متظاهرو الناصرية يتوقعون تصاعد الاحتجاجات: الحبوبي عنيدة ولن ترضخ

بغداد/ تميم الحسن

بنشوة الانتصار عاد المتظاهرون الى الحبوبي، مركز مدينة الناصرية، فيما يحيط بهم ركام الليلة الماضية حيث حاول مسلحون يعتقد انهم تابعون للتيار الصدري بإبعاد المحتجين عن الساحة واحرقوا عددا من الخيام، كما أسفرت اشتباكات مع تلك الجهات عن وقوع نحو 100 بين شهيد وجريح.

ونفت كتلة سائرون التابعة للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر تورط الاخيرة بالحادث، واتهمت جهات وصفتها بـ”المندسة” في حادثة ساحة الحبوبي، فيما كانت صفحة تابعة للصدر قد دعت المتظاهرين في خضم الاشتباكات الى “تنظيف” الساحة و”اعادة هيبة الدولة”.

ووجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الجمعة، بفتح تحقيق في احداث “الحبوبي”، فيما أمر بإقالة قائد شرطة محافظة ذي قار والغاء اجازات حمل السلاح.

بدوره، سخر مصطفى الناصري، وهو ناشط من ذي قار من تلك الاجراءات. وقال في اتصال مع (المدى)، امس، ان “التيار الصدري لا ينتظر اجازة للحصول على سلاح”.

ويتهم الناصري وعدد من المتظاهرين في الناصرية، التيار الصدري بمهاجمة ساحة الحبوبي (الساحة المركزية للتظاهر في ذي قار)، فيما يؤكد بانها “ليست الحادثة الاولى”.

وأظهرت مقاطع فيديو تداولها ناشطون، قيام من قالوا إنهم أتباع التيار الصدري بمهاجمة المتظاهرين في ساحة الحبوبي بالرصاص الحي، والعصي والهراوات والسلاح الأبيض والحجارة، وإحراق خيم المتظاهرين.

وقال مصطفى الناصري: “للمرة الثانية يحاول التيار الصدري فض الاعتصامات للسيطرة على الساحة، لكنه يفشل”.

في ذكرى المجزرتين

وعاد المتظاهرون الى الساحة ونصبوا الخيام، في صباح اليوم التالي للاشتباكات التي اسفرت عن استشهاد نحو 7 اشخاص، وهي حصيلة قابلة للزيادة حيث ان المصابين البالغ عددهم نحو 90 فردا، بعضهم في حالة حرجة.

وتزامنت الاحداث مع “مجزرتين” جرتا في اليوم نفسه من العام الماضي، في الناصرية والنجف اسفرتا عن استشهاد واصابة نحو 60 شخصا في المدينتين.

واقيل على اثر الهجوم رئيس خلية الازمة في ذي قار آنذاك جميل الشمري، الذي لايزال مصيره مجهولا على الرغم من اعلان الحكومة اعتقاله في ايلول الماضي، في مطار بغداد اثناء محاولة سفره الى تركيا.

وقال يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، في بيان إن “رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، اصدر قرارًا باقالة قائد الشرطة في محافظة ذي قار وتشكيل لجنة للتحقيق في احداث اليوم التي جرت في المحافظة، وإعلان حظر التجوال فيها، فضلا عن الغاء إجازات حمل السلاح، لمنع المزيد من التداعيات التي تضر السلم الاهلي في العراق”.

وكانت الحكومة والبرلمان قد شكلا اكثر من 30 لجنة تحقيقية حول حوادث قتل فردية وهجمات على ساحات التظاهرات منذ انطلاق الاحتجاجات قبل اكثر من عام، فيما لم تحدد اي من تلك اللجان هوية الفاعلين بشكل واضح.

واكد الكاظمي، بحسب البيان أن “توتير الاوضاع في العراق ليس في مصلحة البلد وان لا بديل عن القانون والنظام والعدل ومن ضمن ذلك العدل تجاه الدماء التي اريقت في احداث اليوم”.

وأشار إلى أن “الحكومة العراقية التزمت بتعهداتها وحددت موعدًا للانتخابات ليكون صندوق الاقتراع هو الفيصل الوحيد لتحديد المواقف، وان بديل هذا الصندوق هي الفوضى التي لا يقبلها دين ولا مبدأ ولا منطلق وطني”.

ودعا الكاظمي، “المواطنين الى الالتزام بالتعليمات الحكومية لصون الدم العراقي الزكي وقطع الطريق على من يريد بهذا البلد واهله الشر”.

الناصرية مخترقة !

وجرى حادث الناصرية الاخير، عقب ساعات فقط من انتهاء تظاهرة في بغداد، تأييدا لدعوة أطلقتها لجنة الاحتجاجات التابعة للتيار الصدري، الذي قرر خوض الانتخابات في حزيران المقبل، بعد عدوله عن قرار سابق بعدم المشاركة فيها.

وقال بدر الزيادي النائب عن سائرون التابعة للتيار ان “جمهور الصدر منظم وتظاهر وانسحب بمواعيد ثابتة، لكن الناصرية مخترقة من عدة جهات”.

ويرى الصدر أن تياره يسعى للفوز في هذه الانتخابات بما يمكنه من رئاسة الحكومة المقبلة. ودعا الصدر -في كلمة ألقاها نيابة عنه في ساحة التحرير الشيخ خضير الأنصاري- أتباعه إلى إنقاذ أنفسهم من خلال تأييد ما وصفه بنداء الإصلاح الأخير لإنقاذ العملية السياسية. وقال الصدر إن هذا الأمر سيتحقق من خلال تحقيق أغلبية برلمانية لتيار الصدر مؤمنة بالإصلاح.

ونفى الزيادي في اتصال مع (المدى) امس، “مسؤولية التيار الصدري عن العنف الذي جرى في الحبوبي”. واضاف: “مندسون هم من اوقعوا بين الطرفين ولدينا شهيد من سرايا السلام في الساحة، ورغم ذلك قررنا الانسحاب”. وشهدت الساحة في صباح اليوم التالي للحادث، اشتباكات متقطعة بين القوات الامنية التي حاولت فتح الساحة وازالة الركام، وبين المتظاهرين الذي عادوا في النهاية الى الساحة. ويؤكد الزيادي وهو عضو لجنة الامن في البرلمان ان “بعض الجهات الاقليمية تخترق الناصرية وتحرض الشباب العاطل، ولذلك هي الاكثر عنفا عن بقية المحافظات”.

وفي نفس توقيت الهجوم على الحبوبي من قبل الجماعات المسلحة، كانت قوة أمنية قد اقتحمت ساحة الاحتجاج في الكوت (مركز محافظة واسط)، فيما اصيب شخص واحد على الاقل، بعد ان قام بحرق نفسه احتجاجا على فض الاعتصام، وتم انقاذه بعد وصوله الى المستشفى.

وكانت دعوات “صالح محمد العراقي”، الذي اتهم بعد حادثة الحبوبي “الجوكرية” بالهجوم، قد اشارت الى “تنظيف” الساحات من “الفاسدين”، واستمرت تلك الدعوات حتى في اللحظات التي كانت تسقط فيها الضحايا.

الصدر يهدد

امس قال صالح العراقي في بيان مختلف عن دعوات ليلة الجمعة، إن “(الجوكرية) في الناصرية الفيحاء أبوا إلا التعامل مع الوضع وفق أجندات خارجية مشبوهة (…) انتهت افعالهم السيئة من قطع الطرق والحرق والصلب في تلك المحافظة”. والعراقي هو شخصية مقربة من الصدر تنطق عن لسان الاخير. واضاف في بيانه ان “اليوم إذ يعودون للتظاهر لسويعات فهذا من حقهم لكن من دون التعدي على الشعب والدولة والشرع والقانون، وإلا فالدولة ملزمة بحماية المحافظة”، ثم يقول مهددا: “وان لم تستطع فإن للعراق جنوده”. ‎وتمنى العراقي من المتظاهرين “التشرينيين” عدم الانجرار خلف شهوات (الجوكرية)، متابعًا “فنحن والتشرينيون في خانة الاصلاح ماداموا لا يدعمون الشغب والاعمال الارهابية”.

وكان مقتدى الصدر، قد استفز المتظاهرين، حيث قال في تغريدة تزامنت مع حادثة اقتحام الحبوبي، إن “تظاهرات الجمعة أثبتت أن العراق عراق المرجعية، وعراق الصدرين، وعراق لا يتحكم به من خلف الحدود ولا يتحكم به ثلة من الفاسدين او المنحرفين”.

واضاف ان الامل يعتريه بأن تكون الانتخابات القادمة “بيد الصالحين ليخلصوا العراق من كل المسيئين من الداخل والخارج”.

ودعا بدر الزيادي النائب عن التيار الصدري، الجميع الى الهدوء والحفاظ على استقرار العراق “لاجل الوصول الى الانتخابات المبكرة”.

وفي غضون ذلك اعتبر الناشط مصطفى الناصري ان ماجرى في الحبوبي “لن يمر بدون رد من المتظاهرين عبر تصعيد الاحتجاجات”، متوقعا بالمقابل “تصعيد الصدريين هجماتهم على الجبوبي، لانها الوحيدة التي مازالت صامدة ولم تسلم”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here