خنفساء الروث هذا الكادح والبستاني العظيم ! معمّر الأرض و محيي الغابات ازدهارا ورونقا ! :
بقلم مهدي قاسم
وهي تبذل جهدا جبارا لتجمع روث الأفيال و الوعول و الغزلان و الأبقار
و الجواميس البرية .. ذلك الروث ” المعطاء ” والمليء بحبوب فواكه مختلفة تأكل ثمارها حيوانات الغابة وتلقيها بذرة حية ومخصبة.. في حين هي تجمع الروث على شكل كرة و تدحرجها عبر مسافات طويلة ، بمشقة كبيرة ، و عبر عراقيل و محاولات فاشلة عديدة لتصل إلى هدفها المنشود حتى تدفنها تحت الأرض لتحقيق مهمتين في آن : تفقيس بيضاتها و من خلال ذلك تخصيب البذور ، حيث تزدهر وتنمو التربة الخصبة في الفصل المناسب لتعمّر الأرض وهي ترتدي حلة شديدة الخضرة من جديد ..
و هكذا نرى خنفساء الروث تعمّر و تخضر الأرض بجهيد جهيد ومجيد !، في مقابل ذلك يوجد بشر جشعون يجتثون الغابات والحقول بهدف حصول على مال كثير و ربح كبير ، بل ويسممون البحار و الأنهار والينابيع لتحقيق نفس الغاية الأنانية !! ..
و يا للفارق الكبير بين هدف الخنفساء و بين هدف بعض البشر من نفوس تعبانة وخربانة جشعا وأنانية..
و قبل أن يعبر أحدهم عن ” اشمئزازه و قرفه ” من هذا الروث نود أن نخبره أنه في بعض القرى والأرياف العراقية والعربية يستخدم بعض الناس هذا الروث وقودا للنار في عمليات الطبخ بل و حتى في التدفئة أيضا في صقيع الشتاء و كذلك في التنور ــفي حالة عدم وجود حطب ــ لصنع أرغفة خبز ساخنة و شهية ..
أما مناسبة كتابة هذه السطور ، فقد كنتُ أتجول قبل أيام في إحدى الغابات القريبة من بودابست تكثر فيها وعول وغزلان فرأيت خنفساء روث من هذا القبيل فتأملتها فترة معجبا بجهدها و إصرارها ، فحييتها قائلا
ــ أهلا بالكادح المنسي وشكرا للجهود المبذول !.. فلولاكم لربما كنا قد حُرمنا من رؤية هذه الغابات الجميلة و العملاقة التي من خلال رئة اخضرارها وعذوبة هوائها النقي تمنحنا تأملا روحيا وراحة نفسية تمتص توترنا و ضيقنا و ضجرنا وحتى تعبنا وتحيله إلى مسرة جذلة و مع وحدة آسرة ! ..