من قتل محسن فخري زاده ؟

في هذا اليوم المصادف 27 من شهر نوفمبر سنة 2020 قُتل رئيس البرنامج النووي الإيراني ، وصدحت الأبواق وذهب ظن الخائبين للقول بأن إسرائيل هي من فعلت ذلك ، والحق ان هذه مزحة كبيرة شأنها شأن كل المزحات والكذبات التي تنطلي على أهل القلوب البسيطة ، إنها كذبة نيسان في زمن نوفمبر ، وتعلمون أيها السادة إن إيران تحاول الهروب إلى الأمام من المستنقع التي وضعت نفسها فيه أو وضعت هي فيه ، ومن أجل هذا لا تتردد في فعل كل شيء من أجل أن لا يفعلها ترامب ويقوم بتدمير كل المحطات والقواعد ومنظومات الصواريخ والمراكز البحثية ، وهو جاد هذه المرة في ذلك وليس بالهازل ، ومن وشاية خليجية أكتشفت إنها ستتعرض لضربة لن تبقي لها ولن تذر سينفذها ترامب وقبل أن يرحل من البيت الأبيض ، فإن هناك ما يلح عليه بان يقوم بما يجب عليه فعله .

ولهذا تحركت قبل الآوان حاملات الطائرات وأرست قواعد لها في المنطقة ، وقامت الأقمار الصناعية بتصوير وإلتقاط كل شاردة وواردة في إيران من أقصاها إلى أقصاها ، ولأنه مكلف فإن ترامب سيفعل ماهو مطلوب منه بالضبط ، ولهذا كانت حاملات القنابل الأستراتيجية قد حطت قريباً من الشواطي الإيرانية ، ولم يبق سوى التنفيذ الذي بدى إنه سيكون قريباً جداً .

وهناك شبه إتفاق أو توافق إتفاق داخلي أمريكي على التنازل عن العرش شريطة ان تكون الضربة هي الفيصل بين عهدين ، ثم يواصل بعد ذلك بايدن المسير على نحو تكون إيران فيه تلفظ أنفاسها ، ومن هنا كان على الفاعل الإيراني القيام بشيء ملموس ، من أجل بعثرت الأوراق وإعطاء ضمان وصك تنازل عن البرنامج المثير للجدل ، فأعطى الضوء ليكون كبش الفداء – محسن فخري زاده – ، الذي وقع ضحية كما وقع من كان قبله قاسم سليماني ، أكباش فداء مدفوعة الثمن .

يقول أحد حراس الثورة الإيرانية النافذين يصح دائماً أن نقدم جنود من أجل حماية الأمة الإيرانية ، كما يصح أن لا نكون مثل الرؤساء العرب فما يلزم نفعله من أجل المصلحة القومية الإيرانية الكبرى ، وهذا القائد الإيراني من داخل المؤوسسة وليس من خارجها وهي التي تنظم عمليات القتل والإغتيال ، وهو الذي كان وراء مقتل القيادي في منظمة القاعدة في طهران في تموز الماضي .

إيران إذن هي من قتلت كبير منفذي البرنامج النووي ، قتلته بعنوان العربون وأبداء حُسن النوايا ، لكي يطمئن بايدن الرئيس المنتخب مما يسهل عليه عملية العودة إلى التوافق حول برنامج إيران وليس الإتفاق كما يترجمه العرب .

إيران هي المسؤولة عن قتل هذا العالم النووي ، لكي تُخلي ذمتها وتخفف عليها أعباء ضربة مميتة ، وهذا العمل من الناحية السياسية مقبول جداً ، ولكم أن تتذكروا كيف أطلقت إيران سراح الدبلوماسيين الأمريكيين المحتجزين في طهران سنة 1979 م ، مع أنهم كانوا جواسيس كما تقول روايتهم ، لكنها وباتفاق وفعل سري مع ريغان الرئيس الأمريكي الذي تعهد بقلب نظام الحكم وتدمير إيران .

إيران لها سابقة بل سوابق في هذا العمل ، فلا أحد يظن أن من فعلها غيرهم على ظن بائس إن عملاء الموساد هم من فعلوا ذلك ، وهنا نسأل كيف يتم هذا في بلد يقول أن أعينه مفتوحة جداً ؟ ثم أن نتنياهو قد ذكر أسم الرجل قبل سنتين بالأسم والصفة والعنوان ، فلماذا لم يوضع تحت رعاية وحماية خاصة ؟ ، ولقد كانت هناك ثمة سوابق في قتل علماء نوويين في طهران وأصفهان ، إذن ليس من السهولة بمكان أن نقبل الرواية الساذجة والتي تتهم عملاء الموساد على فعل ذلك ، ليس لإستحالة ذلك بل لأن المصلحة وفي ظل هذه الظروف والأيام هي التي ترجح نوعية الفاعل وهدفه ، تحاول إيران أن تضرب عصافير شتى بحجر واحد ، هكذا هي سياسة إيران منذ نشأة الثورة الإيرانية وإلى يومنا هذا ، وستستمر على ذلك طالما إنها تفسر ذلك من اجل المصلحة القومية والإسلامية ..

يوسي شيخو

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here