رسالة مُمَلحة من مواطن كوردي إلى من يهمه الأمر في إقليم كوردستان؟

محمد مندلاوي

على ضوء اللقاء الأخير للرئيس (مسعود البارزاني) مع العاملين في قناة “زاكروس = Zagros” الفضائية الكوردية الناطقة بالعربية، التي سبق لنا وكتبنا بعد عام 2005 عدة مقالات عن احتياج الشعب الكوردي لإنشاء قناة تلفزيونية كوردية ناطقة بالعربية، والهدف منها لكي تُعرف المواطن العربي بصورة عامة والعراقي بصورة خاصة باللغة التي يفهمها عن ماضي وحاضر الشعب الكوردي العريق الذي ظلمته الجغرافيا والجيران؟.

لقد قامت الجهات المسؤولة في إقليم كوردستان مشكوراً بإنشاء هذه القناة الفضائية التي ذكرنا اسمها أعلاه، إلا أنها للأسف لم تؤدي رسالتها الإعلامية السامية والهادفة كما يجب، وذلك بإيصال مفردات عدالة وشرعية قضية الشعب الكوردي الجريح ووطنه المحتل كوردستان إلى الشارع العربي والعراقي الذي يفتقد إلى أية معلومة صحيحة وسليمة عن الكورد وكوردستان كشعب ووطن. بل أصبحت قناة عربية وعراقية بامتياز، إلا أن ممولها مادياً إقليم كوردستان!! أي: إن المبالغ الطائلة التي تصرف عليها بالمحصلة تخرج من جيب المواطن الكوردستاني.

نحن حين طالبنا قبل عدة أعوام بإنشاء قناة كوردية ناطقة باللغة العربية كان هدفنا منه أن تقدم القناة برامج سياسية هادفة تؤثر إيجاباً على المنظومة الفكرية للمواطن العربي، الذي استحوذت عليه السلطات العنصرية العربية من خلال نشر الأكاذيب والتلفيقات في وسائل إعلامها الصفراء، التي سيرتها على مدى عقود في الاتجاه العروبي العنصري المعادي للديمقراطية وحقوق الإنسان وقبلهما معادي لتطلعات العادلة والمشروعة للشعب الكوردي المسالم، وفي طريقها يُفهم ذلك الكوردي الذي لا يعرف ما هي الثوابت الوطنية الكوردستانية فلذا شطر وجه نصفين “حيث تجده يصوت بنعم في استفتاء عام 2017 على استقلال إقليم كوردستان، وفي الأسبوع الثاني يشاهد في التلفزيون هدفاً سجله منتخب العراق لكرة القدم في مرمى خصمه يهلهل له ويرقص فرحاً؟؟؟!!!”.

الآن نقول لصاحب الأمر في هذا الشأن القومي والوطني؟ أن القناة المذكورة أعلاه منذ تأسيسها ولحد كتابة هذه المقالة لم ولن تخدم في برامجها الشعب الكوردي ولا كوردستان بل توطد الهوية العراقية 100% يجب على صاحب الأمر والكلمة الأخيرة في هذا الحقل أن يدرك ويعرف جيداً، أن أي ترسيخ وتوطيد للهوية العراقية من جانب الكورد تكون بالمحصلة النهائية ضد تقوية وترسيخ هوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية المشروعة. إن المواطن الكوردستاني يتساءل، يا ترى بماذا يفيد الشعب الكوردي في إقليم كوردستان تقديم برنامج في القناة المذكورة عن الأبراج ونسبة 51% من أرض جنوب كوردستان لا زالت ترزح تحت نير الاحتلال العراقي البغيض؟ بماذا يفيد الشعب الكوردي تقديم جملة برامج ترفيهية فاشلة وغير هادفة ليس فيها ذكراً للكورد وكوردستان؟ بماذا يفيد الشعب الكوردي تقديم برنامج “بوضوح” الذي كل حلقاته عن العراق وهو غير واضح الهوية؟ حتى حين تُمس القامة

الكوردية في هذا البرنامج لم نجد يوماً ما محاور هذا البرنامج دافع عن الشعب الكوردي وأسكت المتطاول على القامة الكوردية وذلك لسببين أما جاهل ليس في جعبته شيئاً عن الكورد وكوردستان، أو أن انتمائه 100% للكيان العراقي (عێراقچی)، الذي لا زال يحتل نصف زائد واحد من أرض جنوب كوردستان؟!. للعلم، أن غالبية العاملين في القناة المشار إليها هم من العرب الذين يجهلون تاريخ الشعب الكوردي الجريح وألف باء قضيته العادلة.

يا صاحب الكلمة الأخيرة؟، يجب على الإعلام الكوردستاني بشقيه الكوردي والعربي أن يبين بكل وضوح ودون ضبابية ومواربة لكل عربي وغير العربي كما أن القيادات العربية في العراق لها تفسيراتها الخاصة للدستور الاتحادي، لذا يجب على القيادات الكوردستانية أن تكون لها تفسيراتها ورؤيتها الخاصة للدستور الاتحادي وفقاً لمصلحة إقليم كوردستان وشعبه الأبي. أضف لها، إن الرسالة الإعلامية تستوجب على القائمون عليها أن يبتكروا وسائل علمية وأدوات فنية لكي يخترقوا بها مسامع المتلقي العربي، أو بطريقة التحبيب والترغيب تشوقه حتى يبحث بنفسه عن حيثيات إلحاق جنوب كوردستان عام 1925 قسراً بالكيان العراقي الذي استحدثه الاستعمار البريطاني (الكافر) عام 1920 ونصب عليه عام 1921 مليكاً مستورداً من الحجاز إلا وهو ذلك الصعلوك الذي خان والده المدعو فيصل بن الحسين. ثم، يتحتم على الإعلام الكوردستاني، أن يُعرف المواطن العربي والعراقي بكلمات سلسلة وليس من العيار الثقيل بدءاً من أعلى قياداته نزولاً إلى رجل الشارع حقيقة جنوب كوردستان بأنه لم ولن يكون يوماً ما جزءاً من الكيان العراقي المصطنع، بل كانت ولاية عثمانية باسم ولاية كوردستان، ثم غير العثمانيون اسمها إلى ولاية موصل، كما كانت بغداد ولاية قائمة بذاتها، وهكذا ولاية بصرة و ولاية حلب و ولاية شام الخ الخ الخ. وفيما يخص اسم كوردستان كهوية وكوطن للشعب الكوردي ذكر بكل وضوح في ديباجة الفرمانات الدولة العثمانية، لأنها كانت هناك ولاية بهذا الاسم ولاية ((كوردستان)). دعني يا صاحب الكلمة الأخيرة؟ أن أضع بين يديك ويدي القراء الكرام ديباجة الفرمانات العثمانية التي جاء فيها اسم كوردستان كولاية مثل بقية الولايات الأخرى التي كانت تابعة للدولة العثمانية والتي استقلت عنها بعد أن أفل نجم الدولة العثمانية نهائياً ودون عودة بعد الحرب العالمية الأولى. لكن الشيء الملفت للنظر هنا أنك لا تجد في هذه الفرمانات السلطانية اسم العراق؟ أ تعرف لماذا؟ لأنه لم يكن يوجد آنذاك كياناً بهذا الاسم؟.إليك الديباجة التي كانت توشح الفرمانات والمعاهدات والأوامر التي كان يوجهها السلطان العثماني إلى الأفراد والدول وفيها ألقابه التالية: “سلطان السلاطين، ملك الملوك، مانح التيجان للملوك على وجه المعمورة، خليفة المسلمين حامي حمى الحرمين الشريفين ظل الله على الأرض، سلطان البحرين الأبيض والأسود، خاقان البرين، ملك الروملي والأناضول وبلاد الكرمان وبلاد الروم وديار بكر وكردستان وأذربيجان، وفارس ودمشق وحلب والقاهرة ومكة والمدينة والقدس وكل البلاد العربية واليمن…” أ ترى يا صاحب الأمر؟ كيف ذكر اسم كوردستان بصريح العبارة، ولم نجد في هذه الفرمانات (الأوامر) السلطانية ذكراً لاسم العراق، أ تدري لماذا؟ لأنه كما أسلفت لم يوجد في ذلك التاريخ كياناً بهذا الاسم. أما أسماء البلاد العربية التي جاءت في ذيل الفرمان لم تشمل العراق لأنه لم يكن بلداً. لكن، بعد احتلال أرض “بين النهرين” من قبل الجيش البريطاني عام 1917 ومن ثم هجومه البربري على مملكة ملك (محمود الأول) التي تأسست عام 1918 وعاصمتها مدينة سليمانية واحتلالها ومن ثم قام البريطانيون عام 1925 بمؤامرة خبيثة في عصبة الأمم تم فيها إلحاق الإقليم الكوردي – جنوب كوردستان- بالكيان العراقي الذي استحدثه البريطاني (الكافر) عام 1920 لأنها – بريطانيا- أدركت بما لا يقبل الشك، أن لا حياة للكيان المستحدث باسم العراق بدون جنوب كوردستان، لأن هذا الأخير يمتلك كل مفردات استمرارية الحياة من البترول والمعادن، والمياه الوفيرة، والأرض الزراعية الخصبة الخ، فلذا صار الإقليم سلة خبز الكيان العراقي المستحدث. لكن، الشعب الكوردي لم يقف مكتوف الأيدي ولم يمنح الاحتلال البريطاني والعراقي البغيض أية شرعية، فلذا

حمل السلاح وقام بعدة ثورات عارمة ضد المحتل العراقي الذي صار مطية للاستعمار البريطاني، وبعد مرور عقوداً على الاحتلال العراقي توجت هذه الثورات عام 1991 بتحرير جنوب كوردستان من براثن النظام العنصري الدموي وعاد جنوب كوردستان كما كان قبل عام 1925 حراً سيد نفسه، وعلى أثر هذا الانتصار الكوردستاني الكبير اضطر رأس النظام العراقي المتمثل حينه بالديكتاتور صدام حسين بإصدار قراراً رئاسياً أمر بموجبه سحب كافة دوائر ومعسكرات وقوى الأمن العراقي الخ من جنوب كوردستان، أنه بإصدار هذا القرار الرئاسي فك العراق ارتباطه نهائياً مع إقليم كوردستان، وعليه قام الشعب الكوردي المناضل بإجراء انتخابات ديمقراطية لانتخاب أعضاء برلمانه الذي مَثل ويُمثل إرادة عموم الشعب في الإقليم الكوردستاني، الذي اختار برلمانه الشرعي فيما بعد الاتحاد (فيدرالية) مع الكيان العراقي في نظام اتحادي ديمقراطي واقره فيما بعد الشعبان العربي والكوردي في استفتاء مشهود عام 2005 حين صوت عليه بنعم للاتحاد شعبي الصحراء والجبل بنسبة 85%. بعد إقرار الاتحاد شعبياً ورسمياً وجب على الإعلام الكوردي بجميع اتجاهاته وانتماءاته السياسية والحزبية والشعبية أن يتبنى نهجاً غير الذي كان عليه قبل الاتحاد وذلك باستخدام لغة سلسة ومقبولة عند المواطن العربي حتى يخترق مسامعه وتنهضم عنده وصفه الحالة العراقية الاتحادية بعد عام 2005 كما يصفه الدستور الدائم في صدر مادته الأولى: جمهورية العراق دولة اتحادية… . وعلى الإعلام الكوردي أن يعرف رجل الشارع العربي أن الاتحاد كما هو معروف ينبثق من أكثر من طرف؟ واتحادنا الذي بعنوان “جمهورية العراق الاتحادية” يتكون من اتحاد إقليمين عربي بسينه وشينه، وكوردي متمثل بإقليمه الذي هو جنوب كوردستان، الذي يبدأ من بدرة وجصان مروراً بآلاف المدن والقرى كوردية وينتهي بآخر نقطة على الحدود مع شمال كوردستان إلا وهي مدينة زاخو. للعلم، أن الإقليم الكوردي، إقليم كوردستان يقع خارج أرض بين النهرين؟ (Mezopotamya) ويختلف من جميع النواحي عن الإقليم العربي لغة وأرضاً وزياً وتاريخاً وبيئة و و و. عزيزي صاحب الكلمة الأخيرة؟ يجب أن يوصل إلى ذهن المتلقي العربي أن للغته العربية جملة تعريفات لمصطلح الاتحاد كـ:اتفاق، تآلف، ائتلاف،تحالف،تعاهد الخ. إذا لم يلتزم جانب غير الكوردي بهذا العقد الاجتماعي المسمى الدستور الاتحادي هناك لغة أخرى تسمى أضداد الاتحاد وهي: التفرق، التجزؤ، التقسيم، اختلاف، افتراق، انشقاق، انفصال،ابتعاد، تفكك الخ. وهذا ما أكد عليه ديباجة الدستور الاتحادي التي تقول: إن الالتزام بهذا الدستور يحفظ للعراق اتحاده الحر شعباً وأرضاً وسيادةً. وعدم الالتزام به سيزيل كيان اسمه العراق من على الخارطة. عزيزي، وما مؤامرة البارحة التي قام بها أحفاد أبي رغال وابن العلقمي إلا مسماراً آخراً في نعش هذا الكيان المسمى عراق. كما تعلمون،هناك عدة أمثلة عن تفكك الكيان الاتحادي مثال انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي؟. وقبله انفصال جمهوريات الاتحاد السوفيتي عن بعضها، وهكذا انفصال جمهوريات يوغسلافيا، وتشيكوسلوفاكيا الخ. بينما هناك اتحادات قادتها وطنيون بحق وحقيقة ليسوا مثل العرب السنة والشيعة الأعاجم الناطقون بالعربية حيث أن كلاهما يخدمان أسيادهما خارج الحدود، وهذه الاتحادات استمرت نحو العلى وشقت طريقها بنشر العلم والمعرفة والعدالة الاجتماعية فلذا أصبحت أقوى دولة في العالم إلا وهي ولايات المتحدة الأمريكية، تصور عزيزي أن تكساس وهاواي وفيرمونت كانت جمهوريات مستقلة لكن قبلت لنفسها أن تتحد مع أمريكا القوية والمقتدرة لأن في اتحادها مصلحة أكثر من بقائها دولاً معزولة وفقيرة كما هي حال دول أمريكا اللاتينية؟ السؤال هنا، هل يصبح العراق أمريكا في المنطقة أم الاتحاد السوفيتي؟ إذا سار على نهج الأولين الخونة كما هو اليوم نتمنى من كل قلوبنا أن مصيره يكون كمصير الاتحاد السوفيتي لن يبق له أثراً على الأرض.

” أولى أن تتألم لأجل صدق من أن تكافئ لأجل كذب”

14 11 2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here