كورونا الخبيث يبقى يدق الابواب!

محمد عبد الرحمن

حذرت وزارة الصحة العراقية في بيان اصدرته الجمعة الماضية من التهاون في إجراءات الوقاية من فيروس كورونا، مذكّرة بما يسجل الان من ارتفاعات مقلقة في عدد الإصابات والوفيات حول العالم .
وجاء هذا التحذير في وقت لا تزال فيه الاعداد المعلنة رسميا للإصابات مرتفعة، ويقول البعض ان الارقام الحقيقية اكبر بكثير مما تعلنه الوزارة، ذلك ان المواطنين ما عادوا يراجعون المؤسسات الصحية، ولا يجرون الفحوصات المطلوبة في المراكز المعتمدة والمعلنة، وهذا في جميع الأحوال أمر معقد وشائك، يرتبط عموما بوضع القطاع الصحي في بلدنا ومدى ثقة المواطن من تلقيه العناية والرعاية والتشخيص السليم عند مراجعته المؤسسات الصحية. والمعطيات المتوفرة تقول انه لا يراجعها اليوم الا من تقطعت به السبل، ولم يعد يجد سبيلا الى العلاج لدى القطاع الخاص سواء في بغداد او أربيل او الأردن والهند وتركيا وايران وغيرها.
واشارت الوزارة الى ظواهر التزاحم وعدم التباعد الاجتماعي، والاستمرار في إقامة حفلات الاعراس ومراسيم العزاء بتجمعات بشرية كثيفة ، ومثلها ما يحصل في المناسبات الدينية.
كما ان من اللافت عموما شيوع العزوف عن ارتداء الكمامة، في وقت يقول فيه العالم انها “اللقاح” الناجح الوحيد المتوفر حاليا.
من جانب آخر لاحظت الوزارة ان من أصيبوا وتعافوا يضربون بعرض الحائط كل ما يتوجب عليهم القيام به من إجراءات وقائية ، وكأن شفاءهم ابدي، فيما لا دليل علميا قاطعا على ذلك حتى الان، رغم وجود دراسات متفائلة تقول ان المناعة قد تمتد اشهرا وربما سنين.
من ياترى يتحمل مسؤولية استمرار هذه الإصابات بمعدلات عالية، كذلك حالات الوفاة، مع عدم التقليل من شأن حالات الشفاء المتزايدة أيضا ؟
ثم ان ما يذكر من ملاحظات محقة لا يقلل على الاطلاق من الجهد المضني الذي يبذله “الجيش الأبيض” في ظروف صعبة، تتضمن التهديد والقتل والفصل العشائري، فضلا عن عدم توفير المقومات الكافية لإداء المهام والوقاية والدعم المطلوب، بما فيه انتظام صرف الرواتب وتكريم المبدعين والمتفانين في عملهم.
والظاهر من جانب آخر ان كورونا ينتعش في الأجواء الباردة، وها نحن نقترب من الشتاء – الفصل المناسب جدا لانتشاره وسائر الفيروسات – بما فيها المسببة للانفلونزا العادية.
ويخطئ من يظن ان الاسهل هو الإصابة بالمرض، واكتساب المناعة التي تعطيه الكارت الأخضر الى الاختلاط وعدم التقيد بإجراءات الوقاية. ففِي ذلك جهل كبير بحقيقة هذا الفيروس التي لم تستقر على حال، وبما يمكن ان يخلف في جسم الانسان حتى بعد التعافي منه ، كما تشير الى ذلك دراسات طبية موثوقة.
ويعد تصرف هذا البعض استهتارا بحياة الناس الاخرين، خاصة من كبار السن المصابين بأمراض مزمنة .
وان على وزارة الصحة ليس فقط إصدار بيان تحذيري، بل كذلك وضع اجراءاتها مع الجهات الأخرى الحكومية، موضع التطبيق الفعلي والعملي. ولن يحصل هذا بالطبع من دون دعم واسناد جهات عدة، فِي مقدمتها المواطن نفسه، الذي يتوجب ان يتصرف بمسؤولية إزاء وباء كارثي غير معروف جيدا بعد، ولا يتوفر حتى الان العلاج الواقي منه، رغم ما يعلن من نجاحات هنا وهناك.
ان كورونا في اوج ذروته اليوم، فلنتقِ شره وغدره.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة “طريق الشعب” ص2
الاثنين 23/ 11/ 2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here