قانون جرائم المعلوماتية: 21 مادة سالبة للحرية و63 عقوبة حبس وغرامة

بغداد/ محمد صباح

يحاول مجلس النواب المضي بتشريع قانون جرائم المعلوماتية رغم الاعتراضات الكثيرة التي صدرت من المنظمات المعنية بحقوق الانسان والناشطين.

وأدخل البرلمان تعديلات على التشريع تتضمن تغيير اسمه واستحدثت مركزا وطنيا تكون مهامه أشبه بعمل الأدلة الجنائية المقتصرة على توفير الأدلة والإثباتات ضد الجهات والشخصيات المتهمة بالجرائم الالكترونية لملاحقتهم قانونيا.

اسم جديد للقانون

ويقول علي الغانمي، عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية في تصريح لـ(المدى) إن “مجلس النواب حدد اليوم (الاثنين) موعدا لقراءة تقرير لجنة الأمن والدفاع البرلمانية بشأن التعديلات التي نفذتها على قانون جرائم المعلوماتية”، مبينا أن “هذه التعديلات جاءت متلائمة مع الاتفاقيات الدولية لمكافحة تقنية المعلومات التي انضم إليها العراق”.

ويضيف الغانمي أن “هذه التعديلات شملت تغيير اسم مسودة القانون إلى مكافحة الجرائم الالكترونية، واستحدثت المركز الوطني للأدلة الرقمية الذي ستكون مهمته إعداد تقارير ستعتمد كوسيلة من وسائل الإثبات في المحاكم المختصة عند النظر في الدعاوى المتعلقة بالجريمة الالكترونية”، مبينا أن “مهام هذا المركز ستكون أشبه بمديرية الأدلة الجنائية”.

وأكمل مجلس النواب القراءة الأولى لقانون جرائم المعلوماتية العام الماضي والذي شمل عقوبات تصل إلى السجن المؤبد وغرامات مالية باهظة على المخالفين.

ويؤكد النائب عن دولة القانون ان “التعديلات جرت على مسودة العام 2011 كونها تتعارض مع بنود وفقرات قانون العقوبات رقم 111، وكذلك الاتفاقيات الدولية التي توصي بحرية الرأي”، معتقدا أن “القانون أصبح أكثر نضجا وملاءمة مع النهج الديمقراطي، ولا يتعارض مع حرية التعبير، وسيكون له أثر ايجابي على الحياة الاجتماعية للمواطنين”.

مرعب وقامع للحريات

ويصف الخبير القانوني زهير ضياء الدين في حديث لـ(المدى) مشروع قانون جرائم المعلوماتية المطروح للقراءة الثانية “بأنه قانون عسكري وعقابي وقامع للحريات المدنية”، موضحا أن “هذه المسودة تتضمن العديد من العقوبات التي تجعل من المواطن يشعر بالرعب حينما يتعامل مع شبكة المعلومات”.

ويؤشر ضياء الدين ملاحظات على مسودة مشروع القانون المؤلفة من (31) مادة، قائلا إنها “تشمل (21) مادة تتضمن عقوبات سالبة للحرية التي تتفرع إلى (63) حالة يخضع فيها المواطن إلى عقوبات بحسب التوصيف الوارد للقانون من بينها (10) حالات تقضي بالسجن المؤبد مع غرامة مالية تتراوح بين (25) إلى (50) مليون دينار”.

ويضيف الخبير القانوني أن “من ضمن العقوبات أيضا هناك (25) حالة تقضي بالسجن المؤقت مع غرامة مالية تتراوح من عشرة إلى ثلاثين مليون دينار، إضافة (28) حالة أخرى تقضي بالحبس اقل من (5) سنوات مع غرامة تتراوح بين (2) إلى (30) مليون دينار”.

بنود مخالفة للدستور

ويلفت ضياء الدين إلى أن “مشروع القانون المطروح بصيغته الحالية في البرلمان يتعارض مع العديد من النصوص الدستورية، ومنها المادة (38) التي تلزم بكفالة الدولة بحرية التعبير عن الرأي بمختلف الوسائل، كما يتعارض أيضا مع المادة (40) التي توصي بحرية الاتصالات والمراسلات البريدية والهاتفية والالكترونية”.

ويتابع أن “المشروع يتعارض كذلك مع المادة (46) التي تنص على عدم وجود تقييد لأي من الحريات الواردة في الدستور”، منوها إلى أن “منظمات المجتمع المدني تصدت وبقوة إلى محاولات مجلس النواب لتشريع هذا القانون”.

من جهته، يعلل احمد الكناني، عضو لجنة حقوق الإنسان النيابية تشريع قانون مكافحة الجرائم الالكترونية في هذا التوقيت إلى كثرة المشاكل والتجاوزات من قبل جهات وشخصيات مجهولة على بعض المواطنين”، متوقعا “تمريره قبل نهاية العام الجاري”.

ويضيف الكناني في تصريح لـ(المدى) أن “قانون الجرائم الالكترونية يعد من القوانين المهمة والحساسة نظرا لكثرة الشكاوى المتعلقة بالابتزاز الالكتروني التي تتطلب من مجلس النواب الحد من هذه المشكلة والعمل على معالجتها”.

المنظمات تحذر

وجدد مركز حقوق لدعم حرية التعبير، مطالبته إلى مجلس النواب بإلغاء او تعديل “مشروع قانون جرائم المعلوماتية” الذي تمت قراءته قراءة أولى في (12-1-2019) لكونه يشكل مخالفة صريحة للدستور.

وأكد المركز في بيان اطلعت عليه (المدى) أن “المشروع الحالي للقانون يحد من الحريات التي من المفترض أن القوانين وضعت لتصونها”، داعيا رئيس الجمهورية برهم صالح إلى “حماية الدستور من اختراق مجلس النواب له عبر تمرير القوانين التي تقيد الحريات”. ويستغرب المركز من اهتمام مجلس النواب بـ”قانون جرائم المعلوماتية أكثر من اهتمامه بتشريعات تتطلبها البلاد، ويحتاج إليها المواطنون في الوقت الحاضر”، محذرا من “تمرير هذا القانون بالوقت الحاضر لعدم توافقه مع الظروف الراهنة”.

ويدعو البيان السلطة التشريعية إلى “عقد اجتماع مشترك مع المنظمات والنقابات المعنية بهذا الصدد ووضع تعديلات كافية تنسجم مع الدستور والقوانين الدولية والأعراف المجتمعية”، لافتا إلى أن معظم مواد “مشروع قانون جرائم المعلوماتية تتضمن غموضا مفرطا وتناقضا مباشرا مع المبادئ الواردة في الدستور العراقي أو العهد الدولي، ما قد يفتح الباب على مصراعيه للاعتداء على الحريات المدنية في العراق”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here