حياة اليهود من خلال رواياتهم ح 3

حياة اليهود من خلال رواياتهم (*) ح 3 د. رضا العطار

تعرض مسرحية تاجر البندقية ( لشكسبير ) التي يصور فيها –شيلوك- المرابي اليهودي الجشع في لوحة ادبية رائعة، الذي تهرب ابنته مع عشيقها، فيحزن على المال الذي سرقته منه اكثر من حزنه على الحادث او على شرفه… استمع اليه يقول:
( من لي بأبنتي ميتة عند قدمي والماسات في اذنيها !! )
لا يهم ان تموت، ولا قيمة للشرف فليس له رنين المال لكن الماستين هما كل شئ.

وعندما تقرأ رواياتهم تجد علما غريبا وتدرك لماذا تنبأ الرئيس الامريكي فرانكلين في الخطاب الذي القاه في مناسبة الاحتفال بعيد الدستور عام 1879 بخطر اليهود على شعبه عندما قال: ( ايها السادة ! هناك خطر عظيم يهدد الولايات المتحدة الامريكية، ذلك الخطر هو اليهود ! فحيثما استقر اليهود نجدهم يوهنون من عزيمة الشعب ويزعزعون الخلق التجاري الشريف، انهم لا يندمجون مع الشعب لكنهم يقيمون حكومة داخل الحكومة … الخ ) — ولهذا طُرد اليهود من جميع البلدان التي دخلوها: من انكلترا عام 1290 و من فرنسا عامي 1306 و1394 و من المجر عام 1360 و من اليونان عام 1582 .. الخ

ومن يقرأ كتبهم المقدسة يثير انتباهه الفضائع التي ارتكبوها في المدن التي اغاروا عليها، واعتماد اكثرهم على الغدر، تأمل ما فعلوه في اريحا: ( وابسلوا جميع ما في المدينة من رجل وامرأة وطفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف .. (94 )
وتحثهم رواياتهم المقدسة على استئصال الامم الموجودة بالتدريج فليس لهم ان يبقوا احدا بين ظهرانيهم متى امكنتهم الفرصة من القضاء عليهم، لأن بقاء احدهم ( ليس سوى وخز في عين اسرائيل، لأنهم يضايقونكم في الارض التي انتم مقيمون بها فيكون أنى كما نويت ان اصنع بهم اصنع بكم ) (95)

اذا كان الدين يتحول الى سلوك ومعاملات بين الناس، فان روايات اليهود قد تضمنت تنظيما كاملا لشؤن الدنيا فضلا عن العبادات لكنها للاسف لم تقدم سوى امثلة سيئة لعلاقة الانسان بأخيه الانسان، فهي كلها نماذج من الحقد والكراهية حتى بين الاخوة، من الغش والخداع والوصولية وتحقيق الهدف بأحط السبل. يكفي ان تستمع الى هذه القصة:

كانت (رفقة) زوجة اسحاق عاقرا، فدعا اسحق ربه ان يهبه منها اولادا، فأستجاب له ربه وحملت امرأته ولدان، فمضت لتلتمس من الله ان يعلمها ما في بطنها، فقال لها الله في بطنك امتان متنوعتان. فلما اكملت ايام حملها خرج اولهما وهو الاكبر سموه عيس والثاني يعقوب.

القصة التالية تكشف عن اخلاق المعاملات اليهودية التي ستكون دليلا عليهم طوال تاريخهم. اذ جاء عيس من الصيد وهو متعب جائع فوجد اخاه يعقوب قد اعد طعاما، فسأله شيئا مما اعد. فماذا كان من امر يعقوب مع اخيه ؟ لقد انتهزها فرصة لكي يستغل حاجة اخيه في الحصول على (بكورته) اي اسبقيته في الولادة، وقبل عيسى بيع بكورته لقاء وجبة طعام كان بأمس الحاجة اليها. (98) — وعلى الرغم من ان ترتيب الولادة امر ليس يجوز ان يكون موضع المساومة بيعا او شراء فان العبرة المستمدة من هذه القصة تشجيع الوصولية والانتهازية حتى بين اقرب الاقربين.

وقصة نبي الله يوسف واخوته التي وردت في قرآننا الكريم يسجل فيها بنو اسرائيل الذين اثبتوهم في رواياتهم صورة جديدة من صور الانانية القاسية من اخوة لأخيهم بدافع الحسد والغيرة، ومهما كان فيها من غدر واذئ وخديعة فهي قصة صحيحة بعدما سجلوا مثل هذه الصورة، الاخلاق عندهم، وكان لهذه المدونات في رواياتهم اثر عميق في سلوكهم ومعاملاتهم للاخرين

الواقع ان القصة تعطينا عدة قيم اخلاقية سائدة عند اليهود هي الخديعة وعدم احترام العهود والمواثيق التي قطعت في سبيل الوصول الى الهدف، ثم تعطينا ايضا صفة الجبن، فهم لا يريدون ملاقاة خصومهم ومحاربتهم والانتصار عليهم ولكن بالحيلة وبأقل الخسائر يصلون الى غرضهم ويحققون اهدافهم. ان من يتعامل مع هؤلاء القوم ينبغي ان يكون حذرا غاية الحذر وان يضع في حسابه انهم ممكن ان يغدروا في اي لحظة. فليس للمبادئ عندهم اية قيمة عندما يصل الامر بهم الى تحقيق مصالحهم.

(94): سفر يشوع ، الاصحاح السادس عدد 21
(95): سفر التثنية 33 ، 55
(98): سفر التكوين : الاصحاح الثالث والعشرين 27 – 32

* مقتبس من كتاب افكار ومواقف لمؤلفه امام عبد الفتاح امام

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here