كندا الصَّوت وليس الصَّدَى

كندا الصَّوت وليس الصَّدَى

برشلونة : مصطفى منيغ

تلمَسُ الحُبَّ مَتَى تَلَمَّسْتَ بأحاسيسكَ أوراق الأشجار، أو بعينيكَ بساتين الأزهار، أو بيديكَ لُجَيْن ماءٍ مُبْهِجٍ رَشيقٍ لعَوبٍ على المُبارَكةِ من الأنهار، أو بشهِِيَّتكَ أغصان دَوْحٍٍٍ محمّلة بطيب أثمار، نابتة منذ قرون تجدِّد اصفرارها بداية بالاخْضِرار ، وأوان النُّضْجِ بالاحْمِرار ، على امتداد مروج لا يقدر على احتوائها مِنْظار. لِمَا ذُكِرَ أو أكثَر ، حاضنة كأم للكبيرة منهُنَّ كالأصغَر ، بحنان في الطبيعة لا يحتاج تصريفه جُهداً استثنائياً من تلقائيةٍ إلى حِينٍ مجهولٍ مُحَرَّكٌ مُدَار ، بإرادة من يقول للشيء كن فيكون في لحظة أكبر من مفهوم غائبةٍ أو حاضِرة ، سبحان العَالِم بها قياساً لِما ظلَّت فيه للأمر الإلهي منتظرة بدون انتظار ، إذ لا عقل مؤهل للخوض في المسألة غير المرئية حتى بأقوى أداة إبْصَار . التدبُّرُ مُباح والتِقاط ما بَدَا للعين يستحقّ النّقش داخل الذاكرة كأصدق تَذكَار ، كلما شعر المرء بالقُنوط عاد لاستقراء رموزها البادية بسهولة لا تقبل الإنكار ، لموطنها “كندا” التي باتحادها كبيرة ، ولطف أهلها خيِّرة ، ولراحة مَن فوق مساحتها بالحسنى غير مُقَصِّرة ، “كندا” مَن الحُبّ فيها حُباً بِطُعْمٍ مَحبوبٍ آفاقه بالحُبّ دَوْماً نَضِرَة ، قَضَى القدر أن أتجوّل بين مسالكها لأصلَ عجائبها الطبيعيّة ليس للفرجة وإنما للمقارنة والتزوُّد ببعضٍ من أسرار ما وراء العِبَر كامنة أسْمَى عِبرة ، عن أنجح هِجرة.

… التمتّع بما توفره كُبريات المدن وعواصم المقاطعات العشر والأقاليم الثلاث شيء رائع ، لكن الأروع ما تجمَّعَ من حسن صفاء ، في أوسع خَلاء ، دون تدخُّل في طبيعة كريمة العَطاء ، مقبلة على إشباع مخلوقات الأرض حيثما يشح الزّاد ، ويغيب عن الحصاد ، ما يَكْفِي غذاء الأجساد ، وبخاصة في بعض تلك الناطقة أصحابها بلغة الضاد ، يليها مَن أنينها بين القارات زاد ، معروفة مواقعها مَنسيَّة مطالبها غير المحسومة الحد .

كندا مسموعة الصوت مِن غير صدى يقلّل قوة الفهم المباشر لدى المُتَلَقِّي ، مِن أيّ زاوية أرادَ منها الالتقاط ، رغبة في تنمية مداركه كإنسان متطلّع بالفطرة إلى الأحسن ، طبعاً للأمور مقاييسها القانونية ، إن تعلّقت بالحصول على حق لم يُدركه في بلده الأصلي ، لكن النية الحسنه وحدها لا تكفي بل يجب مرافقتها بالدراية التامة الملازمة طموح المَعني بمثل الموضوع ، منها استعمال الحرية بمعنى تحمُّل المسؤولية مهما كان الموقف و الحالة أو الظرف ، في تواضع معزَّز بقوة العقل ، المقبل على جو مغاير تماماً عمَّا كان عليه في مكان يمثل مقام أصله وموطن ازدياده غير المتغيِّر أبداً ، ثم التقيُّد بشروط النظام وعلى رأسها احترام القوانين المُنظمة للشؤون العامة داخل دولة وصلت لما وصلت إليه بذات الاحترام ، الجاعل الفرد هدف النماء الحقيقي ، القائم على الانتاج الجماعي لتطوُّرٍ يطال المجالات جميعها ، في توقيت مُوحَّد ، حتى لا يزيغ نقص ميدانٍ عن آخر ، لما قد يشكل الفاعل إن حصل ، الخلل المؤدِّي للارتباك ، والأخير غير قائم في ذهنية تعوّدت على الدقة وهي تُسَيِّرُ معترك حياتها ، بما تتطلبه من معادلة عادلة بين الحقوق والواجبات . النقطة الثالثة متعلقة بالتحمُّل ، مَن يحب بلداً حباً صادقاً يتناسب مع اختياراته المشروعة المواكبة لانسانيته مهما كان ، عليه بتحمُّل جو مناخها وتضاريس جغرافيتها ، وملازمة ذلك بالحفاظ على نفسه من جميع التقلّبات الممكن حصولها ، إذ المَشْي على جليدٍ تحته ماء نهر أو بحيرة ، ليس كالمشي فوق جليد تحته أرض ، قد يكون الفرد في حاجة لوقت ليضبط خطواتة على سلامة المشي المُوَجَّه أحياناً بعلامات تنبيه مُساعِدة ، وما أكثرها في محيط جاذب اهتمام الزوار صيفاً كان الفصل أو شتاءا ، أختصاراً كندا مدرسة لمن رغب التعلّم المؤهل لتخريج وافدين عليها من مختلف الأقطار ، بمستوى يليق بمن اقتنع أن الحياة سهلة متى عايشها الفاهم الجيَّد لقدراته على مبادلة الوِدّ والتضامن والسلام ، مع سواه مهما كان مستواه الاجتماعي ، أو الأصل المنحدر منه ، أو الدين الذي يعتنقه و…(للمقال صلة)

مصطفى منيغ

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here