مسؤولون عراقيون: دولٌ متضررة من ميناء الفاو تحاول إفشال المشروع

يقول مسؤولون ومطلعون إن دولاً متنفذة تعرقل إكمال ميناء الفاو الكبير وقد لا تسمح للعراق بتحقيق هذا الهدف، مقابل ذلك تشير وزارة الموارد المائية الى أن “معرقلات داخلية” تتسبب بالتأخير.

منذ العثور على جثة (بارك شل هو) المدير التنفيذي لشركة دايو الكورية، منع الدخول إلى الميناء أو الخروج منه، وعجزت الجهات الأمنية حتى الآن من التوصل إلى خيط يثبت أن الحادث جريمة أم انتحار.

كان مقرر أن يتم إنجاز ميناء الفاو الكبير في العام 2024، وكان الميناء بمجرد تدشينه سيغير خريطة النقل البحري في العالم، ويعود سنوياً بمئات ملايين الدولارات الى خزينة الحكومة. ويرى مسؤولون عراقيون أن دولاً مجاورة للعراق وأخرى عربية لن تدخر جهداً للحيلولة دون إتمام مشروع ميناء الفاو الكبير، لأنها تجد في ذلك خطراً يهدد مصالحها، حيث سيكون الميناء العراقي بديلاً عن موانئهم ويضعف الحركة التجارية فيها. ورغم أن وزارة الداخلية ومحافظ البصرة أعلنا أن مدير دايو قد انتحر، لكن الشكوك تساور المسؤولين الأكثر اطلاعاً على أوضاع الميناء، فهم يرون أن دولاً لا تريد للمشروع أن يكتمل.

ضغوط دولية للتأخير

يقول قائممقام قضاء الفاو، وليد محمد شريف: “هناك صراع وتنافس، لأنه إذا اكتمل ميناء الفاو سيضعف العمل في موانئ عدد من هذه الدول، ومنها موانئ الكويت والإمارات وقناة السويس، وتستشعر هذه الدول الخطر من إكمال المشروع، كما أنها تضغط على المسؤولين العراقيين ليعيقوا إتمام المشروع أو يؤخروا ذلك”.

وتشير معلومات حصلت عليها (رووداو) إلى وجود آثار جروح على يدي مدير دايو. وأشار تقرير الطب العدلي إلى وجود آثار جروح على الجثة، ولهذا ليس مستبعداً أن يكون حادث وفاته حادث قتل، خاصة بعد سماع أصوات احتجاج شديدة من الكويت وإيران ومصر والإمارات.

يستطيع ميناء الفاو الكبير شحن واستقبال 99 مليون طن من البضائع سنوياً، وبعد اكتمال بنائه يتوقع أن يكسب منه العراق 15 مليار دولار شهرياً. لتحسين المواصلات وتنشيط الموانئ، من المقرر أن يتم إلى جانب بناء ميناء الفاو الكبير مد خط سكك حديد يصل بين منطقة الخليح، عبر الأراضي العراقية، وشمالي أوروبا عبر تركيا، ما يضيف إلى هذا المشروع التجاري العالمي أهمية ستراتيجية إضافية.

ومن أقسام المشروع الأخرى إنشاء سايلوهات لتخزين الحبوب إلى جانب رافعات عملاقة في الميناء ومدارج لهبوط الطائرات وطريق دولي إضافة إلى العديد من المصانع ومصادر إنتاج الوقود.

وحسب الخبراء الاقتصاديين فإن ميناء الفاو الكبير، في حال إكماله وتشغيله بصورة طبيعية، سيضيف إلى الخزينة ما بين 25 و35 مليار دولار سنوياً، ناهيك عن عائدات الأعمال الأخرى المرتبطة بالميناء، من نقل وطيران ومطارات وقطارات ووقود. يقول الخبير الاقتصادي، صالح الهاشمي: “مشروع ميناء الفاو في حال إنجازه، سيكون مشروعاً حيوياً وستراتيجياً، وسيساعد العراق لدرجة كبيرة جداً. سيربط العراق بالعالم كلياً ويفتح العديد من الأبواب الاقتصادية إضافة إلى خلق فرص العمل، وزيادة الاستثمار المحلي والأجنبي. لكن المشكلة هي أن هذا الميناء لا يصب في مصلحة الدول الإقليمية وغيرها، لذا يعمل الكثير من الدول على إيقافه، وكما ترون فقد توقف العمل في المشروع، وعند الأخذ بضعف العراق سياسياً واقتصادياً وأمنياً فإن من المستحيل أن يتمكن من السيطرة على الأمور. هناك دولتان تتعرض مصالحهما لضرر كبير (جراء إكمال مشروع ميناء الفاو الكبير) وهما الإمارات وجمهورية إيران الإسلامية، ولهذا لن تدعما نجاح المشروع، وكذلك الكويت لأن الميناء سيؤثر لدرجة كبيرة على ميناء مبارك الكويتي”.

مع إيقاف العمل في ميناء الفاو الكبير مرة أخرى، تعمقت الشكوك في أن هناك من يعيق إكماله، ويبدي نواب محافظة البصرة دهشتهم لقرار مفاجئ من هذا النوع، لدرجة أن الأمور كادت تبلغ حد فسخ عقد الشركة الكورية الجنوبية.

تسجيل فيديو أدهش البرلمان

وأعلن النائب عن محافظة البصرة في مجلس النواب، جمال المحمداوي، أنه “كان هناك في السابق تفاهم جيد بين وزارة النقل وشركة دايو بعد وفاة أو قتل مدير الشركة ثم باشر مدير جديد العمل، لكننا دهشنا لرؤية تسجيل فيديو لوزير النقل وهو يتحدث عن نهاية التفاهم والاتفاق مع الشركة الكورية، ولهذا استضفنا الوزير لمتابعة الموضوع مع وزارة النقل والشركة العامة للموانئ العراقية لكي تسرع الحكومة في إكمال أعمال الميناء”.

البصريون الذين يعد نفطهم العصب الرئيس للاقتصاد العراقي، محرومون من الخدمات الأولية بسبب الفساد، ولكنهم يتطلعون بتفاؤل إلى مشروع ميناء الفاو الكبير، الذي من المؤمل أن يوفر مع اكتماله أكثر من سبعين ألف فرصة عمل، لكنهم لا يظنون أن دول الجوار ستسمح بنجاح المشروع.

ويقول سائق سيارة الأجرة، أبو كرار: “إذا أكمل ميناء الفاو، سيعيش عليه كل العراق، وليس أهالي الفاو وحدهم، خير هذا المشروع سيكون للجميع، نتمنى أن يكتمل، وإن شاء الله سيستمر وسيكتمل”.

ويشير أحمد علي وهو صاحب محل إلى أنه “مادامت فكرة هؤلاء سيئة إلى هذه الدرجة، فلن يسمحوا بإكمال المشروع، لأنهم لا يريدون نجاح المشروع، فهو سيضرب مصالحهم، ولهذا لا يريدون أن يكتمل ميناء الفاو، لكن سيكتمل بعون الله”.

تبلغ كلفة مشروع ميناء الفاو الكبير 4.6 يورو، ويبلغ طول كاسر الموج في الميناء 16 كيلومتراً وهو الأطول عالمياً، ولهذا دخل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية.

وحسب تصميمه، سيكون ميناء الفاو الكبير واحداً من أكبر الموانئ على مستوى العالم، وسينقل البضائع من الصين واليابان وجنوب شرقي أوروبا إلى العالم عبر العراق وبالعكس، لهذا يقال إنه لن يفيد من مشروع الفاو الكبير سوى العراق، ولهذا تريد هذه الدول وخاصة إيران والكويت تحويل المشروع إلى ربط عبر السكك الحديد، الأمر الذي سيبقي العراق على الهامش.

مقابل ذلك، كان المتحدث باسم وزارة النقل فالح هادي، قد أكد أن معرقلات داخلية تسببت بتأخر إنجاز مشروع ميناء الفاو.

وأوضح هادي، في حديث نشرته (المدى) في عددها السابق، أن “وزارة النقل تتفاوض مع شركة دايو منذ شهرين لغرض التوصل لاتفاق أولي للتعاقد معها، لكن الشركة تطالب الآن بإضافة مبالغ إضافية وتمديد مدة العقد، بخلاف ما تم التفاوض والاتفاق المبدئي الأولي الذي جرى قبل حادثة وفاة مدير المشروع”. واصفاً ذلك بـ”خرق الاتفاقات الدولية والمعاهدات”.

وأعرب هادي عن رغبة الوزارة بأن تتعاقد مع دايوو بعقد واحد على عكس الحكومات السابقة التي كانت تتعاقد معها على أساس تنفيذ المشروع على شكل أجزاء وليس بهيئة كاملة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here