عبد الرحيم القنائي

عبد الرحيم القنائي، الدكتور صالح الورداني
——
عمل الأيوبيون بعد إسقاط دولة الفاطميين على تحويل المصريين من التشيع الى التصوف..
وجلبوا من أجل تنفيذ هذا المخطط الكثير من الفقهاء والمتصوفة ووجهوهم نحو صعيد مصر..
من هنا ازدحم الصعيد بالعديد من الرموز والشخصيات التي رفعت راية التصوف وحب أهل البيت..
وسلطت عليها الأضواء لتصبح من الأولياء والصالحين وتبنى لها الأضرحة والمقامات ويحتفل بمولدها كل عام..
وبتفحص تأريخ هذه الشخصيات لا نجد شيئاً ذا قيمة أو أثر علمي أو بصمة يستحقون من أجلها هذه القيمة العالية والمكانة المرموقة..
ليس سوى مجموعة من الكرامات المصطنعة والقصص الخيالية..
ودعوى الانتساب لذرية الرسول (ص)..
إلا أن الهدف الواضح والمحدد لها هو السعي لتوطين مذهب أهل السنة وعقيدتهم تحت مظلة التصوف..
ولأجل ذلك تم تضخيمهم..
وعلى رأس هؤلاء عبد الرحيم القنائي..
نسبة الى مدينة قنا بصعيد مصر..
وقِنا: بكسر القاف،هى كلمة قبطية..
جاء في الوافي بالوفيات : عبد الرحيم بن أحمد …. بن علي بن محمد بن جعفر الصادق السبتي. شيخ من مشايخ الإسلام وإمام من الائمة العارفين. أقام بمكة سبع سنين ثم قدم إلى قنا من صعيد مصر وأقام بها سنين إلى أن توفي سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة، لا يكاد قبره بقنا يخلو من زائر وقاصد وعابر، ذكره الحافظ المنذري في وفياته وأثنى عليه ثناءاً كثيراً، له مقالات في التوحيد منقولة عنه، ومسائل في علوم القوم، كان مالكي المذهب..
وجاء في الطالع السعيد في تاريخ الصعيد او الجامع أسماء نجباء الصعيد ،قال الأدفوي: هو شيخ مشايخ الإسلام وإمام العارفين الأعلام، وصل من المغرب وأقام بمكة سبع سنين، ثم قدم قنا من عمل قوص فأقام بها سنين كثيرة إلى حين وفاته، وتزوج بها وولد له بها أولاد..
اغترفوا من بحر علمه وفضله وانتفعوا ببركاته، وأشرقت أنوار قلوبهم لما دخلوا في خلواته..
اتفق أهل زمانه على أنه القطب المشار إليه، والمعول في الطريق إليه..
وكراماته مستغنية عن التعريف، تكثر عن أن يسعها تأليف..
توفي سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة..
وقال في ترجمة علي بن حميد الصباغ تلميذ القنائي: شيخ الدهر بلا منازع وواحد العصر بلا مدافع ، صاحب المعارف والعوارف واللطائف والظرائف والمناقب المأثورة والكرامات المشهورة، ذو علم وعمل وطريق لاخبل فيه ولا خلل، سر الشيخ عبد الرحيم، وهو أحد مشايخ الإقليم، له أصحاب كالبدور، والاتفاق على أنه القطب الذي عليه المعارف في زمنه تدور، وأنه له تصرف وتمكن، وتضلع في المكارم وتيقن،
وهو الذي اختص في زمنه بهذه الطرائق ، ودارت عليه الحقائق، وانتفع ببركاته الخلائق..
توفى سنة ثلاث عشرة وستمائة ودفن تحت رجلي شيخه القنائي..
وجاء في حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة :عبد الرحيم بن أحمد بن حجون القنائي الشريف السيد الكبير الإمام الشهير. أصله من سبتة، وقدم من المغرب فأقام بمكة سبع سنين، ثم قدم قنا فأقام بها سنين كثيرة إلى أن مات..
قال الحافظ المنذري: كان أحد الزهاد المشهورين، والعباد المذكورين، ظهرت بركاته على جماعة ممن صحبه..
وكان مالكي المذهب، وكراماته كثيرة..
مات في تاسع صفر سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة..
ويظهر لنا من خلال عرض سيرة القنائي أنها لا تحوي شيئاً يذكر ذا أهمية..
وأن دوره كسائر أدوار رموز التصوف الذين برزوا في تلك الفترة..
والذي تركز في الدعوة للتغييب والانعزال عن الواقع وتوطين المذاهب السنية..
وكذلك ضرب فكرة التشيع لأهل البيت وتفريغه من مضمونه..
ورفع شعار حب أهل البيت لا ولايتهم..
وكيف للقنائي وأمثاله ممن يدعون الانتساب لذرية الرسول (ص) لا يحمل شيئاً من علوم أهل البيت..؟
وكيف له وهو بهذا الحجم يسوق مذهب مالك والشافعي..؟
وهل القطب وإمام العارفين في حاجة لمثل مالك والشافعي..؟
وما هى تلك الكرامات التي تحدثوا عنها وأين آثارها..؟
وكيف للقنائي لم تبرز كراماته إلا بعد وفاته..؟
واين هى كراماته بمكة وقد اقام بها سبع سنين قبل دخوله مصر..؟
لقد كانت الفترة الأيوبية هى بداية استئصال التشيع من مصر وإحلال التصوف والمذاهب السنية مكانه..
وأمثال القنائي وتلميذه الصباغ هم من أعانوهم على هذا..
والسؤال هنا : لماذا توافدت عناصر التصوف على الصعيد خاصة..؟
والجواب لكون الصعيد كان مركزاً للتشيع وللثورات ضد الأيوبيين..
وكان تبني الصوفية لشعار حب أهل البيت هو المدخل لجذب المصريين وتمرير عقائد أهل السنة من خلاله..
وقد فصلنا دور هؤلاء في تصفية التشيع بصعيد مصر في كتابنا : تأريخ الشيعة في مصر..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here