التصنيف الوطني لجودة الجامعات العراقية

التصنيف الوطني
لجودة الجامعات العراقية
د . خالد القره غولي :
مشكلة كبيرة تلك التي تتربع على عرش التعليم العالي في العراق .. وأول المشاكل وأكثرها خطورة هي الخطوط الحمراء لمسؤولي هذه الوزارة وإعتقادهم المتوارث بأنهم الأعلون في العراق ! وهذه العقيدة ولدت مع ولادة هذه الوزارة المهمة وتغلغل وتفاعل هذا المرض في جسد التعليم العالي العراقي منذ عقود .. أساس الموضوع أن القائمين على كيان الوزارة ومسؤوليتها لا يقبلون النصح والإرشاد والتوجيه من أحد إلا أن يكون حاصلا على شهادة الدكتوراه أو الماجستير على الأقل وهذا عين الظلم وقلب كبير للمنطق .. وقبل الإسترسال فيما أريده لابد لي من التذكير بأن الفترة التي تسنم فيها أحد الوزراء لهذه الوزارة لم يكن حاصلا على شهادة عليا قبل ٢٠٠٣ وبعد ٢٠٠٣ وكانت توليتهما للوزارة ناجحة جدا وبخاصة حين تبوأ هذا الوزير وزارة التعليم العالي وهو لم يحصل على شهادة عليا لكنه تمكن من السيطرة المطلقة على المسؤولية وتطوير وتعزيز الواقع العلمي رغم تكاثر بعض الانتقادات عليه وكانت لسبب معروف آخر .. أحد الوزراء لن يتمكن أبدا من النجاح في قيادة الوزارة نحو ما يدور في عقله العلمي وخبرته البحثية لأنه لن يستمر لأكثر من سنة أو سنتين.. الأمر يحسمه أباطرة إختفوا بين دهاليز الوزارة وأزقتها وبنايتها الضيقة .. فهؤلاء يمثلون على الأغلب جامعات أخرى قبل دخولهم الوزارة وبعضهم أصبح مخضرما .. لذلك فمن المؤكد أنه يميل أو ينحاز نوعا ما إلى جامعته السابقة والإبقاء على خطوط العودة الوردية لها .. ( جامعة الأنبار ) لا يوجد من يمثلها في الوزارة أو ممن تم ذكره لذلك تعاني دائما من موضوع التصنيفات والتقييمات بين الجامعات العراقية.. فالمعايير التي ستوضع ستركز على عدد البحوث والمؤتمرات والندوات وبراءات الاختراع ونفس عدد النقاط على هذا الأمر أو ذاك وكأننا نلعب (الدومنه) !!
ومع أن هذه المعايير لابد من الأخذ بها وإعتمادها لكنها قياس ثانوي وفرعي وجزئي لما يراد للجامعات أن تقدمه .. فجامعة الأنبار عانت مالم تعانيه جامعة في التأريخ لكنها بقيت مستمرة.. منذ أن حاول العملاء من دفع عدد من المخربين في أوائل أيام ساحة الإعتصام واستغلال الموقف كي يتم إسقاط الجامعة لكنهم فشلوا وفشلوا قبلها حين شطرت قوات الإحتلال الأمريكي الموقع الجامعي نصفين وبدأت بحملة إعتقالات لنا ، ولم نتوقف تلتها محاولة إرهابيي القاعدة من السيطرة على الجامعة ولم نتوقف .. قدمنا عشرات الشهداء والجرحى وإستمرت الجامعة.. حتى حدث الموقف الحاسم وسقطت جامعة الأنبار بيد قوات العدو الداعشي المحتل .. ولم تستسلم جامعة الأنبار ولم ييأس اساتذتها وموظفوها وطلبتها وتحملوا ما يفترض أن يكتب عنه من مجلدات الفخر والصبر والعز.. توزعنا بين محافظات عدة ولم يتوقف الدوام يوما واحدا ثم تحررت الجامعة ودخلناها وهي تبكي من الدمار والخراب وشمر الشرفاء النشامى الغيارى عن سواعدهم.. وعدنا للدوام في المكان الذي كان يحلم به العدو الداعشي أن يكون خرابا لكننا وبعون من الله أعدناه جامعة يبقى إسمها الأنبار.. دخل إليها وزير التعليم العالي يوم الإحتفال بالعودة للدوام وجلس فرحا ومستغربا .. فرحا لأن الطلبة والتدربسيين والموظفين يمرون من أمامه متجهين إلى مقاعد الدراسة ومستغربا .. أبعد كل هذا الخراب والدمار يتسابق منتسبو جامعتنا شغفا بيومهم الذي إنتظروه ؟! كنت أرى السيد الوزير وعينيه دمعتا من الفرح.. لكني لو كنت مكانه لإتخذت قرارا واحدا لاأتراجع عنه وهو عدم شمول جامعة الأنبار بهذا التصنيف لأنها الأولى بين الجامعات العراقية بلا منافس .. ولله الأمر

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here