أمن الدولة

أمن الدولة، الدكتور صالح الورداني
———
أصبحت الدولة في منظور الحكام اليوم بمثابة وثن مقدس لا يجوز المساس به..
وأصبح لهذا الوثن كهنته من رجال الأمن والسياسة والدين..
مع التحفظ على كلمة رجال أو وصف أمثال هؤلاء بالرجولة..
وتم الخلط بين الدولة والوطن..
والمعروف أن الدولة شئ والوطن شئ آخر..
الوطن مقدس أما الدولة فغير مقدسة..
الدولة تزول والوطن لا يزول..
والخلط بينهما الهدف منه إضفاء القداسة على الدولة..
ولما كانت هناك صعوبة في ذلك خاصة في دولة العسكر التي سادت واقع المسلمين بالقوة منذ عقود طويلة تم اختراع جهاز أمن الدولة..
والغرض من هذا الجهاز هو الحفاظ على الدولة وإرهاب خصومها والتخلص منهم..
ولم يكن لهذا الجهاز وجود في الفترة الملكية بمصر..
وكان هناك مايسمى بالبوليس السياسي..
وكانت مهمته هى رصد النشاط الشيوعي أو من كانوا يسمونهم بالتقدميين في تلك الفترة..
ثم اتجه بعد ذلك نحو الإخوان بعد ظهور بعض الحوادث التي ارتبطت بهم..
مثل اغتيال السلحدار و رئيس الوزراء النقراشي الذي أصدر قرارا بحل جماعة الإخوان عام 1948م..
إلا أن البوليس السياسي لم يصل الى بشاعة وإجرام جهاز المباحث العامة الذي أسسه عبد الناصر وتلقفته منه العديد من الحكومات العربية فيما بعد..
وتحول اسمه إلى مباحث أمن الدولة على يد السادات..
وقد تأسس جهاز مباحث أمن الدولة في مصر على الأغبياء الذين كانوا يختارونهم من بين عناصر الأمن..
وأذكر جملة قالها لى أحد كبارهم منذ أكثر من ثلاثين عاما : جهاز أمن الدولة جهاز غبي
ورجل أمن الدولة يجب أن يكون غبيا..
والعديد من رؤساء هذا الجهاز أصبحوا وزراء ومحافطين وسفراء..
وهى المكافأة المتوقعة لأمثال هؤلاء من الفرعون الحاكم..
وبعد سقوط دولة اللامبارك صدر قرار بإلغاء جهاز مباحث أمن الدولة وإنشاء جهاز جديد لا يتدخل في حياة المواطنين الخاصة كما نشر حينئذ..
وتم تغيير اسمه الى جهاز الأمن الوطني..
ولم يتجاوز هذا التغيير حدود الاسم..
وظل هذا الجهاز يمارس القمع والإرهاب من أجل الحفاظ على الدولة..
وهذا هو الهدف من وجوده..
الحفاظ على الدولة لا على الوطن..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here