في وقت كانت كل ادبيات و اعلاميات تلك الأحزاب ( تصدح ) و حتى قبل سقوط النظام السابق من ان صدام حسين ( السني ) هو من يضطهد الشيعة في اشارة واضحة و صريحة في القاء الذنب على المواطنيين العراقيين ( السنة ) .

اذا ما استطاعت هذه الأحزاب و ميليشياتها من جر البلاد الى المربع الأول و النفخ في الروح الطائفية من جديد فأن ( الكرد ) سوف يكونون بعيدين عن هذا الصراع القادم و لن يتدخلوا فيه لصالح أي من الطرفين ( الشيعة او السنة ) هذا اذا لم يعلنوا الأستقلال عن الدولة العراقية و بمباركة امريكية خصوصآ و ان العلاقات الأمريكية التركية قد تكون في اسؤ حالاتها و لم يعد من اهتمام امريكا ان تشكل الدولة الكردية تهديدآ لوحدة الأراضي ( التركية ) و حين ذلك سوف تطلب المحافظات الغربية ( السنية ) الحماية الأمريكية و على الأغلب سوف يستجيب الأمريكان لهذا الطلب اما محافظات الوسط و الجنوب فسوف تكون هي الخاسر الأكبر في هذا الصراع الجديد و كالعادة سوف تنفرد هذه الأحزاب بتلك المحافظات في محاولة الحاقها بالسياسات و التوجهات الأيرانية و هذا الأمر لا يروق للجهات الدولية المؤثرة ( امريكا و روسيا ) و كذلك الدول الأقليمية ( دول الخليج العربي ) فان مصير العراق البلد و الشعب بات في كف هذه الأحزاب و ان كان كف ( العفريت ) أرحم .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here