الوجه الاخر لحياة الكورد 

ا . د . قاسم المندلاوي
الكورد منذ قديم الزمان و بطبيعة مناخهم و جغرافية بلادهم حيث الجبال الشاهقة و العملاقة و التضاريس المختلفة و السماء الصافية و الهواء النقي و اللون الاخضر و الاخضرار المكسوء كل مكان  والازهار الملونه و الجميلة و الشلالات و المياه النقية العذبة ووفرتها في كل مكان و البساتين والاشجار المثمرة و الغابات الطبيعية  والمزروعة  والثروة الحيوانية و المعدنية جعل من بلاد كوردستان موطن اقدم الحضارات البشرية  ”  قاسملو عبد الحمن بيروت 1970  ” هناك اهمية  اثرية  وتاريخية  لكوردستان حيث  تعد قرية ” جه رمو ”  الواقعة بين ” جمجمال  و السليمانية  ” هي  اقدم قرية في الشرق الاوسط . بنيت من قبل المزاعين الكورد ،  اما  موقع ” برده يلكه ”  و مغارة  ” هزار ميرد ” في نفس المنطقة وكذلك   مغارة ” شاينده ”  قرب ” راوندوز ” التي اكتشف فيها  اول  هيكل  عظمي  للانسان العصر الحجري في جنوب كوردستان فانها تكشف بان هذه المناطق كانت  اهلة  بالسكان  قبل الاف السنين ، و على  تل  ” نزير ” الذي سمي  ” بيره مكرون ”  هو  مكان  الذي  وجد  فيها  قنطرة  ” جلجامش ” برهان  قانع – ميديا –  بغداد  1978 ” فضلا عن هذه الاماكن الاثرية و التاريخية المهمة و الطبيعة الجميلة جعل منه مصدرا  كبيرا ومهما  للسياحة والاصطياف  واساسا لكثير من الالعاب و الرياضات البدنية و الترويحية ” قاسم المندلاوي – مجلة الثقافة الرياضية – وارشو  1970 ” ، الى جانب  الفولكلور – الرقص الشعبي –  الاصيل والاصوات ” والغناء ”  الجميلة  و الاناشيد الوطنية و الثورية الحماسية ، ان كل هذه العوامل الايجابية اعطى وجها اخرا للكورد و كوردستان ولونا جديدا من الحياة و جعل  من الكورد ان يرغبون و يميلون الى  ممارسة العاب رياضية و ترويحية متنوعة منذ القديم .. فقد زاولوا  المصارعة و المبارزة و الفروسية و رفع الاثقال و تمارين بناء الجسم ” الجمال الجسماني ”  التي  تتطلب مجهودا كبيرا و تحتاج الى قوة بدنية و رشاقة عالية ” قاسم المندلاوي – نفس المصدر السابق ”  فالفروسية و الرماية هما من احدى التقاليد القديمة التي  مارسها الكورد منذ قديم الزمان ، وهذان الفعاليتان دفعتا الكثير من المستشرقين  الرحل الاجانب يطلق على هذا الشعب ” فرسان الشرق  ” باسل  نيكيتين – الاكراد – بغداد  1975  ”  كما اشتهر الكورد في المبارزة  بالسيوف و التي كانت تقام  ايضا في الحفلات  و المناسبات الخاصة وكان الشباب في   الازمنة القديمة  يبارزون في الهواء الطلق .وكانت المبارزة  اكبر مصدر لتنمية قوة عضلية وبناء لياقة بدنية و نفسية عالية ” قاسم المندلاوي – مجلة العلم والحياة –  براغ  1971  ” وهو ما كان يحتاجه الانسان الكوردي في كيفية مجابهة الاعداء من  جانب وحماية نفسه من الحيوانات البرية المفترسة ايضا .. ان طبيعة كوردستان الجبلية ” جبال شاهقة ”  وقساوة مناخها ” طقس قارس – شديدة البرودة – ورياح عاتية  وتحدياتها  المفاجئة  و المختلفة اجبر الكوردي ان يمتلك القدرة  و الصبر والارادة والمعنوية العالية والى ابتكار ادوات واساليب يحتاجها للبقاء وادامة حياته وابتكر ايضا ملابسة من الصوف او جلود الحيوانات لحماية جسمه من البرد ومن الحيوانات المفترسه و لمجابهة تلك العوامل المختلفة ” محمد المندلاوي – صوت كوردستان – 2020 ”  ونظرا لوجود  انواع  عديده من الحيوانات  والطيور في كوردستان  فان الكورد قد احبوا  الصيد  واستعملوا الرماح و السهام في صيد تلك  الحيوانات و الطيور ، كما استخدموا ” الحصن السريعة ” في الفروسية  لمطاردة الحيوانات البرية  و بمساعدة الكلاب لملاحقة  تلك الحيوانات والامساك بها  ” دياكونوف – ميديا – دمشق   1978  ” و اشتهروا ايضا  بصيد الغزلان و الاسود  والنمور البرية وغيرها  ” اواز زه نكه نه  – بغداد 1975  ”  و بما ان  رياضة الصيد تحتاج الى لياقة بدنية عالية لذا كان الشباب يذهبون الى الطبيعة والمناطق الجبلية و بملابسه خاصه  ، لممارسة بعض التمارين و الحركات مثل الانبطاح على الارض و الزحف لمسافات وحركات الجلوس و القيام و الهروله و تسلق  الجبال  بهدف اكتساب القوة واللياقة من اجل  السيطرة على الصيد  ” نفس المصدر السابق  ” وبما ان التركيب الديمغرافي للكورد يتكون  من قبائل  وعشائر  مختلفة  وعادات و تقاليد  ولهجات متنوعة  لدى كل عشيرة عن الاخر ،  لذا كان هدف كل فرد في العشيره رفع اسم عشيرته بارزا  مما كان  يدفعهم الى ممارسة رياضات و العاب مختلفة  ” رحلة ريج  الطبعة الاولى بغداد 2008  ” ،  لقد اهتم الكورد فضلا عن اهتمامهم بالجوانب البدنية و الفنون  القتالية و العسكرية الى العاب التسلية التي يمكن اعتبارها من قبيل الرياضة الذهنية و الترويحية التي كانت تمارس في اوقات الفراغ .. فادخلوا الى المجتمع الكوردستاني  لعبتا ” الشطرنج والنرد ”  وهما هنديتا الاصل ، انتقل في العهد العباسيين الى بغداد ومنها الى كوردستان  اذ تعرف الاخيرة منها باسمها الشعبي المعروف  ” الطاولة ” وان هاتين اللعبتين مازالتا تمارس في مقاهي كوردستان و يمكن القول ان الرياضة لدى الكورد قديما لم تكن معروفا بالمفهوم الحديث  اي ” بما هو عليه الان ”  ولكن كانوا  وكما اشرنا انفا يمارسون الالعاب خلال المهرجانات والمناسبات  الرياضية والدينية ويستخدمون العاب وسباقات  ” باستعمال السيوف و السهام ” و الفروسية والمصارعة والملاكمة ورفع الحجار و الاثقال الثقيلة والتي كانت اكثر شيوعا انذاك بهدف الاعداد وتقوية الجسم لمجابهة العوامل الطبيعية و الاعداء ومع تطور المجتمعات البشرية حضاريا ومنها المجتمع  الكوردي  اخذت تمارس تلك الالعاب لقضاء اوقات الفراغ و تسلية روحية و نفسية و ذهنية  فمثلا الرمي بالسهام كانوا يقيمون سباقات بين   الاشخاص ذوي المهارة العالية  في دقة الرمي  و كذلك  ” السيوف ” كانت تقام  منازلات بين الشباب اللاقوياء و البارعين في الاسيوف  و  كانت تجري في الساحات العامة وخاصة بين  الفرسان الذين كانوا يتمتعون  بلياقة عالية في ركوب الخيل  و المسابقة عليها وفي حقبة اخرى من الزمن و تاريخ الكورد مارسوا العاب اخرى باستخدام الخيل كلعبة ”  جيريد ” وهو نوع من تلعيب  الخيل و التمرين على جواد سريع..” ئاكام  1987  ”  . كذلك   لعبة  ” جوكان ”  اي  ” بولو ” وكان القائد صلاح الدين الايوبي يحب ممارستها اثنا قيامه  بالتدريب في دمشق  ” حمه سعيد كريم   بغداد  1980 ” و كانت مصارعة الجواميس ايضا من الالعاب المنتشرة بين الناس و تمارس هذه الاخيرة بين الحيوانات بنفسها عندما يعودون بها مساءا لغطسها في الماء ، وهي تتشابه مع مصارعة الثيران الاسبانية ويذكر الكاتب الكوردي اليزيدي  ” عرب شمو في مؤلفه ” الراعي الكوردي ” لينكراد  1935 ” بان من وسائل اللهو الذي كان يمارسها الرعاة في كوردستان  المصارعة بين الاكباش  القوية  ” و انتشر لدى اطفال وشباب الكورد ايضا تربية الحمام و اللعب معها وعند الكبار ممارسة   لعبة  ” الورق  ” و  لعبة ” الزار” بهدف التسلية الروحية و الفكرية .
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here