(المدى) تتجول في المقاهي وتنقل أحاديث الشباب العاطلين عن العمل

بغداد/ حسين حاتم

يعتبر الشباب “المقاهي الشعبية” المتنفس الوحيد للهروب من عناء العمل وضغوطاته، خصوصا مع فرض قيود السفر الى بعض الدول بسبب تفشي فايروس كورونا.

مصطفى فاضل (32 سنة) احد مرتادي المقاهي الشعبية في بغداد يقول لـ(المدى) “الجلوس في المقهى له متعته. رواده يجدون فيه فرصة لتبادل الآراء والأخبار، وأحيانا مشاهدة البرامج والأفلام ومباريات كرة القدم التي تبثها مختلف الفضائيات، او لعب الدومنة والورق والطاولي وغيرها”.

بعض المقاهي الشعبية تعتبر امتدادا للمقاهي القديمة، مع اختلاف قليل في التفاصيل.

ويضيف فاضل، الجالس في مقهى النخيل بمدينة الصدر: “في الماضي كان المقهى مكانا يجمع عددًا كبيرًا من الناس، وعلى مقاعده الكل يتحدث عن همومه ومشكلاته، وكان الأصدقاء يجتمعون بمواعيد معينة في المساء، وهذه المجموعة مع اعتيادها الجلوس باستمرار في المقهى، تشكل لديها نوع من التعامل الأخلاقي والإنساني، فمثلا إذا غاب احدهم أو تأخر عن الحضور، لا بد من الجميع أن يسأل عنه ويطمئن عليه خشية أن يكون أصابه مكروه أو ألم به طارئ، لكن الحال اليوم تغير والناس أيضا تغيرت، والمقاهي أصبحت فقط للتدخين واللعب الا ما ندر منها، ونحن اليوم في عصر جديد، تتغير فيه مفاهيم الحياة، مع كل اشراقة صباح”. ويلفت فاضل الى انه “تواجدي في المقاهي الشعبية قليل نوعا ما فأنا بطبيعتي احب الهدوء والمقاهي الشعبية اكثرها تضج بأصوات الدومنة وعرض المباريات على شاشاتها وصراخ يتبعه صراخ الجمهور، احب الذهاب الى المقاهي ذات الهدوء والتي توجد فيها كتب في اغلب الاحيان للحديث مع اصدقائي ومحاولة ايجاد عمل مناسب لي، خصوصا انا عاطل عن العمل منذ أشهر”.

بدوره، يقول حسين اللامي (23 سنة) لـ(المدى) “قبل جائحة كورونا التي اجتاحت العالم بصورة عامة والبلاد بصورة خاصة كانت المقاهي تزهو بالحياة وكنت اذهب انا واصدقائي واقضي ساعات طويلة باحاديث متنوعة ما بين سياسية ورياضية وتصل هذه النقاشات في بعض الأحيان الى التعصب والزعل ونأتي في اليوم التالي متناسين ما حدث ونعيش اجواء جديدة”.

وعن كورونا، يقول اللامي وهو ينفث دخان الاركيلة من مقهى الزيتون في شارع فلسطين: “اخذنا ما يسمى باستراحة مقاتل. نأتي هنا لنتحدث عن مأساة العمل. جميعنا شباب عاطلون ولا احد يفكر بنا”.

ويشير الى ان “ايام كورونا كانت قاسية علينا انا واصدقائي فقد كان المقهى يلم شملنا ونعرف من خلاله اخبار الآخرين والمواضيع التي تحصل لهم”. واصفا المقهى بـ”متنفس الشباب”. ويلفت اللامي الى انه “بعد ازالة الحظر عادت المقاهي تزهو بالشباب، ورغم وجود الفايروس لكن ما كان علينا سوى التعايش معه والعودة الى الحياة الطبيعية”.

يضيف “اكثر رواد المقاهي الشعبية هم من الشباب الخريجين والشباب العاطلين الذين يريدون قضاء يومهم بشتى الطرق للخلاص من فراغهم”. الجامعي سجاد ستار (23 سنة) يقول لـ(المدى)، إن “اكثر الشباب تأتي الى هنا لأنه المكان الوحيد الذي يستطيعون ان يسترخوا به بعد عناء عمل طويل او بعد ملل المنزل وضجره”. يضيف ستار “نجتمع في المقهى كل يوم. اكثر المولات والمطاعم والاماكن الاخرى تكون فقط للعوائل، اضافة الى انها غالية”، لافتا الى انه “نحن شباب عاطلون، المقهى الشعبي هو المكان المناسب لتجمعنا”. ستار رغم تواجده في المقهى لكنه لا يدخن الاركيلة ويلفت بقوله “ادخلها من اجل التسلية ولعب الدومنة والطاولي مع الاصدقاء بالاضافة الى شرب الشاي والعصائر والبحث عن عمل ايضا”.

ويتابع “نأتي الى المقهى بعد المساء ونبقى قرابة 4 ساعات ما بين اللعب ومناقشة المواضيع السياسية والمواضيع الرياضية وحتى مناقشة مواضيع حياتنا وطموحاتنا التي دائما تنتهي بالضحك”.

يشير ستار الى انه “منذ اجتياح كورونا العالم ووصوله الى العراق تغير كل شيء، اغلقت المقاهي، واصبحت الناس تتخوف من الخروج الى الشارع، بقينا مرابطين في المنازل لأكثر من شهرين تقريبا”.

ويوضح ستار “اصبح تواصلي مع اصدقائي على الاتصال وعلى المحادثات الالكترونية وكانت فترة كئيبة ومليئة بالضغوطات النفسية (…) قضيت بداية تلك الفترة في مشاهدة الافلام والمسلسلات بكثرة الى ان رُفع الحظر”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here