هل حكام الخليج كانوا أكثر توجسا و فطنة من الحكام الأوروبيين ؟

هل حكام الخليج كانوا أكثر توجسا و فطنة من الحكام الأوروبيين ؟

بقلم مهدي قاسم

تتحجج السلطات والحكومات الغربية بأنه إذا كان السبب الرئيسي الذي يجعلهم يستقبلون هذه الأعداد الهائلة من اللاجئين والمهاجرين إلى الغرب ــ طبعا إلى جانب غيرهم ــ دافعه الأساسي هو الموقف الإنساني ، فأن ثمة دافعا مهما آخر لا ينكر هو أيضا يقف خلف هذا الاستقبال الواسع و الكبير للمهاجرين واللاجئين إلا وهو توفير أيد عاملة في بلدان أوروبية عديدة ، أو التي ربما ستحتاج إلى هكذا أيدِ عاملة ….

علما أن عادة وثقافة العمل ليست بهذه الدرجة المتقدمة من الوعي و الأهمية عند ” ” البعض ــ نكررعند البعض وليس الكل ” ـــ من الشرق الأوسطيين على صعيد العمل والإنتاج بقدر ما يحاولون الهروب من العمل بأعذار وحيل عديدة ومختلفة كتعذر بالمناخ الحار جدا أو البارد جدا ! ، و كذلك بحالات نفسية متأزمة ومتلازمة دوما و أبدا !!..

و مع إنه لا توجد إحصاءات رسمية مدعومة بمعطيات وبيانات ملموسة ومحددة عن عدد الشرق الأوسطيين الذين يعملون في بلدان الهجرة واللجوء ، فمن المحتمل جدا أن عدد الذين يعملون هم أقل بكثير من أعداد الذين لا يعملون للأسباب الآنفة الذكر ، غير أن مشاكلهم الاجتماعية في عدم الاندماج كثيرة ووسائل الاحتيال المختلفة على القوانين والأنظمة بهدف الحصول على ميزات أو امتيازات غير مشروعة ، فضلا عن مشاكل امنية ، فكل هذا يشكّل هما حقيقيا ليس فقط للبلديات المسؤولة عنهم إنما للسلطات الأمنية أيضا ..

( ولابد أن نذكر في هذا السياق أن ثمة أحياء في عاصمة السويد ــ ستوكهولم مثلا ــ و حسب تصريحات منسوبة لمسؤولي الشرطة أوردتها صحف ــ تُصف بأنها موبوءة بالإجرام حيث تعج بعصابات الجريمة المنظمة جلهم من أبناء اللاجئين والمهاجرين ، إلى حد أن عناصر الشرطة تخشى الدخول إلى هذه الأحياء في هذه الأيام !) ..

إذن فإن فكرة استقبال هؤلاء المهاجرين أو اللاجئين ليكونوا ــ حصريا ــ احتياطي ” الأيدي العاملة “في هذا البلد الأوروبي أو ذاك ، قد باتت فكرة فاشلة ، و لم تعد واقعية أو عملية ، و عليه فيبدو أن حكام الخليج قد أدركوا مبكرا جدا هذه الحقيقة ، لذا فأنهم فضّلوا اليد العاملة الآسيوية على أبناء الشرق الأوسطيين ، مع تنظيم شروط إقامتهم لفترات ، محددة ، طبعا ، دون أن يحصلوا على جنسيات حتى ولو أقاموا هناك ألف عاما ، بينما الذي يتجاوز على القانون والأنظمة يُسفر حالا من البلد بعد تمضية مدة عقوبته القضائية ، إذا ارتكب عملا جنائيا ، وهي حالات نادرة جدا ، بفضل الردع القانوني والجزائي ..

فإن العمال الآسيويين ـــ جلهم بوذي الديانة أو هندوس ــ الذين يعملون في دول الخليج يشتغلون بإخلاص وأمانة ، لا يتدخلون في سياسة البلد ولا يشكّلون أحزابا أو جمعيات تسعى إلى فرض ثقافتهم وقيمهم الاجتماعية والروحية على أهل البلد ، يحاولون الاندماج بشكل هامشي مطلوب لحد المقبولية والرضاء من قبل السلطات ، وليس عندهم أي طموح آخر أكثر من أن يعملوا ويعيلوا عائلاتهم الفقراء..

ربما الفضل في هذا يرجع إلى أهمية الاختيار للعامل الوافد و إلى صرامة شروط الإقامة ، و كذلك إلى سرعة سحبها في حالة التجاوز على القانون أو الإخلال بأمن البلد ..

فهل كان حكام الخليج أكثر فطنة و توجسا من الحكام والساسة الأوروبيين على هذا الصعيد ؟ …

انطلاقا من القول السائد :

ــ أهل مكة أدرى بشعابها ”

فهذا السؤال قد يكون مشروعا لو أخذنا بنظر الاعتبار الفشل الذريع لسياسة الاندماج الأوروبية فشلا ذريعا وذات نتائج كارثية مستقبلية حتمية ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here