هَامِش الْحَيَاة . . . !

هَامِش الْحَيَاة . . . !
د .نيرمين ماجد البورنو
قد تظن نفسك أنك رهينة أسلوب حياة وأنه ليس بمقدورك النهوض بينما أنت شمس وروح في قلب أحدهم تشرق كل صباح, نعم نحن نعيش على هامش الحياة وواقع مليء بالأشواك والعقبات والصراعات والحروب وحياة ليست وردية, وليست فيلما ولا رواية ولا قصيدة تلامس وتداعب مشاعرنا, كل ذلك لأنه اشتبكت علينا المفاهيم واختلطت علينا الحياة فلم نعد نفرق ما بين ما نحتاج وما نشتهي, وما بين ما نحب وما نكره, ولأننا بتنا نقارن أنفسنا بغيرنا ونسرح بخيال بعيد كل البعد عن الواقع, ونقارن حياتنا بحياة ما تراه أعيننا فهذا أسوأ ما نرتكبه بحق أنفسنا وقلوبنا ومشاعرنا وعقولنا.
هناك أنواع من البشر تحت هذه المظلة يعيشون خارج بوتقة التاريخ والحياة ,أحياء أموات, اختاروا أن يكونوا سلبين سطحيين مزاجيين متعجرفين أعداء لأنفسهم وللـآخرين متشائمين يغلقون نوافذ الأمل والاشراق حتى لا يدخل بصيص الأمل من أي خرم الى قلبة وروحة وعقلة, لا يعرفون الاستقامة في السير نحو تحقيق هدف واضح, يكرهون التجديد والمغامرات والمجازفات فتجدهم لا ينخرطون في صناعة الأمل والحياة بل هم متفرجين على النجاح بل هم أعداء النجاح, ولكن الغريب بالأمر أن تلك الفئة من البشر تحب أن تعيش وتتنفس وتتكاثر وتتثعلب وتتفلسف على هامش الحياة، فتجدها تقرأ الغلاف وهوامش الكتب ونبذة مختصرة من مضمون الكتاب فتدعي العلم والفلسفة والحكمة دون معرفة الكاتب وسيرته وأفكاره.
وهناك من يعيش على هامش العمل, انسان متواكل بطيء عالة على المجتمع جاهل وغبي وخامل متقلب المزاج يعيش على الراتب فتجده يقضي يومه متسكعا مترنحا بين الممرات والمكاتب, كمن يقضي يومه على كرسي في أحد المقاهي والمطاعم يتباهى ببطولات وانجازات واهية كاذبة ثم يعود الى بيته مدعيا الانهاك الفكري والعقلي والبدني والنفسي ليوحي لأهل بيته وجميع من حوله انه انسان ملتزم بعمله ونشيط وذو كفاءه وعبقري وانه منهك من كثرة المسؤولية والمهام الموكلة على عاتقه وكاهله وأنه اليد اليمني للمدير ولا أحد يستغني عنه وعن أفكاره وانجازاته.
الحياة على الهامش لا تشبه الحياة التي يعرفها الكثيرون، فقد تكون مملة منهكة لثلة ومريحة أمنه ساكنه لثلة أخري, أنت فقط من يحدد المسار والسير على الحياة لأنك أنت من ستتقبلها بحلوها ومرها ولأنك أنت من سيضع القانون والمعيار لسعادتك ولحزنك ولبؤسك ولتعكير صفوك, أنت من تختار أين ستحيا في الدنيا هل على الهامش أم في غياهب الحياة تصارع وتكابد بدون جدوي, وأنت فقط الذي سوف يقرر من يسكن روحك ويرممها ويطيب جروحها, فلا تبخل بحروفك ولطفك وكلماتك على من تحب وتهوى لان بعض الكلمات تدخل القلب دون استئذان فتطيبها رغم بساطتها كمن يهمس بأذنك” أنا بجانبك مهما حدث” كان لك نصيب من دعائي” “أحب طريقة هدامك وتفكيرك ومنطقك وفلسفتك ” وضحكتك المميزة وإشراق عيونك, ببساطة أنا أحبك.
كثيرة هي المواقف والأحداث والقصص التي نقرأها ونلمسها يوميا في حياتنا وكثيرة هيا المرايا التي تسرق الذكريات في خباياها, ستحيا مرة لتسعد ولتصارع ولتكابد فلا تسمح لأحد أن يمحو هويتك وابتسامتك ووجودك ومكانتك ليصعد على أكتافك ويجعلك سلم للصعود متي ما يشاء يصعد عليه ويحقق مصالحه ومآربه ويرحل لأن الله خلقك لتسير قويا ذو عقل سليم وليس للمشي بالزقاق والجلوس في الزوايا والتصفيق والتطبيل للآخرين والعيش في الظل, أنت من ستحدد نظرة الناس لك ، من خلال ردة فعلك في المواقف, وطريقة كلامك، والاهتمام بمظهرك الخارجي، وتثقيف نفسك بالاطلاع الدائم على كل ما هو جديد, لا تقلق من الأخطاء والعثرات، والإخفاقات, وتذكر بأنه لا يوجد انسان كامل, فمن لا يخطئ لا يشعر بقيمة تطوره، الأخطاء والتجارب تكسبك اللقاح الكافي لخوض الحياة فتصبح أكثر حكمه ونضجا, وتحلَّ بالفضائل، وتخلَّ عن الرذائل، ولا تقل ضاع الأمل لان الحياة جولات ستتعلم من كل جولة, فمهما طال الليل والطريق ستشرق شمس الانتصار كن مقاتلا شرسا ضد اليأس فجرعة من الحياة تستحق النضال من أجلها فقط كُن أنت ولا تكن نسخة من غيرك, لذا لا تقبل أن تحيا على هامش الحياة ,وكن بلسماً إن صار دهرك أرقما.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here