السَّـجـين – راينر ماريا ريلكه

السَّـجـين – راينر ماريا ريلكه – ترجمة: بهجت عباس  

جاءت القصيدة كمنلوج سجين معذّب وحيد منزوٍ في زنزانة قديمة لا يعرف نهاره من ليله. وأغلب الظنّ أنّ ريلكه كتبها عن تمثال النحّات الفرنسيّ الكبير رودان (مواطنو كاليه) الذي أكمل صنعه عام 1889 (ويكيبيديا). هذه المدينة (الميناء) الفرنسيّة الواقعة على القنال الإنكليزي كانت تحت حصار إنكليزي مدّة سنة كاملة في القرن الرابع عشر حيث المعارك الدامية بين فرنسا وبريطانيا كانت على قدم وساق. عمل ريلكه سكرتيراً لرودان في أوائل القرن العشرين (1902) وكتب كثيراً من الشعر في التماثيل التي صنعها رودان. 

 القصيدة تتكوّن من مقطعين، الأول منها يصف ريلكه حالة السّجين المنزوي وحيداً في زنزانة ضيقة قديمة البناء لا يرى ما يشغله أو (يُؤنسه) أو يقضي ساعات ضجره سوى هذه القطرات المتساقطة التي ينبض قلبه أثناء تساقطها ويخفت هذا النبض عند عدم تساقطها. وهو (السّجين) يتمنّى لو أنّها تسّاقط بسرعة أكثر لتُحدث ضجيجاً فتجلب انتباه حيوان كجرذ مثلاً أن يأتي فيلعب ليستأنس السّجين برؤية (شيء) حيّ يبدّد ضجره، ولكنْ ليس كلّ ما يتمنّى المرء يُدركه. 

أما المقطع الثاني فيصور ريلكه حالة هذا السّجين النفسيّة وثورته الداخليّة العارمة وقنوطه من نيل الحريّة ولكن عزمه على الصّمود ليعيش. فهو يخاطب نفسه بأنْ ما يتخيل الآن من سماء وريح وهواء يتنفسه وضياء يبصره يصبح حجراً في هذه البقعة الضيقة التي صنعها قلب ويدان وما يكون ما نسميّه (غداً) والآن والسنة القادمة أصبح جرحاً مفتوحاً مملوءً قيحاً، يعني صار دمّلة تمتلئ قيحاً ولا تنفجر فتكون مؤلمة جداً لأنّ القيح لا يزول منها. هذا الجرح / الدمّلة تؤثر عليك إلى حدّ أن تجعلك فاقد العقل فتقهقه دون شعور نتيجة مصابك هذا، ومن كان يرعاك أصبح سجانك يغلق الباب الأخير (الأمل الأخير للحريّة) من السجن الذي انزويت فيه وحيداً. ولكنك بالرغم من كل ما يجري لك لا تزال تؤمن بالحياة. يعني قليلاً من الإيمان أو الأمل أو لثقة بالنفس لأجل الحياة تجعلك حيّاً. 

فالتشبّث الطبيعيّ الدّاخلي (داخل الإنسان) بالحياة بالرّغم من كل الخيبات، الجروح، الظلم، الخسران أو التهميش هو العنصر الحقيقي لنجاة الإنسان واستمراره في الحياة. 

  

I 

ما تزال لِيَـدي حَركَةٌ واحدة لا غير 

بهـا تلاحـق البَلـَلَ المتساقطَ َ 

من الصّـُخـور 

على الأحجـار القـديمة. 

  

إنّني أسمع هذا التَّـساقطَ وحده 

وقلبي يواصل ضرَبـاتِـه 

مع وقـع تسـاقط القطـرات 

ويتلاشى معها . 

  

لو تسـاقطتْ بسرعَـة أكثرَ، 

إذاً لجاء حيـوانٌ مـرَّةً أخـرى. 

ولكان مكاناً أكـثرَ تـألّـُقـاً-، 

ولكنْ ماذا نعـرف. 

  

II 

  

تخَيَّلْ: ما يكون الآن سماءً وريحاً، 

يُنعِـش فمَـكَ بنسيمه ويجعل عينَك برّاقةً، 

سيكون حجراً حتى الموضعَ 

الذي يقع قلبُك ويداك عنده. 

  

وما يُسَـمّى الآن فيك غداً، وثـمَّ 

ومُـؤخَّراً: وفي السَّنة القادمة وما بعدها- 

سيغدو جرحاً فيك ملآنَ قيحاً، 

دمّلة تتقيّحُ ولا تنفجرُ. 

  

وما كان في الذاكرة، أصبح جنوناً 

وهاج فـيك من كلِّ جـانـب 

جاعلاً الفـمَ اللطيفَ الذي لمْ يضحكْ أبـداً،, 

مُـزبِـداً من القهـقهـة. 

  

وما كان إلهاً، أصبح وحدَهُ سجّانَكَ 

وألصَقَ بضراوةٍ عينـاً قذرةً 

في الثّـُقـْب الأخير. 

ولكنّـك ما زلتَ تحيـا. 

  

 

Der Gefangene 

  

Meine Hand hat nur noch eine 

Gebärde, mit der sie verscheucht; 

auf die alten Steine 

fällt es aus Felsen feucht. 

  

Ich höre nur dieses Klopfen 

und mein Herz hält Schritt 

mit dem Gehen der Tropfen 

und vergeht damit. 

  

Tropften sie doch schneller, 

käme doch wieder ein Tier. 

Irgendwo war es heller -. 

Aber was wissen wir. 

  

II 

  

Denk dir, das was jetzt Himmel ist und Wind, 

Luft deinem Mund und deinem Auge Helle, 

das würde Stein bis um die kleine Stelle 

an der dein Herz und deine Hände sind. 

  

Und was jetzt in dir morgen heißt und dann 

und: späterhin und nächstes Jahr und weiter – 

das würde wund in dir und voller Eiter 

und schwäre nur und bräche nicht mehr an. 

  

Und das was war, das wäre irre und 

raste in dir herum, den lieben Mund 

der niemals lachte, schäumend von Gelächter. 

  

Und das was Gott war, wäre nur dein Wächter 

und stopfte boshaft in das letzte Loch 

ein schmutziges Auge. Und du lebtest doch. 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here