دمعة حزن على قبر الأحبة

ضياء محسن الاسدي

(( أنهت دراستها الجامعية توا وما زالت فرحة التخرج ترتسم على وجهها النوراني الأبيض الناصع المطرز بابتسامة لم تفارق محياها أبدا واللسان الجميل الممزوج بالطرفة ونكهة صفاء القلب النقي الذي يرافق حياتها مما جعلها محبوبة ومحط اهتمام الجميع من الأصدقاء والأقرباء والوسط الدراسي للجامعة كل هذه الصفات أهلتها أن تكون الفتاة المختارة كشريكة حياة شاب تقدم لخطبتها تخرج قبلها بسنة واحدة لكن هذه الخطبة جوبهت بالرفض والمعارضة الشديدة من قبل الأهل للشاب كونه من خارج الأقرباء المقربين للعائلة لكن مع إصرار وإعجاب الفتاة به ومعرفتها به سابقا في الدراسة ثبتت على موقفها وتعلقها به ونزولا عند رغبتها على شرط تحمل تبعات هذا العناد والتمسك به تم الموافقة على عقد قرانهما وبدأت مسيرة حياتهما الزوجية في تكوين نواة الأسرة الصغيرة المبنية على الحب والمودة وأثبت الشاب حسن النية والأخلاق الجيدة وأقنع الجميع به وبشخصيته .
وما أن مرت ثلاث سنوات تحولت بوصلة حياتهما العائلية إلى منحنى ومنحا أخر حيث أنجرف وراء الدنيا وبهرجها وزينتها وضحكت له الدنيا بوجهها المغري وأصبح يلهث وراء المال والشهرة وفتحت الدنيا له أذرعها لتزين حياته الشخصية بعيدا عن العائلة ومتطلبات البيت والزوجة والابتعاد شيئا فشيئا عنهما وعن المحبوبة التي أحتفظت ببريق حبها الأولي تعيش حياتها بمفردها مع أولادها الثلاث متحملة المسئولية لوحدها تكابر وتصبر وتصارع الحياة وتقف بشموخ على حساب صحتها ونفسيتها المتدهورة التي بانت عليها جليا أمام انتقادات الأهل والأقرباء لتحافظ على توازن ونسيج الأسرة الصغيرة التي بنتها بجهودها البدنية لوحدها في خضم هذه الحياة القاسية كونها زهرة جميلة من غُرس أرض طيبة خصبة سقت من مياه طاهرة المنبع .
وفي ليلة من الليالي حصل ما لم يكن في الحسبان وفي هذا العمر الشاب المبكر والزمان كان الموعد المشئوم في حضرت ملك الموت يحتضن روحهما الطاهرتين يرفرف بجناحيه ليعرج بها إلى السماء بجوار رحمة العزيز المقتدر الغفار في حادث مروري مروع ومهول في سيارتهما الخاصة لتكون نهاية المطاف لحياتهم الدنيوية الفانية التي لم يستمتعا بها طويلا وينجوا أطفالهما الثلاث فقط بإعجاز رباني رسمه الله تعالى بيديه الرحيمة فكان الموعد قريب تاركة الدمعة والحزن والغصة وجذوة من النار تستعر تحت الضلوع لأهلها وكل من عرفها تاركة خزين من الذكريات الجميلة التي حفرت صورها في قلوب أحبتها ودموع حرى تُسكب على قبرها وهي توارى الثرى مع زوجها في قبر ولحد مشترك كأن الله أختار هذه الميتة كما أحبا بعضهما البعض وعاشا في بيت واحد في الدنيا كان الاختيار بيت الآخرة واحدا تاركة ثلاثة طيور من الجنة وملائكة يمشون على الأرض يتامى فاقدي الأبويين شاهدا على قصة حياة والديهم في المستقبل …… ) ضياء محسن الاسدي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here