انهيار حملة الافتراءات الفرنسية ضد محمد (ص)

انهيار حملة الافتراءات الفرنسية ضد محمد (ص)

ان الله عز وجل هو الذي تكفل بنصر رسوله في حياته وبعد مماته. فقال تعالى “الا تنصروه فقد نصره الله”. وقال ايضا “أنا لننصر رسلنا والذين امنوا”. لقد مكن الله رسوله من النصر في المدينة المنورة بعد أن هدى الانصار لاعتناق الاسلام ثم نصره في مكة المكرمة بعد أن فتحها منتصرا على الوثنية والشرك. لقد ساد سلطان رسول الله الجزيرة العربية وانتشرت رسالته العالم اجمع. فقد قال الله فيه “ورفعنا لك ذكرك”. إذ لا يذكر اسم الله الا ويذكر محمد رسول الله. اذ ترتفع اليوم راية لا اله الا الله محمد رسول الله ليس في مساجد دول العالم العربي والاسلامي فحسب انما في باريس ولندن وبرلين وواشنطن ونيويورك واوتاوا وموسكو وبكين ومعظم مدن العالم المهمة الاخرى.
لقد كان رسول الله كما قال القران الكريم ذو اخلاق عالية وراقية “وانك لعلى خلق عظيم”. فقد امره الله باقناع الناس بالحسنى “ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن”. وقال له القران ايضا “ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم”. وقال له كذلك “واصير وما صبرك الا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون”. واشاد الله في تصرفاته اليومية السامية وصحابته بالقول “والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين”. ثم امر المسلمين الذين يسيرون على سنته بالتسامح مع غير المسلمين “لكم دينكم ولي دين”. ومنح حرية العقيدة للناس اجمعين “لا اكراه في الدين”. وحث الله رسوله بعمل الاحسان والخير حتى مع المشرك بالله “وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله ثم ابلغه مامنه”.
اما سنة رسول الله فهي تشير لنا بأنه في احرج المواقف واصعبها كان متسامحا رحيما حتى مع من ظلمه. فعندما اذاه قومه بواسطة الاستهزاء والتكذيب إلى محاولات الاعتداء أو الاغتيال أو القتل. كان بإمكان محمد صلى الله عليه وسلم أن ينتقم منهم أو يدعو ربه الذي اذا اراد شيئا فانما يقول له كن فيكون لينتقم من الظلمة كما فعل اعداء الأنبياء الاخرين. لكن تسامحه مثاليا ورائعا فعندما اعتدى عليه قومه مرات ومرات بعث الله اليه ملك وامره أن يطيع أمر محمد فعرض عليه الملك المرسل من الله أن يطبق على أهل مكة الاخشبين. أي يمحو أهل أهل مكة بواسطة وقوع جبل ابي قبيس من جهة وجبل قعيقعان من جهة اخرى المحيطان بمكة فيستاصل المشركين. لكن رحمة رسول الله كانت عظيمة فقال للملك لا تفعل ذلك. بل رفع يديه إلى السماء قائلا اللهم اهدي قومي فانهم لا يعلمون.
نحن نعلم بان هذا الرسول الذي يتمتع بمثل هذه السجايا والاخلاق لن يؤثر على سمعته بعض المعتوهين والذين في قلوبهم مرض وحقد اعمى. لذا فان هذه الحملة الوقحة ضد رسول الله لن تزيده الا رفعة وسموا لانها مجموعة من التراهات والسخافات والاكاذيب الرخيصة. كما ان اهدافها سياسوية ميكافيلية انانية غير اخلاقية وليست لها اية علاقة بالحقائق الثابتة التي رسخها القران الكريم والتاريخ الحقيقي.
اما في مسألة التعامل اليومي للدول الغربية مع الاسلام والمسلمين في فترة الستينات والسبعينات فقد كانت متسامحة. فعندما وصل بعض العرب والمسلمين قراوا دساتير تلك الدول ولا سيما فرنسا فعلموا انها بلد ديمقراطي حر علماني. علموا ايضا بان تلك الديمقراطية والحرية مقيدة وتحترم جميع مكونات الشعب. استقروا بها بعد ان خلصوا إلى أن حرية الراي والتعبير مشاعة للجميع وليست فوضوية. إنها من حيث المبدا تتوقف عندما تعتدي على حرية وعقائد الاخرين. فهموا ايضا بان العلمانية ليست معادية للأديان والعقائد بل تحميها من دون ان تتبناها. كانوا يعرفون بأن اللائكية ليست ضد الحرية الشخصية لاعتناق أي عقيدة أو فلسفة وتحمي حريتها أمام أي تعسف أو ظلم من الاخر.
لهذا قبل الكثير منهم مبدا التوطين بهذه البلدان هروبا من بلدانهم العربية والاسلامية الدكتاتورية.
بعد أن تصاعدت العنصرية اليوم نتيجة الأزمة الاقتصادية إلى درجة خطيرة. بحيث بدأ اليمين الكلاسيكي والاحزاب الدائرة في فلكها تتنافس مع اليمين المتطرف المتعصب لشيطنة المسلمين الفرنسيين ومسلمي العالم اجمع وسب رسولهم دون اكتراث. لقد ضربوا عرض الحائط وفي الصميم مبادىء الثورة الفرنسية ومباديء الجمهورية التي كانوا يتشدقون بها. تلك المتمثلة في شعارات الحرية والمساواة والاخوة. من الصحيح ايضا أن تلك المراهنات القذرة في سب وشتم المسلمين ما كان لها أي حظ في النجاح لو كانت الجالية المسلمة في فرنسا متوافقة على الحدود الدنيا في التالف والتعاون بين اطيافها. لقد ظهر جليا ان قادة جمعيات مسلمي فرنسا لا يمتلكون فهما واضحا عن الاسلام واولوياته في تعامله مع معتنقيه ومع غير المسلمين. لقد فشلوا في توضيح وطرح مطالب الجالية المشروعة ولم يقدموا أي مشروع وطني فرنسي لخدمة الجالية.
لقد تركوا الاسلام رهنا لتلاعب السياسيين الفرنسيين وفسحوا المجال واسعا لتدخل السلطات السياسية الفرنسية في الشأن الديني الاسلامي. لقد عملوا كل ما في وسعهم لارضاء السلطة السياسية. لنرى في نهاية المطاف بان قادة مسجد باريس أو اتحاد المنظمات الإسلامية أو المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية افرغوا الاسلام من أصله وضيعوا هويته. لقد اضحوا وامسوا مطبلين للحكومات الفرنسية المتتابعة. حتى باتوا اليوم لا يمثلون الا أنفسهم وهم على اتم الاستعداد لتقديم تنازلات مؤلمة تخص أسس هذا الدين.
لقد تخاذل قادة تلك الجمعيات منذ البداية عندما سمحوا باشاعة مصطلح الارهاب الاسلامي ومن ثم الانعزالية الذي يهدف لتهميش الجالية واضطهادها في عقيدتها والعمل لتاسيس اسلام لا ينتمي إلى الاسلام الحقيقي الا بالاسم.
في حين لم يتجرأ أي مسؤول سياسي فرنسي لطرح مشروع تجديد اليهودية أو النصرانية مما يوضح حقيقة مؤلمة وهي أن على المسلمين أن يعودوا اذلة صاغرين يقبلون دون نقاش ما يريده ويقرره احفاد المستعمرين في القرون الماضية. لكن يحاول بعض السياسيين الفرنسيين عبثا أن يعيدوا عجلة التاريخ إلى الوراء بالتعاون مع بعض الحكام المسلمين الظلمة واذنابهم.
الدكتور نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here