صلوا الفجر جماعة وذبحوا الكورد حضورا .

ثارت المشاعر العبثية للنواب السنة والشيعة . فتامر قتلة الحسين مع من خانوه , ليعيدوا مشاهد موقعة الطف من جديد , لكن ليس في كربلاء وانما في البرلمان العراقي , ولم يكن الحسين هو الضحية هذه المرة بل كان المواطن الكوردستاني الاعزل .

فبعد ان صلى البرلمانيون العراقيون صلاة الفجر جماعة . ابوا الا ان يقدموا الكورد على مذبح تهجداتهم وابتهالاتهم , فربطوا رواتب موظفي حكومة كوردستان بشروط ملزمة لحكومة الاقليم ليتم بعد ذلك تخصيص مبلغ لرواتب موظفي اقليم كوردستان ضمن قانون تمويل العجز المالي للحكومة العراقية .

ان ما حصل في تصويت البرلمان العراقي على قانون تمويل العجز يعتبر سبة في جبين العملية السياسية واخر مسمار في نعش التوافق السياسي الذي تحتاجه كل المكونات السياسية في العراق وليس الكورد فحسب .

لو فرضنا جدلا ( تماشيا مع طرحهم وطريقة تفكيرهم) ان اتهامات برلمانيي بغداد لحكومة الاقليم صحيحة , وان كوردستان تماطل في تسليم واردات النفط الكوردستاني الى بغداد , وانها ملزمة دستوريا بوضع كل واردات هذا النفط باليد ( الامينة) لبغداد … فهل ان حل هذه المشكلة القانونية والادارية يكون من خلال استخدام ورقة تجويع شعب كوردستان وقطع رواتب موظفيها للضغط على حكومة الاقليم ؟ اذا اين ذهبت الطرق القانونية التي يفترض ان تسلكها اية جهة متضررة في العراق حسب الدستور , لا سيما وان البرلمان العراقي متخم باللجان القانونية ؟

ان كان برلمان بغداد واثقا من موقفه ومصداقية حقوقه دستوريا في واردات نفط كوردستان , فهناك مؤسسة قانونية ورسمية في العراق تسمى المحكمة الاتحادية يستطيع البرلمانيون العراقيون اللجوء اليها لحسم هذا الموضوع , وان لم تسعفهم تلك المحكمة فالمحاكم الدولية موجودة يستطيعون اللجوء اليها و” اجبار” حكومة الاقليم للانقياد الى الدستور ( حسب ما يدعون ) . اما اللجوء الى القمع الذي شهدناه فهذا يذكرنا باساليب النظام البعثي الذي كان يلجا الى الحلول الدموية في اية مشكلة يواجهها . والا فما علاقة موظفي كوردستان او موظفي العراق بمشكلة سياسية قانونية ادارية بين حكومتي بغداد واربيل , ولماذا يستخدم الموظفون كورقة ضغط على الاقليم ؟

وهنا نريد ان نطرح سؤالا : –

لو تصرف برلمان كوردستان بنفس هذه الطريقة , واقر بفرض حصار اقتصادي على اهالي المناطق المتنازع عليها من العوائل العربية بغية الضغط على حكومة بغداد لحل مشكلة المناطق المتنازع عليها , هل يعتبر هذا التصرف مقبولا عند الاطراف السياسية العراقية وعند الشعب العراقي ؟ اذا فكيف يمكن

لممثلي الشعب العراقي ( السني والشيعي) ربط مصدر رزق مواطني كوردستان بالمشاكل السياسية بين الطرفين ؟

نريد الاشارة هنا الى موقف اخر وهو موقف بعض البرلمانيين الكورد في برلمان بغداد , والذي لم يختلف عن موقف البرلمانيين السنة والشيعة في هذا الصدد , بل كان اسوء منه , فبدلا من توجيه الاتهام الى برلمان بغداد لاجحافهم لحق المواطنين الكوردستانيين , بدأوا بكيل التهم لحكومة الاقليم , مختزلين كل الموضوع في عدم شفافية حكومة كوردستان في ملف النفط .. بهذه السطحية تناولوا الموضوع , متغافلين ( بتقصد) ان هناك مفاوضات مشتركة بين حكومتي بغداد واربيل لحل المشاكل العالقة وهي في مراحلها الاخيرة , ومتناسين ( ايضا بتقصد) انهم وان كوفئوا على موقفهم الذليل هذا من قبل بعض الاطراف السياسية العراقية والقوى الاقليمية , فان التاريخ سيسجل مواقفهم هذه على صفحات الخزي والخيانة . المفارقة ان هؤلاء البرلمانيين الكورد لا تكاد تسمع لهم همسا , يلتزمون صمت الاحجار في كل ما يتعلق بحقوق شعب كوردستان , ويبدا الحجر هذا بالنطق فقط عندما يكون هناك مجالا لانتقاد حكومة كوردستان , وكانهم مبرمجين على ذلك وهو سبب تواجدهم في بغداد , وهم بذلك لا يختلفون عمن كان صدام حسين يعينهم في مؤسساته الكارتونية ليمثلوا الكورد في بغداد ابان حكم البعث .

يجب على الحكومتين في بغداد واربيل تفويت الفرصة على الاطراف السياسية التي تحاول من خلال برلمانييها وضع العصا داخل العجلة لاضعاف الحكومتين (خاصة حكومة الكاظمي) , وسحب البساط من تحت ارجل هؤلاء , بتكاتف الرئاسات الثلاث في بغداد مع الرئاسات الثلاث في اربيل لحل هذه الازمة الجديدة قانونيا , والاستمرار في المباحثات بين اربيل وبغداد لحل جميع المشاكل العالقة دستوريا بعيدا عن تاثير غربان العملية السياسية في بغداد .

انس الشيخ مظهر

14-11-2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here