عرب.. ودستويفسكي !

عرب.. ودستويفسكي !
بقلم مهدي قاسم

توجد عشرات منابر و صفحات تواصل اجتماعي خاصة بالروائي الروسي المعروف دستويفسكي، وهي تروّج لرواياته بحماس شديد ، وفي أحيان أخرى تنسب له أقوالا ‘إما ملفقة بالأساس أو منقولة خطأ عن كتاب آخرين و نادر ما يذكر أحدهم مصدر تلك الأقوال ومن أية رواية أو صفحة كم .، بطبيعة الحال أنه لأمر حسن و جيد هذا الاهتمام الواسع بروايات دستويفسكي والترويج لها ، غير أن التركيز عليها فقط و بشكل حصري يكاد أن يكون إجحافا وغبنا بحق روائيين روس كبار لا يقّلون عظمة و شموخا أبداعيين عن دستويفسكي من أمثال بوشكين ، نقولاي غوغول ، تورجنيف ، ليرمنتوف ،ليف تولستوي ، تشيخوف ، مكسيم غوركي ، بونين ،ليونيد آندرييف ،نابوكوف ، شولخوف ،ميخائيل بولغاكوف ،فضلا عن عشرات كتّاب وروائيين يُحسبون ــ فيما بعد ــ على العصر الادب السوفيتي أوأدب الواقعية اللاشتراكية..
و لا شك أن الاستغراق في قراءة أعمال دستويفسكي قراءة معمقة تُعد ذات منفعة تثقيفية مهمةو قيَّمة و ذات أبعاد متعددة و ذلك لما لدستويفسكي من قدرة فذة و بارعة في التوغل إلى أعماق النفس البشرية ثم الخروج ــ كصياد ماهر ــ بكل ترسباتها الشريرة الشائكة والمعقدة والمعذبة والمتقلبة و كذلك بألقها الإنساني الدافيء و النقي مع نبالة رفيعة واستثنائية غير متوقعة ، إلى السطح لعرضها في الهواء الطلق كما هي عارية سافرة بدون أيرتوش أو خدوش ، لكون دستيوفسكي ــ و كما هو معروف عنه ــ يجمع في شخص واحد و على حد سواء : عالم النفس والاجتماع والمصلح الاجتماعي و جراح النفس ،والمثقف القاتل ، والمؤمن المتزمت ، و الملحد الفلسفي ، والسلافي المتجذر ، و الداعية الديني ، والمتهكم من الليبرالية السافرة، والاشتراكي والمتعاطف مع الفقراء ، والمؤمن بأهمية النخبة الارستوقراطية في الحكم وإدارة البلاد والساخر منها أيضا ..
غير أن البقاء عند اعمال دستويفسكي فقط ، دون غيره ، و خاصة عدم التنوع و الإثراء الروحي في قراءة أعمال باقي الروائيين والكّتاب الروس لربما ستؤدي إلى فقدان حقول زاخرة جميلةوممتعة من عوالم مدهشة ومذهلة لهؤلاء الروائيين والكّتاب الكبار ..
دون أن ننسى نذكر إن دستويفسكي هو القائل :
ـــ نحن سقطنا من معطف جوجول ــ الروائي و صاحب رواية ” النفوس الميتة و المعطف الأنف و المفتش العام و غيرها و غيرها ــ الآنف الذكر ,,
فضلا عن الإعجاب الكبير والدئم الذي كان يكنه دستويفسكي لبوشكين ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here