بغداد/ محمد صباح
تشتد المنافسة بين الشركات السعودية والإيرانية والإماراتية والكويتية والتركية بعدما عرضت حكومة مصطفى الكاظمي أكثـر من ثلاثة ملايين دونما للاستثمار. ورغم أن الشركات السعودية أعلنت انسحابها عن استصلاح الأراضي في الصحراء الغربية، إلا أنها بدأت بجولات تفاوضية مع جهات حكومية للاستثمار في محافظات اخرى.
واتجهت الحكومة قبل اشهر نحو تفعيل الاستثمار عندما دعت شركات اوروبية وعربية إلى الدخول إلى العراق في محاولة منها لتجاوز الأزمة المالية الحالية.
رفض سياسي لاستثمار الصحراء
ويكشف مصدر مطلع طلب عدم ذكر اسمه لحساسية الموقف في حديث مع (المدى) أن “أسباب تعثر مفاوضات الشركات الاستثمارية السعودية مع الجانب العراقي تعود إلى تدخلات قوى سياسية معروفة عبرت عن رفضها لفكرة استثمار الصحراء الغربية”، متحججة أنها من “المناطق الهشة امنيا”.
ويضيف المصدر أن “الجهات المعترضة أبدت تخوفها من إمكانية استغلال هذه المناطق في حال استثمارها من قبل الشركات السعودية لأغراض أخرى غير الاستثمارية، وهو ما أجهض كل المساعي والجهود الرامية لاستصلاح هذه الأراضي الممتدة بين محافظتي الانبار والسماوة”. ورفض عدد من القوى الشيعية السماح للشركات السعودية بالاستثمار في الانبار، محذرين الحكومة من السماح للرياض باستصلاح هذه المساحات الواسعة، لأسباب قالت إنها تتعلق بالأمن والسيادة والاقتصاد بعدما وصفت الاستثمار بـ”الاستعمار”.
وعرضت الشركات الاستثمارية السعودية المتخصصة بتربية المواشي والابقار على الحكومة العراقية فكرة استثمار (4) ملايين دونم في الصحراء الغربية الواقعة بين محافظة الانبار ومرورا بمدينتي كربلاء والنجف وصولا إلى بادية السماوة، بعقد يمتد إلى أكثر من خمسين سنة لزراعة المحاصيل الزراعية وتربية الأبقار.
استثمار بدون علم الحكومة!
ويلفت المصدر القريب على المفاوضات السعودية ــ العراقية إلى أن “فكرة استثمار الصحراء الغربية من قبل السعوديين استبعدت بعد قيام جهات داخلية بأخذ أراض صحراوية لاستصلاحها، وبدأت بالعمل منذ فترة دون علم الحكومة”.
ويأتي هذا المشروع الاستثماري ضمن مقررات المجلس التنسيقي المشترك بين العراق والسعودية، الذي تشكل في شهر تموز من العام 2017، ويهدف إلى تطوير وتأهيل الثروات الطبيعية في القطاع الزراعي في الصحراء الغربية واستصلاح الأراضي الزراعية لتربية الأبقار والماشية والدواجن.
وبين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في مؤتمر صحفي عقده الأسبوع الماضي أن هناك من يروج لكذبة الاستعمار السعودي في مجال الاستثمار، مشددا على أن الاستثمارات السعودية تؤمن مئات الآلاف من فرص العمل للعراقيين.
جوانب فنية عرقلت المشروع
من جانبه، يوضح عون ذياب، المستشار الفني لوزارة الموارد المائية في حديث مع (المدى) أن “كميات المياه الجوفية في الصحراء الغربية غير كافية لتمويل مشروع زراعي كبير يسعى لاستصلاح أراض زراعية تقدر بـ(4) ملايين دونم، وفي فترة زمنية تمتد إلى نحو أكثر من خمسين سنة تقريبا”.
وكان وزير الزراعة محمد كريم الخفاجي كشف في وقت سابق عن “اعتذار” الشركات السعودية عن الاستثمار في العراق بعدما أبدت رغبتها بإنشاء محطات لتربية الأبقار على مساحة 10- 50 ألف دونم في محافظات المثنى والأنبار والنجف، مضيفا أن وزارة الموارد المائية أكدت عدم قدرتها على توفير مياه مستدامة لمدة 50 عاما.
ويبين ذياب أن “بالإمكان الاستفادة من المياه المستدامة (الأمطار) لاستصلاح الأراضي دون المساس بالمياه الجوفية التي تعد خزينا أساسيا ممكن اللجوء إليه في وقت شحة وجفاف المياه في المستقبل”، مبينا ان “وزارة الموارد المائية ليست بالضد من أي مشروع استثماري لكنها متخوفة على نفاد المياه الجوفية”.
ويؤكد المستشار الفني أن “الاستثمار السعودي في الصحراء الغربية تم صرف النظر عنه لأسباب فنية تتعلق بالمياه الجوفية”، كاشفا ان “هناك استثمارات محلية لأراضي واسعة في صحراء السماوة تقدر بـ(200) ألف دونم، وكذلك في مناطق الزبير وسفوان في البصرة، وأيضا في منطقة حفر الباطن وفي صحراء النجف وكربلاء، والانبار وصلاح الدين”.
الاستثمار السعودي في واسط
من جانبه، يوضح حميد النايف، المتحدث باسم وزارة الزراعة في تصريح لـ(المدى) أن “المفاوضات مازالت قائمة بين الجانبين السعودي والعراقي وشكلت لجان مشتركة للبحث عن استثمارات في مناطق أخرى قد تكون في واسط والانبار وصلاح الدين”، لافتا إلى أن “جميع الأراضي العراقية معروضة للاستثمار”.
ويضيف النايف أن “هناك 28 مليون دونم في العراق صالحة للزراعة المستغل منها بحدود 16 مليون دونم، وبالتالي المساحات موجودة لكن بعضها خال من المياه الجوفية، وبعضها الآخر فيها مياه إروائية”، مبينا أن “ما يقارب عن مليون دونم حاليا معروض للاستثمار في بداية السماوة والنجف، وأيضا مليون في الانبار، وأطراف صلاح الدين، ومناطق واسط”.
منافسة إيرانية خليجية تركية
ويقدر المتحدث حجم “الأراضي الزراعية المهيأة للاستثمار أمام الشركات السعودية أو أية شركات أخرى بحدود (3) ملايين دونم في مختلف المحافظات العراقية”، منوها إلى أن “الحكومة مع أي جهد استثماري سواء أكان محليا أو أجنبيا”.
ويلفت إلى أن “الاستثمارات المحلية للأراضي الزراعية في الصحراء تكاد تكون محدودة لا تتعدى المليون دونم”، كاشفا في الوقت ذاته عن “وجود رغبة إيرانية وإماراتية وكويتية وتركيا سعودية لاستثمار الأراضي الزراعية”.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط