يا سياسي العراق: أليس منكم رجل رشيد

يا سياسي العراق: أليس منكم رجل رشيد

لقد أستيقظ ضمير حبيب النجار عندما رأى تكذيب قومه المرسلون فدافع عنهم حتى الشهادة. صحيح ان نتيجة وقوفه مع المصلحين كان التعذيب والقتل في سبيل الله. لكن القران خلده في التاريخ وطاردت اللعنة والخزي والعار قاتليه إذ عذبهم الله بالدنيا ولعذاب الآخرة أكبر واعظم. كذلك الأمر بالنسبة إلى السحرة الذين جلبهم فرعون لمناجزة النبي موسى. فقد استيقظ ضميرهم عندما شاهدوا معجزة موسى ووقفوا معه بثبات حتى الشهادة. بعد ان ناصروا الحق صلبهم فرعون وعذبهم وقطع ارجلهم وايديهم من خلاف. في حين كان مصير مؤمن ال فرعون الذي نطق بالحق والصدق مناصرا موسى في احرج الظروف انجاه الله. كعبرة لغيره فليس كل من يقول الحق عند سلطان جائر سيقتل ويعذب لان الامر بالنهاية بيد الله.
سياسي العراق يرون بلدهم يتجه نحو الهاوية والضياع والدمار دون ان يصحى احد منهم. لقد مات ضميرهم فلا يريدوا أن يتمثلوا بحبيب النجار وسحرة موسى الذين استشهدوا في سبيل الله. او بمؤمن ال فرعون الذي اتجاه الله. فالله ينجي أو يختار للشهادة من يشاء ولكل نفس أجل لا يقدم ولا يؤخر “قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم”.
متى تكون التوبة النصوح اذن بعد كل الذي حصل. ومتى العودة إلى خدمة الاهل والوطن والامة. انه لمن الغريب أن لا يبادر ولا يتجرأ أي سياسي عراقي دخل خلف الدبابة الأمريكية من الاستغفار والتوبة ويكفر عن جرائمه لحد الان. كان ينبغي أن يتنازلوا عن السلطة ويكشفوا المستور ويفضحوا التعهدات السرية التي منحوها لأمريكا واسرائيل. حتى هذه اللحظة لم يقلب أي واحد منهم الطاولة على الاحتلال الأمريكي والايراني. لا يزالون بعيدين من الإخلاص لوطنهم ويبرءوا ساحتهم أمام الله والشعب.
يعلم الجميع بإن هناك الكثير من حكام منطقتنا العربية دكتاتوريين ملكيين أو جمهوريين خانوا وطنهم باقامة علاقات مشبوهة مع اسرائيل وغيرها. لكنهم من جهة اخرى يمتلكون بعض المحاسن لخدمة شعوبهم في الداخل وحققوا لهم بعض المكاسب الإقتصادية أو العمرانية أو الاجتماعية. اما سياسي العراق فلم يشهد التاريخ أن حكم العراق عصبة عميلة فاسدة مفسدة تجمع مثالب ومفاسد وخيانات عظيمة داخليا وخارجيا ولم يقدموا أي خير البلاد من جميع النواحي.
فقد جمعتهم أمريكا منذ البداية واختارتهم من الشخصيات التي كانت عالة على المجتمعات والدول التي كانوا يعيشوا فيها كأمريكا وبريطانيا وفرنسا. مثل هذه الشخصيات الفاشلة والتي استلمت مناصب قيادية سامية سيكون الههم الأكبر من نصبهم وقبلتهم المفضلة واشنطن. اما احزابهم التي يعملون من خلالها فهي عصابات انفصالية عشائرية كالحزبين الكرديين أو مليشيات طائفية متعصبة كالدعوة والمجلس الشيعيين أو شعوبية ظلامية رجعية كالاخوان السنية. كما ان تلك الأحزاب المهلهلة لم تكن منبوذة من قبل النظام السابق فحسب انما من قبل الشعب ايضا. اذن من الناحية المهنية والسياسية كان رجال السلطة الذين سلمتهم أمريكا مقادير الدولة جهلة لا يملكون تاريخ سياسي مشرف ولا يدركون طلاسم السياسة الدولية وفوق كل ذلك غرباء عن العراق وشعبه واحزابهم لا تمتلك أي اجندة وطنية
مع وصول تلك الشخصيات الطارئة لقيادة العراق. ذلك البلد الذي خرج توا من نظام الحزب الواحد والقائد الواحد. بلد خرج مثخنا بالجراح نتيجة الحروب العبثية منذ عام 1980. لقد استغلت أمريكا واسرائيل وإيران الظروف الاستثنائية في عام 2003 لاسقاط النظام السابق وفرض اراداتهم شخصيات مختارة بعناية. تلك التي وافقت على تشريع دستور طائفي عنصري متخلف اعاد العراق الى القرون الوسطى واسس لحروب اهلية طائفية قومية عشائرية ارهابية لا تنتهي. لذلك فمنذ الأيام الأولى اخرجوا العراق من محيطه العربي فضيعوا هويته. لا يعلم احد اليوم هل العراق لا يزال عربي أو فارسي أو تركي أو أمريكي. انه يعيش خارج التاريخ فليس له اي موقف في الأحداث والتغيرات الكبرى في المنطقة. فهل هو مع التطبيع مع الكيان الصهيوني أو مع جمهورية ايران. بات اليوم مثل جزيرة واق واق معزول عن العالم.
اما على النطاق الاقتصادي فالفشل الذريع كان من نصيب العراق. فالأمر كان متوقعا لان قادته جهلة متخلفين طائفيين لا تنتظر البلاد منهم أي خير. انهم بطبيعة الحال يرفضون استشارة او طلب مساعدة الاختصاصيين العراقيين. لأنهم يخافون أن يفتضح امرهم امام الشعب.
بعد اكثر من سبعة عشر سنة ونصف. لم يتجرأ أي واحد منهم العودة إلى الصف الوطني. أن ظلم هذه السلطة البائسة لشعبها فاق بكثير ظلم ملك فرنسا لويس السادس عشر التي اطاحت به الثورة الفرنسية أو ظلم شاه ايران. أي شعب لا يمكنه الحصول على الاستقلال الحقيقي بالاماني ومن دون تضحيات. ان النظام الذي يعجز حتى على توفير أو تأمين رواتب موظفيه أو متقاعديه لا يستحق البقاء.
السؤال الكبير ما الذي ينتظره الشعب مع كل ماجرى ويجري. ان العراق يسير نحو كوارث عديدة فالى متى الانتظار. أليس فيكم ومنكم رجل رشيد. بات مصير انتفاضة تشرين مجهول وهي تدور في حلقة مفرغة بعد ان تمكنت بعض القوى حرف مسيرتها. اذن إلى أي مصير مجهول نحن ذاهبون الله أعلم
الدكتور نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here