مجلس النواب يناقش جرائم المعلوماتية متجاهلًا الاعتراضات

انهى مجلس النواب، أمس الاثنين، مناقشة مشروع قانون جرائم المعلوماتية. وقالت الدائرة الاعلامية لمجلس النواب في بيان تلقت (المدى)، نسخة منه، ان “مجلس النواب انهى تقرير ومناقشة مشروع قانون جرائم المعلوماتية، ورفع جلسته”.

ومنذ بدء النقاش حولها قبل سنوات، أثارت مسودة قانون “جرائم المعلوماتية” جدلا بين ناشطين ونواب عراقيين، خاصة بشأن العقوبات التي تصل إلى السجن 10 أعوام وغرامات كبيرة، وهو ما يثير القلق بشأن الحريات.

وربطت منظمة هيومن رايتس ووتش بين كتابة مجلس الوزراء مسودة القانون عام 2011 وبين “جهد أوسع يهدف لقمع المعارضين العراقيين”، خاصة وأن كتابته جاءت بعد تظاهرات عراقية تزامنت مع تظاهرات الربيع العربي وهددت رئيس الوزراء آنذاك، نوري المالكي، بالإقالة.

لكن ظروف عام 2011 لم تنته، بحسب الصحفي، أحمد السهيل، الذي شارك في تظاهرات عام 2011، وتظاهرات تشرين الاول 2019.

ويقول السهيل لموقع (الحرة) إنه “لا يمكن القول بوجود أي غاية غير الغايات السياسية من محاولة إقرار قانون جرائم المعلوماتية، خصوصا أنه يتزامن مع حالة رفض شعبي شديد للنظام السياسي العراقي بشكل عام”.

ويضيف السهيل “هذه الأجواء الرافضة للعملية السياسية وفرت فرصة للفاعلين السياسيين على اختلافهم للمبادرة بقطع الطريق أمام أي حراك شعبي، وجعل قمع الحريات ضمن إطار قانوني يهدف إلى حماية النظام السياسي من أي أصوات معارضة، بعد أن كان القمع يجري بمخالفات قانونية واضحة”.

ويقول رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، مصطفى ناصر، لموقع (الحرة) إن النسخة المكتوبة عام 2011 “سيئة وخطيرة للغاية وتعود بالعراق للعهد الديكتاتوري”، مضيفا أنها “يجب أن تمحى من ذاكرة البرلمان”.

وشملت نسخة عام 2011 عقوبات تصل إلى السجن المؤبد لـ”جرائم” متعددة، منها “الإساءة إلى سمعة البلاد”، أو الحبس لمن استخدم اسما وهميا خلال استعماله للإنترنت.

بالمقابل يشير النائب في البرلمان سعد مايع، في بيان، الى أن لجنة الأمن والدفاع أعادت صياغة قانون جرائم المعلوماتية وتم اقتراح تغيير عنوانه إلى قانون “مكافحة الجرائم الالكترونية”، كون هذا التعريف أكثر دقة وشمولية، من حيث الجرائم التي ترتكب بواسطة الحاسوب أو الهواتف النقالة أو ألواح الآيباد أو أي جهاز الكتروني سيتم إنتاجه مستقبلا.

ويقول ناصر إن “النسخة الموجودة حاليا لم تطرح للنقاش وجرى تعديلها بعيدا عن أصحاب المصلحة كما تم تجاهل عدد من المقترحات التي قدمناها”، مستدركا هي “أفضل” من نسخة 2011 لكنها لا تزال تحتوي الكثير من “النقوصات”.

الى ذلك يقول النائب في البرلمان بدر الزيادي إن مسودة “القانون ستقضي على المئات من حالات الابتزاز الالكتروني”، مضيفا في بيان أنها “ستتضمن تشكيل محكمة خاصة بجرائم المعلوماتية، تحدد من خلالها العقوبات التي وضعت على المبتز من دون أي مساس بالحريات العامة”.

ويحتج ناشطون على نص المسودة معتبرين أن “التعريفات الفضفاضة” لمواد قانونية جرمية يمكن أن تستخدم من قبل السلطة لإسكات المعارضة الشعبية، كما أنها تبدو كما لو كتبت على “عجالة”.

وبحسب الخبير في الشؤون القانونية، علي التميمي، فإن مشروع القانون يحتوي على “تعاريف مقتضبة وهي تحتاج ان تعرف”، كما أن “مواد القانون قليلة لا تتناسب مع أهمية القانون”.

ويقول الناشط علي مردان، إن عبارات القانون التي تبدو وكأنها كتبت “على عجالة”، مثل “الاعتداء على المبادئ والقيم الدينية أو الأسرية أو الاجتماعية” التي يمكن أن تعني أي شيء من النقد للعادات الاجتماعية والعشائرية وإلى المطالبة بالحريات.

ووضعت مسودة القانون لهذه عقوبة السجن من (7-10) سنوات والغرامة لمن يستخدم الإنترنت والحاسوب بقصد “الاعتداء على المبادئ والقيم الدينية أو الأسرية أو الاجتماعية”.

ويضيف مردان إن “للسلطة سوابق كثيرة باستخدام اللغة الضبابية لتحقيق مصالحها، يمكن أن ننتقد مثلا زواج (الفصلية) أو (الدكة العشائرية) ونحاكم وفقا للقانون هذا”.

ويقول علي، وهو طالب علوم دينية سابق، إن علماء دين كبارا يقولون إن “المسلمين مختلفون بينهم على التفاسير في كل شيء ابتداء من صفات الله ووصولا إلى أحكام الوضوء”، ويتساءل “كيف سنحدد ماهي القيم الدينية إذن؟”.

ويعتقد التميمي أن “عقوبة المساس بالقيم الدينية والأسرية غير واضحة، وتدخل المطبق للقانون في إشكالية فهم النص”.

ويشير التميمي إلى أن “مشروع القانون عاقب المحرض حتى وإن لم تتم الجريمة، وهذا يخالف مبدأ العقوبة لانتفاء الركن المادي فلا عقوبة على النوايا”.

وتشير المادة 16 من القانون إلى أنه “يعد مرتكبا جريمة التحريض كل من حرض أو ساعد أو اتفق أو اشترك مع الغير على ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، فأن لم تقع الجريمة عوقب بنصف العقوبة المقررة لها قانونا”.

وانتقد ناشطون ما يبدو أنه “تحيز” في نصوص القانون لصالح الحكومة. فبحسب الناشط، أحمد عبد السلام، فإن “القانون لم يفرض على مؤسسات الدولة قيودا بما يتعلق بتصريحاتها أو طريقة خطابها، ما يعني أن الهجمات والتحريض ضد الناشطين مسموحة أو متغاضيا عنها”.

ويضيف عبد السلام أن “رؤساء وزارات مثل عادل عبد المهدي، وقادة أمنيين ومتحدثين باسم الوزارات الأمنية افتروا وحرضوا على المتظاهرين والناشطين عشرات المرات، وأدى تحريضهم ومعلوماتهم الكاذبة إلى شقاق اجتماعي بين العراقيين، من دون أن يحاسبهم أحد”.

ويقول رئيس جميعة الدفاع عن الصحافة، مصطفى ناصر، إن “المشرعين تجاهلوا اقتراحات المنظمات المدنية بتجريم خطابات الكراهية والتحريض والتضليل والتزييف الناتج عن الجيوش الالكترونية التابعة للأحزاب وتغريم الأحزاب التي انشأت تلك الجيوش”.

وطالب ناصر أيضا بتجريم أية جهة رسمية او حزبية يثبت تجسسها على المواطن من دون أوامر أو رخصة قضائية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here