حافظوا على صوت الحشد!

حافظوا على صوت الحشد!

محمد الفاهم

يقول المثل الشعبي الدارج (الحگوگ يرادلها حلوگ) .. وانطلاقاً من هذهِ المقولة، لم تنجح حركة أو فكرة ولم تنتزع حقوق على مر التاريخ، ما لم يكن هنالك صوتٌ عال يمثل تلك الحركة ويطالب بحقوقها.

وعلى هذا الأساس؛ ومنذ انطلاق فتوى الجهاد الكفائي من قبل المرجع الأعلى السيد علي السيستاني، بعد سيطرة تنظيم “داعش” على مناطق واسعة من العراق في صيف العام 2014، انبرت شخصيات لتمثيل الحشد الشعبي خير تمثيل، والدفاع عنه ونيل حقوقه كمؤسسة رسمية تقطع الطريق على كل من يحاول النيل منه واستهدافه في المستقبل متناسين أنه قد قدم تضحيات من أجل العراق يوم ترك الكثير أسلحتهم وفروا هرباً من مواجهة من أراد السوء بالبلاد والموت للعباد!

ومن أبرز الشخصيات التي كان لها الدور المهم والفعال في الحشد الشعبي والمدافع عن حقوقه منذ بدء تشكيله في حزيران عام 2014، النائب أحمد الاسدي، رئيس كتلة السند الوطني، فقد كان من أوائل المستجيبين لفتوى الجهاد، وكان في المقدمة في جلّ معارك التحرير حتى تحقيق النصر على تنظيم “داعش”.

خلال ذلك، وبعد مرور أشهر على قتال الحشد الشعبي ضد “داعش” ومساندته القوات الأمنية، كلف الأسدي بعقد أول مؤتمر صحفي، ليكون ناطقاً رسمياً باسم الحشد حتى انتهاء معارك تحرير مدن العراق من سيطرة التنظيم الإرهابي.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فيعد الأسدي؛ من أبرز المدافعين عن حقوق أبناء الحشد الشعبي وشهدائه وجرحاه، فقد تمكن من متابعة مشروع قانون هيئة الحشد الشعبي والذي تم تشريعه من قبل البرلمان العراقي في الدورة البرلمانية الثالثة (2014- 2018)، ليصبح الحشد على أساس ذلك مؤسسة رسمية تضمن لمقاتليها وشهدائها وجرحاها الحقوق والامتيازات حالهم حال باقي صنوف القوات الأمنية العراقية.

وبعد انطلاق الاحتجاجات الشعبية في العراق في تشرين الأول عام 2019، والتي تضمنت المطالبة بإعادة المفسوخة عقودهم من أبناء القوات الأمنية من الجيش والشرطة، كان لرئيس كتلة السند الوطني، أحمد الأسدي، وقفة مشهودة في البرلمان منذ البداية، حين طالب بشمول قرار عودة المفسوخة عقودهم من أبناء القوات الأمنية، إخوانهم من أبناء الحشد الشعبي، وفق الأحقية والإنصاف، لأنهم كانوا السباقين في افتراش الأرض والمبيت أسابيع طويلة في ساحة التحرير وقرب المنطقة الخضراء حتى قبل انطلاق الاحتجاجات الشعبية المطلبية في تشرين عام 2019.

بيد أن قرار مجلس الوزراء في حكومة رئيس الوزراء السابق، عادل عبد المهدي، مكن المفسوخة عقودهم من؛ (الجيش والشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب) من العودة للخدمة، إلّا إنه استثنى المفسوخة عقودهم من أبناء الحشد من العودة إلى الخدمة من جديد بالرغم من وجود قرار لأعلى سلطة في البرلمان متمثلة بالبرلمان العراقي، وهذا الأمر لم يثني الأسدي من استغلال أي فرصة سواء عمله في البرلمان ومقابلاته الصحفية وبياناته ولقائه مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بعد تشكيل الحكومة الجديدة، إلا وذكّر بضرورة عودة المفسوخة عقودهم من الحشد كأقرانهم من القوات الأمنية.

جهود الأسدي في شمول أبناء الحشد من المفسوخة عقودهم بالعودة للخدمة، مكّنت من تشكيل ضغط ولوبي داخل البرلمان بمعية عدد من النواب، على الحكومة، بأنه لا تمرير لأي موازنة مالية للبلاد أو اقتراض مالي ما لم يكن هنالك تخصيص مالي لعودة أبناء الحشد.

وفعلاً، رضخت حكومة الكاظمي في النهاية لتلك الضغوط حين أرسلت قانون الاقتراض المالي إلى مجلس النواب يوم الأربعاء الماضي (11 تشرين الثاني الحالي) والذي مرره مجلس النواب في وقت متأخر من فجر يوم الخميس الماضي، وكان يتضمن في إحدى فقراته تخصيص الأموال اللازمة لعودة المفسوخة عقودهم من أبناء الحشد للخدمة.

لذلك، إذا ما أردنا الحفاظ على الحشد كمؤسسة وأفراد، وضمان البقاء والحقوق والدفاع عنها في المستقبل، يجب أن نحافظ أيضاً على الأصوات التي تدافع عن الحشد كأمثال النائب الأسدي، والذي يشهد له العدو قبل الصديق أنه كان صوتاً جلياً وعالياً للحشد في جميع المحافل ولم يَدّخِرُ جُهْداً في التصدي لكل من أراد ويريد النيل من الحشد وتضحياته.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here