موازنة 2021 باتت شبه جاهزة ولكنها تخلو من تفاصيل حصة الإقليم

بغداد/ محمد صباح

أنهت وزارة المالية إعداد مسودة مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2021، وأحالتها إلى المجلس الوزاري للاقتصاد لمناقشته ومراجعته، قبل عرضه في اجتماع مجلس الوزراء المرتقب يوم غد (الثلاثاء)، دون ذكر البنود والفقرات المتعلقة بتحديد حصة إقليم كردستان، وعملية تصدير نفطه.

وتنتظر حكومة مصطفى الكاظمي وصول وفد كردي إلى بغداد الأسبوع الحالي أو المقبل للاتفاق على تحديد نسبة الإقليم، وتنظيم عملية تصدير النفط لتضمينهما في مسودة مشروع قانون الموازنة قبل إرساله إلى مجلس النواب الذي سينظم مفاوضات بين الطرفين لتقريب وجهات النظر. ويكشف ماهر حماد جوعان الوكيل الفني لوزارة التخطيط في تصريح لـ(المدى) عن أن مناقشات وزارتي المالية والتخطيط بشأن مسودة مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2021، “وصلت إلى مراحلها النهائية”، متوقعا إحالة مشروع الموازنة إلى المجلس الوزاري للاقتصاد “خلال الساعات القليلة المقبلة لمراجعته قبل عرضه على مجلس الوزراء منتصف الأسبوع الجاري”.

ويوضح جوعان أن “مسألة عرض مسودة مشروع الموازنة الاتحادية في اجتماع مجلس الوزراء غدا (الثلاثاء) يعتمد على النقاشات والمراجعة التي سينفذها المجلس الوزاري للاقتصاد”، مبديا تحفظه على ذكر حجم الموازنة وعجزها واحتساب سعر بيع النفط وكل الأرقام المذكورة في مسودة المشروع.

ويتوقع خبراء في المال أن توجه موازنة العام 2021 تحديات تؤخر إقرارها في مجلس النواب في مقدمتها تحديد نسبة حصة إقليم كردستان في الموازنة، وإمكانية تنظيم عملية تسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية للمركز.

الحكومة تنتظر

ويرد الوكيل الفني لوزارة التخطيط على تلك المخاوف بالقول انه “من الضروري مجيء وفد كردي إلى بغداد خلال الأسبوع الجاري لحسم المشكلات النفطية العالقة بين الطرفين من اجل تضمين الاتفاق في مسودة مشروع قانون الموازنة”، مؤكدا على أن “الموازنة لم تتطرق حتى اللحظة إلى أي نص أو كتابة واضحة تشير إلى حصة الإقليم”. وتوصلت بغداد واربيل في منتصف شهر آب الماضي، إلى اتفاق يقضي بإرسال الحكومة الاتحادية 320 مليار دينار شهريًا إلى حكومة إقليم كردستان لحين التصويت على مشروع قانون الموازنة الاتحادية في مجلس النواب، ولمدة ثلاثة أشهر مع توحيد الإجراءات في المنافذ الحدودية.. لكن الاتفاق لم يطبق بالكامل.

ويؤكد الوكيل على أن الوفد الكردستاني “الذي يصل بغداد قريبا سيتفق مع الحكومة الاتحادية على أدق التفاصيل لتضمينها في قانون الموازنة”، منوها إلى أن “الوقت بدأ يداهمنا خصوصا ان البرلمان طالب الحكومة بإرسال الموازنة في أسرع وقت”.

اتفاق حكومي وبرلماني

ويضيف المسؤول الحكومي أن “الحكومة حريصة على اخذ رأي الجهات البرلمانية المعنية بقانون الموازنة لتسهيل عملية تمريره في جلسات البرلمان”، مضيفا أن المشاورات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ستكون حاضرة قريبا.

وقبل حوالي عشرة أيام وجهت اللجنة المالية النيابية كتابا مستعجلا إلى الحكومة تطالبها بالإسراع في انجاز مسودة قانون الموازنة الاتحادية وإرسالها إلى مجلس النواب لمناقشتها ومراجعتها قبل تشريعها.

وكان مظهر محمد صالح المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء توقع في تصريحات سابقة لـ(المدى) وصول قانون الموازنة الاتحادية لعام 2021 إلى مجلس النواب قبل نهاية الشهر الحالي او بداية الشهر المقبل مؤكدا على أنها ستكون “تقشفية” ومقتصرة على تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية.

البرلمان يعرقل الحلول

من جانبه يشير شوان محمد طه مسؤول الفرع الخامس للحزب الديمقراطي الكردستاني أن “حكومة الإقليم كانت ومنذ البداية جادة في شأن تصفير الخلافات عبر التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الاتحادية “، مستدركا لكن “الإشكالية تدور حول بعض الأمور السياسية التي أثرت وتؤثر على طبيعة الحوارات والمفاوضات”. ويضيف طه أن “المفاوضات والمباحثات بين حكومة الكاظمي وإقليم كردستان بدأت منذ ستة أشهر ومازالت مستمرة لحلحلة القضايا العالقة”، معتبرا أن الدستور والقانون هو الفيصل لإيجاد الحل المناسب لكل الخلافات بين الطرفين. واعتبر أن مجلس النواب أصبح جزءا من المشكلة من خلال تبنيه لمواقف سياسية مناهضة للإقليم.

وأقر مجلس النواب في 12 تشرين الثاني الجاري قانون تمويل العجز المالي رغم انسحاب نواب الكتل الكردستانية من الجلسة بعدما ابدت اعتراضا على المادة التي حددت حصة اربيل والتي اشترطت تسديد أقيام النفط المصدر من الإقليم وبالكميات التي تحددها شركة تسويق النفط العراقية سومو حصرًا والإيرادات غير النفطية الاتحادية وفي حالة عدم التزام الإقليم لا يجوز تسديد النفقات للإقليم ويتحمل المخالف لهذا النص المسؤولية القانونية.

وفسرت قوى كردستانية وسياسية متعددة تمرير هذا القانون من قبل مجلس النواب بهذه الآلية على انه نهاية للاتفاق الذي عقد في شهر آب الماضي بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية.

وفد كردي في بغداد

ويؤكد مسؤول الحزب الديمقراطي في بغداد على أن ما تحدث داخل مجلس النواب هي “مواقف سياسية وليست فنية” متوقعا وصول وفد من إقليم كردستان إلى بغداد الاسبوع المقبل لبحث كل الملفات العالقة بين الطرفين. وكانت مصادر موثوقة كشفت لـ(المدى) الأسبوع قبل الماضي عن أن وفد حكومة إقليم كردستان سيكون في بغداد منتصف الأسبوع (الماضي)، وأن زيارته مرتبطة بمناقشة حصة الإقليم في موازنة 2021، إضافة إلى ما أعلن عن مناقشة الملفات العالقة. ويؤكد المسؤول الحزبي أن “الوفد الكردستاني سيناقش حصة الإقليم من الموازنة وفق مبدأ المحافظة على الحقوق والواجبات لكل من الطرفين عبر الاعتماد على الدستور والقانون لتجاوز هذه الأزمة”، معبرا عن اسفه من استخدام بعض الأطراف السياسية للبرلمان “في محاولة تسقيط الآخر”.

وتريد بغداد من أربيل تسليم إيرادات نفط الإقليم والمنافذ الحدودية إلى الحكومة الاتحادية مقابل صرف رواتب موظفي كردستان، لكن المسؤولين في سلطة الإقليم يرون أن الأزمة مع بغداد لن تحل حتى إذا تم تسليمها إيرادات النفط الكردستاني.

الإقليم يحذر

ويعلق شوان طه على أن “تحديد النسب والحصص النفطية أمور فنية تحددها طبيعة المشاورات القائمة بين الأطراف” محذرا من ان “التدخلات السياسية قد تعرقل وتعيق كل المحاولات الرامية إلى تسوية الخلافات”.

وعن تشكيل لجنة برلمانية للحوار بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية يرى القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني أن “أية جهود تهدف إلى حلحلة المشاكل مرحب بها، لكن كان الأجدر بمجلس النواب عدم التدخل في الأمور الفنية البحتة بين الحكومتين الاتحادية، وإقليم كردستان”.

البرلمان يتدخل

من جهته يؤكد حسن شويرد عضو اللجنة النيابية المكلف بالحوار مع اربيل وبغداد أن “المهام الرئيسة للجنة النيابية المؤقتة هي العمل على عودة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى جلسات مجلس النواب عن طريق التفاهم وبواقعية لمعالجة مشاكل الموازنة الاتحادية”.

ويضيف شويرد في تصريح لـ(المدى) أن “لجنتنا تسعى إلى تقريب وجهات النظر بين الطرفين استنادا إلى مبادئ الدستور مع المحافظة على الحقوق والواجبات”، لافتا إلى أن أعضاء لجنته سيجتمعون في “اليومين المقبلين لإقرار جدول أعمال اجتماعاتها وتحركاتها القادمة التي ستكون مع كل الأطراف”. وتتألف اللجنة النيابية المؤقتة من كل من النواب محمد شياع السوداني، وحسن خضير شويرد، وفيصل العيساوي، ومحمد صاحب الدراجي، وهشام السهيل، وعدنان الزرفي، ومزاحم التميمي، وعبود وحيد العيساوي.

ويتابع النائب عن كتلة ائتلاف الوطنية “إننا نحاول حل الخلافات قبل وصول مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2021 الى مجلس النواب من اجل تسهيل عملية تمريرها”، منوها إلى أن “اللجنة النيابية ستجري لقاءات وحوارات مع قادة الكتل الكردستانية في بغداد”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here