5 محافظات تغلق المخيمات.. والمسؤولون يختلفون حول طرد النازحين

بغداد/ تميم الحسن

ليس الفقر والتشرد هو التهديد الوحيد الذي قد يواجه النازحين العائدين في احدث موجة لإغلاق مخيمات الايواء، وانما خطر القتل هو الاعلى تقديرًا.

وطالت عمليات اغلاق المخيمات “غير الاختيارية” بحسب وصف مسؤولين، 3 محافظات حتى الان، وتوعدت وزارة الهجرة محافظتين جديدتين قريبا.

وتتصاعد احتمالات العنف في مناطق مازالت ترفض استقبال شرائح من النازحين يندرجون تحت مسمى “عوائل داعش”.

بالمقابل قرار الاغلاق نفد ولا يمكن لاحد ايقافه الا بعض الفصائل المسلحة التي تمنع مدن كاملة من عودة اهلها رغم استعداد الاخيرين الى الرجوع.

وتنوي الحكومة إغلاق جميع مخيمات النازحين التي تضم نحو 100 ألف فرد، قبل موعد الانتخابات البرلمانية التي يفترض أن تجري في صيف 2021.

طوعية أم غير طوعية؟

ويقول جمال شكور، النائب عن كركوك لـ(المدى) ان “العودة غير طوعية ولا يمكن للنازح ان يعترض لان المخيمات ستغلق بكل الاحوال”.

ويوم الثلاثاء أعلنت وزيرة الهجرة ايفان فائق، “انتهاء ملف المخيمات والنازحين في محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين”.

وقالت فائق إنه “في الشهر المقبل ستبدأ خطة إغلاق المخيمات وإعادة النازحين الطوعية في الموصل والأنبار”.

ولم يتضح حتى الان فيما لو كانت السلطات قد وضعت برامج لاعادة تأهيل العائدين او مناطقهم او انها قد نقلت المشكلة من المخيمات الى المدن.

ورغم المشهد الضبابي يقول جمال شكور، انه من المفترض ان الحكومة قامت في السنوات الماضية بترتيب اوضاع العودة “لكن بقاء النازحين في المخيمات حولهم الى لعبة بيد بعض القوى السياسية في فترة الانتخابات”.

وغالبًا ما تعلق القوى السياسية (السُنية تحديدًا) مشاركتها في الانتخابات، بترتيب أوضاع النازحين قبل يوم الاقتراع على الأقل بـ3 أشهر.

وهذه الحملة الاخيرة هي الثالثة التي تنفذ بعد عام 2014 لإنهاء ملف النازحين، بمعدل حملة قبل كل انتخابات مفترضة.

ولا يزال هناك أقل من 1.5 مليون نازح وهي أرقام تتغير بسبب حركة العودة، من ضمنهم سكان المخيمات التي يتجاوز عددها الـ30 مخيمًا.

ويقف الدمار الذي حل في 8 مدن كبيرة (ابرزها الموصل، بيجي، تلعفر) وهي تضم غالبية النازحين، وانعدام الدعم المالي بالإضافة الى التوترات الأمنية والعشائرية، حائلًا دون عودة البقية.

تهديد بالقتل

حسام الدين العبار، مسؤول محلي سابق في نينوى، يقول: “قد يتعرض بعض النازحين العائدين الى القتل، لانهم مرفوضين من بعض المجتمعات بتهمة انتماء اقربائهم الى داعش”.

ومنذ آخر حملة لإغلاق المخيمات (نفذت في عهد الحكومة السابقة) لا تزال هناك نحو 50 عائلة مجهولة المصير قد تعرضت الى الطرد من مناطقها الأصلية في الموصل بسبب وصمة داعش.

وقد يبقى 400 ألف إنسان في العراق ملاحقًا طول عمره بوصمة “عوائل داعش”، إذا لم تجد السلطات حلًا لإعادة اندماج تلك الفئة مع المجتمع.

كذلك لا توجد أي مؤشرات على وجود خطط لكيفية التعامل مع تلك الجماعات التي تضم نحو 50 ألف طفل- على الأقل- بدون وثائق رسمية.

ويضيف العبار في اتصال مع (المدى): “الامر يصبح اكثر تعقيدًا في مناطق غربي نينوى، حيث ما زالت القرى المختلطة بين القوميات والمذاهب تعاني من ازمة ثقة”.

وخلال السنوات الماضية، لم تجر محاولات حقيقية لعقد صلح بين تلك المناطق، كما كانت بعض مؤتمرات التصالح لجمع الاموال، بحسب بعض المصادر.

ويرفض ايزيديون في شمال غرب الموصل، عودة سكان بعض القرى قرب سنجار، حيث يتهمون ابناء تلك المناطق بمعاونة “داعش” قبل 6 سنوات على قتل رجالهم واختطاف نسائهم.

وحذرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” من أن العمليات الجارية لإغلاق مخيمات النازحين في العراق دون إعطاء مهل كافية، تؤدي ببعض سكان هذه المخيمات إلى “التشرد والفقر”.

ويمنح النازحون عدة ساعات فقط لجمع اغراضهم من مراكز الايواء، ومن ضمنها الخيمة التي قد تستخدم كـ”بيت مؤقت” للذين تدمرت منازلهم.

وقالت “هيومن رايتس” امس، إنه “على السلطات إعطاء حرية التنقل لسكان المخيمات التي كانت أحيانا بمثابة سجون في الهواء الطلق (…) ينبغي ألا تُجبِر السلطات سكان المخيمات على الخروج دون أن تكفل أوّلا سبلا بديلة للحصول على المأوى والغذاء والماء والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الأساسية في بيئة تتسم بالأمن والسلامة.

فقر وتشرد

يشير عضو مجلس نينوى (المنحل) حسام الدين العبار الى ان “البيوت المدمرة، وعدم وجود الاعمال، والاعتماد على المخصصات في مراكز الايواء سيكون مشكلة كبيرة امام العائدين، الذين وجدوا انفسهم امام امر واقع”.

وليس كل المرحلين من المخيمات لديهم بيوت. ويقول علي عباس، وهو مدير عام في وزارة الهجرة والمتحدث باسم الوزارة في اتصال مع (المدى) إن “بعضهم سيستأجر منزلًا وقسما آخر سيأخذ خيمته ليضعها في البساتين، خصوصًا بالنسبة للنازحين من أصول قروية”.

ونقلت “هيومن رايتس” في بيانها الاخير عن بلقيس والي، باحثة أولى في شؤون الأزمات والنزاعات في المنظمة إن “إجبار الأشخاص على الخروج من المخيمات التي وفرت لهم الطعام والمأوى والأمن لسنوات، بمهلة أقل من 24 ساعة غالبا، سيزيد من ضعفهم”.

وكانت عمليات التحرير ووجود “داعش” في المحافظات الغربية والشمالية، قد تسبب بتدمير نحو 200 ألف منزل، بحسب إحصائيات حكومية.

ويتشابك المشهد اكثر، حين تتهم بعض العوائل العائدة بانها بدأت فعليا بالعمل كجواسيس لـ”داعش”، وفق ما يقوله نعيم الكعود، وهو مسؤول امني سابق في الانبار.

ويعتبر الكعود في حديث لـ(المدى) ان “حركة مسلحي داعش في الانبار هي بمساعدة عوائلهم التي بدأت بالعودة تدريجيا منذ عامين الى المدن” في موجات اغلاق المخيمات المتعددة.

وقد يتحول ملف النازحين الى حالة مربكة، حين يطالب ممثلون وزعماء عشائر من الحكومة ان تعيد نازحين الى بعض المدن، فيما ترفض فصائل مسلحة!

وتمنع بعض الفصائل سكان نحو 6 مدن في صلاح الدين، يقدر عددهم بـ300 الف، و180 الف آخرين في جنوب بغداد من العودة، لاسباب اغلبها تتعلق بادارة تلك الفصائل لمشاريع اقتصادية في مناطق النازحين.

ويقول نائب سابق طلب عدم نشر اسمه لـ(المدى) انه من الغريب ان يطلب السكان العودة “والحكومة تسكت والفصائل ترفض، بينما تجبر نازحين آخرين على العودة”، مشيرا الى ان “بوصلة العودة بيد الفصائل وليست بيد الحكومة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here